تشارك مصر في اجتماعات لوزراء المياه لدول مبادرة حوض النيل الخميس المقبل في أوغندا، للمرة الثانية منذ أعلنت مقاطعة نشاطات المبادرة احتجاجاً على توقيع دول فيها «اتفاق عنتيبي» في العام 2010. ووقعت 6 من دول حوض النيل في العام 2010 الاتفاقية الإطارية لمياه النيل المسماة «اتفاق عنتيبي»، وهي: إثيوبيا، كينيا، أوغندا، رواندا، تنزانيا، وبروندي. وعارضت مصر والسودان الاتفاق، لعدم اعترافه بالحقوق التاريخية لهما في مياه النيل، وقاطعت مصر نشاطات مبادرة حوض النيل بعد التوقيع. وتطلب مصر أن ينص الاتفاق على الحقوق التاريخية لها في مياه النيل البالغ حصتها فيه 55.5 بليون متر مكعب سنوياً، إضافة إلى ضرورة الإخطار المسبق من قبل دول المنبع لدول المصب بأي مشاريع تُقام على مجرى النهر، وأخيراً النص على اتخاذ القرارات بتعديل الاتفاق بالتوافق وليس الإجماع. وقال مسؤول مصري لـ «الحياة» إن القاهرة لم تُغيّر موقفها الرافض لاتفاق عنتيبي. وأكد: «يستحيل توقيع الاتفاق بصيغته الحالية»، موضحاً أن المشاركة في اجتماعات المبادرة للعام الثاني بعد إعلان مقاطعة نشاطاتها، يأتي في إطار سياسة حسن النيات وبناء الثقة مع دول حوض النيل، ولمنح القاهرة فرصة لعرض موقفها من الاتفاق ومجمل رؤيتها بخصوص مياه النيل. وأضاف: «يجب الأخذ في الاعتبار أن التعاون الثنائي مع دول حوض النيل مستمر». ومن المقرر أن يدرس مسؤولو دول حوض النيل في اجتماعهم الخميس المقبل، مشروعات التعاون المشتركة بين دول المبادرة، وبحث السياسات المائية الخاصة بالحوض ودرس تأثير ظاهرة التغيّرات المناخية على مستقبلها، فضلاً عن عرض تقرير عن حالة النهر والسدود عليه، وهو تقرير يُعد كل 5 أعوام. وتسعى مصر إلى الوصول إلى اتفاق مع إثيوبيا بخصوص الاشتراطات الفنية والهندسية لسد النهضة الإثيوبي، وتشغيله. وتنتظر القاهرة توقيع العقود الفنية لمكتب استشاري فرنسي سيعد دراسة فنية عن السد، وتأثيراته المرتقبة على دول المصب. وقالت منى عمر مساعدة وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية مديرة مركز أفريقيا في الجامعة البريطانية في مصر إن مصر لا يمكن أن تغير موقفها من اتفاق «عنتيبي»، ولا من مقاطعة أنشطة مبادرة حوض النيل في ظل التمسك بتلك الاتفاقية، مضيفة: «ما نسعى إليه أن تتفهم الدول الأخرى الموقف المصري المبني على أي أسس مدروسة … مواقفنا ليست مجرد تعنت، ولذلك نسعى إلى التواجد، والتعاون هو المدخل الرئيسي للتعامل مع دول الحوض، وهذا أمر إيجابي». وأوضحت أن «مقاطعة أنشطة المبادرة لا ينفي أن نستمر في التعاون والتواجد، لأن النقاش قد يكون مفيداً، فمثلاً يجب أن تتفهم دول الحوض أن إصرار مصر على مبدأ الإخطار المُسبق لدول المصب بالمشروعات التي تبنيها دول المنبع على مجرى النهر من شأنه الحفاظ على علاقات الدول، وعدم توتيرها». وأشارت منى عمر إلى أن اتفاق «عنتيبي» وقعته 6 دول، لكنه لم يدخل حيّز التنفيذ لأن برلمانات الدول الست لم تصادق بعد على الاتفاق. وأوضحت أن عدم المصادقة على الاتفاق «مؤشر إيجابي على أن تلك الدول لا ترغب في أن إنفاذ هذا الاتفاق رغماً عن دول المصب، وأن لديها الرغبة في أن توقع كل دول الحوض عليه». ولفتت إلى أنه من الممكن تعديل البنود التي ترفضها مصر والسودان، «لكن هذا الأمر سيأخذ وقتاً»، موضحة أن تعديل بعض البنود أسهل من غيرها. واعتبرت أن «أصعب وأهم بند هو المتعلق بالأمن المائي لدول المصب والنص على حصهها التاريخية في مياه النيل».
مشاركة :