بإمكان الكويت بما تملك من فوائض مالية وسمعة طيبة ونظام سياسي مستقر أن تكون قبلة للأنظار في أكثر من مجال، وبالذات في مجال الصناعات الثقيلة والطب والتعليم، فقد كانت الكويت قديما مشهورة بصنع السفن وكانت هذه الصناعة تشكل للكويت مصدرا رئيسيا من مصادر الرزق بنقل التمور من البصرة إلى الموانئ الأفريقية والآسيوية، وتعود محملة بشتى أنواع البضائع، ومع تطور الزمن لماذا لا تتطور صناعة السفن الحديثة بالمشاركة مع شركات عالمية متخصصة تتماشى مع متطلبات السوق؟ أما في مجال التعليم فهناك الآن كثير من أشقائنا في الخليج ممن درسوا في ثانوية الشويخ يتذكرون أياما قضوها في الكويت أثناء الدراسة، مما ترك للكويت محبة واحتراما لا ينسيان، فإقامة جامعات لمختلف العلوم ومعاهد صناعية لبعض الحرف من شأنها أن تجلب للكويت كثيرا من طالبي العلم وهذا بذاته يجعل الكويت مرسومة في أذهان أبناء المنطقة والعالم. أما في مجال الطب، فبإمكان الكويت بما تملك من خبرة ودراية في هذا المجال بالتعاون والشراكة مع بعض المستشفيات في الغرب أن تنشىء فروعا لهذه المستشفيات مزودة بكوادر طبية ذات خبرة عريقة، لتجلب كثيرا من طالبي العلاج إلى الكويت بدلا من إرسال الكويتيين إلى الخارج بكلفة مالية سنوية تقدر بخمسمئة مليون دينار كويتي إن لم يكن أكثر. هناك قطاع كبير من المقيمين في الكويت ممن يعملون في شتى المجالات، ويتخذون من الكويت وطنا لهم ويرسلون معظم مدخراتهم إلى الخارج، ولو أن الحكومة فتحت المجال لهؤلاء المقيمين لاستثمار تلك المدخرات في إقامة بعض المشاريع وتملك بعض العقارات بشروط معينة، لشكل هؤلاء المقيمون رافدا من روافد التنمية. كل هذا ممكن أن يتحقق لو قررت الكويت أن تبدل مسار اقتصادها للحصول على إيرادات خارج نطاق الإيرادات النفطية، بأن تستثمر على الأقل نصف فوائضها المالية في مجالات منتجة داخل البلاد بدلا من ضياع تلك الأموال في الغرب وتعرضها للتقلبات السياسية والاقتصادية في عالم مضطرب، يفقد تدريجيا هدوءه واستقراره مع الأيام. أكثر من شخص أبدى حيرته لضييق أفق الاستثمار في الكويت، منتظرا حوافز تقوم بها الحكومة لتنشيط الدورة الاقتصادية، فالكويتيون أكثر الشعوب حبا لوطنهم ولا تنقصهم روح المغامرة والإقدام لو توافرت لهم تلك الحوافز والظروف المؤاتية، بدلا مما نراه الآن من ركود وجمود، وكأنما هناك من يقول ليس بالإمكان أحسن مما كان.
مشاركة :