ترجمة:ثابت الجرو حلقت الأسهم العالمية إلى أعلى مستوى لها خلال العام الجاري مدعومة بالخطط والسياسات التحفيزية في الاقتصاد والتي أعلنت عنها بعض حكومات الدول المتقدمة، الأمر الذي أدى إلى تخفيف التأثيرات السلبية المباشرة التي سببها تصويت بريطانيا لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، حيث كان للتحركات الأخيرة التي قام بها حزب المحافظين وتعيين تيريزا ماي خلفاً لديفيد كاميرون، والإجراءات التحفيزية التي أعلن عنها بنك إنجلترا، وعدد من البنوك المركزية الأخرى حول العالم، دور مهم في تعافي بورصات الأسهم، حتى مع عدم إحداثها تأثيراً إيجابياً على الجنيه الاسترليني بشكل مباشر، حيث بدد هذا الارتفاع القوي مخاوف المستثمرين وردة الفعل السلبية التي أثارها الاستفتاء البريطاني في ال23 من يونيو/ حزيران الماضي، بحسب تقرير لرويترز. كانت الأسهم الآسيوية قد حققت مكاسب لا بأس بها جعلتها تكسر ولو بشكل ضئيل ما حققته من أرباح خلال شهر إبريل/ نيسان الذي كان الأعلى منذ بداية العام، بينما ارتفعت الأسهم الأوروبية بنسبة 0.2% محققة أرباحاً لليوم الخامس على التوالي. وعلى الرغم من هذه الارتفاعات، ما زال المتداولون يعبرون عن قلقهم وعدم ثقتهم فيما تحقق من نتائج، حيث قال بعضهم إن مخاوفهم المتعلقة بالتأثير السياسي والاقتصادي لمحادثات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي لم تتلاش على الإطلاق، إلا أنها اندثرت لبعض الوقت ومن المؤكد بأنها ستعود لاحقاً. وأظهرت عقود الأسهم الأمريكية الآجلة أن وول ستريت يستعد لتحقيق المزيد من المكاسب من خلال البناء على تلك التي حققها الثلاثاء، وتشير التوقعات إلى أن انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني سيساعد الشركات البريطانية في تحقيق مكاسب جيدة حيث من المتوقع أن يسجل مؤشر فايننشال تايمز أعلى مستوى له منذ أغسطس/ آب الماضي. وينظر العديد من المتابعين والخبراء الاقتصاديين إلى أن هذا الانتعاش في أسواق الأسهم ما هو إلا ردة فعل مؤقتة للإجراءات الأخيرة التي تعتزم بعض البنوك المركزية العالمية اتخاذها لتهدئة الأسواق، بينما يصر البعض على إمكانية عودة الأسواق إلى مسارها الحقيقي رغم تصويت بريطانيا لصالح الانسحاب، حيث يرى توبايس ديفيز، رئيس مبيعات الخزانة المشتركة في الاتحاد الغربي في لندن، أن هذا الارتفاع الأخير ليس سوى تحليق مؤقت ناتج عن تفاؤل المستثمرين بخطط رئيسة الوزراء الجديد تيريزا ماي، واحتمال امتلاكها عصا سحرية ربما تقود بها بريطانيا إلى بر الأمان، مؤكداً أن الوضع في المستقبل ما زال مملوءاً بالعديد من التحديات والصعوبات، وأن ما تشهده الأسهم حالياً ليس سوى طفرة مؤقتة ناتجة عن العوائد السلبية التي تسود معظم أسواق المال العالمية في سويسرا وألمانيا واليابان، إلا أن الحقيقة الوحيدة هي أن المشهد الاقتصادي المستقبلي يبدو مخيفاً ومحبطاً. وكان الجنيه الاسترليني، بانخفاضه التاريخي الذي بلغ نحو 14% منذ كارثة الاستفتاء، قد حقق أعلى مستوى له أمام الدولار خلال أكثر من أسبوع، ورغم ذلك فإن أي ارتفاع طفيف في قيمته لن يستمر طويلاً مع وجود العديد من المستثمرين المستعدين للبيع الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاضه بشكل أكبر خلال الأشهر القادمة. ولن يكون النقاش بين متداولي العملات خلال الساعات القادمة حول فيما إذا كان بنك إنجلترا في اجتماعه اليوم سيخفض سعر الفائدة أم لا وإنما سيكون النقاش حول كم ستكون نسبة الانخفاض، مع المخاوف المتزايدة حول مصير الوضع الاقتصادي للبلاد خلال الأشهر المتبقية من هذا العام. ومع كل ما يحدث من تطورات في الأسواق، يتوقع بعض خبراء الاقتصاد أن يكون تأثير انسحاب بريطانيا من الأوروبي مقتصراً فقط على النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة، إلا أن آخرين ومن بينهم كيت جوكيز، المحلل الاقتصادي في سوسيتيه جينيرال، يعتقدون بشدة أن الآثار لن تكون مقتصرة على بريطاني فقط، وإنما ستطال الجميع، مضيفاً إنني مندهش من الحماسة المفرطة التي يظهرها البعض حول عدم تأثر النمو الاقتصادي الأمريكي والأوروبي بانسحاب بريطانيا والتباطؤ الذي من المحتمل أن يحدث، ذلك لأن وجهات النظر تلك تتعارض بشكل كامل مع الحقيقة التي تؤكد الترابط الوثيق بين معدلات النمو في الاقتصادات العالمية.
مشاركة :