فرنسا تنوي تعزيز حضورها العسكري ضد «داعش» بسوريا والعراق

  • 7/15/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

رغم تأكيد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، أن التهديد الإرهابي ما زال قائما بالنسبة لفرنسا، فإنه قرر الامتناع عن تمديد العمل بحال الطوارئ السارية منذ ثمانية أشهر، أي منذ العمليات الإرهابية التي ضربت باريس ليل 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. بيد أن هذا الإجراء لا يعني أن حالة التأهب الأمني قد تراجعت أو أن الوسائل القانونية والمادية والبشرية الضرورية لتدارك الإرهاب ستتراجع بدورها. وبما أنه وفيّ للخط الذي رسمه في هذا الموضوع منذ ثلاث سنوات على الأقل، فإن هولاند عازم على الانخراط أكثر فأكثر في محاربة الإرهاب في الداخل والخارج. هذه المواقف جاءت بعد يوم واحد من قرار السلطات الفرنسية إلغاء الاحتفالات بالعيد الوطني في تركيا وإغلاق السفارة في أنقرة والقنصليتين الفرنسيتين في إسطنبول وإزمير بعد الكشف عن مخطط إرهابي للاعتداء على الوفد الرياضي الفرنسي الذي سيشارك في الألعاب الأولمبية التي ستجرى ابتداء من 5 أغسطس (آب) في مدينة ريو دي جنيرو، في البرازيل. وقد اغتنم الرئيس هولاند مناسبة المقابلة الصحافية التقليدية بمناسبة العيد الوطني للتطرق لجميع المواضيع السياسية والاجتماعية، ولكن أيضا الخارجية. وسبق له أن تناول النقطة الأخيرة في الكلمة التي ألقاها مساء الأربعاء أمام القادة العسكريين بحضور وزير الدفاع جان إيف لو دريان والمشاركين في العرض العسكري التقليدي الضخم الذي جرى صباح أمس، وككل عام في جادة الشانزليزيه. يقول هولاند إن التهديد الإرهابي «ما زال موجودا وهو نفسه، لأن لنا العدو نفسه وهو موجود في سوريا والعراق كما أن له تمدداته هنا في أوروبا» في إشارة إلى تنظيم داعش. أما صورة هذا العدو الذي لم يسمه مباشرة، فهو «الإسلامي الأصولي المتعصب» والتنظيم القادر على «استخدام أفراد هنا لا علاقة لهم أحيانا بالعراق وسوريا». إزاء هذا العدو الموجود في الداخل والخارج، فإن الرئيس الفرنسي يدعو إلى «التشدد» في العمليات الجارية ضد «داعش» في العراق وسوريا. أما ترجمة ذلك عمليا، فإن باريس تخطط لزيادة الدعم العسكري الذي تقدمه للعراق من أجل استعادة الموصل وستقوم بإرسال مستشارين عسكريين إضافيين. ويأتي إعلان باريس عقب ما صدر عن الإدارة الأميركية التي سترسل نحو 500 رجل إضافي إلى العراق تمهيدا لمعركة الموصل التي تريد باريس أن يكون لها حصة فيها. وأفاد هولاند أنه سيكلف رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والخارجية بإطلاع اللجان البرلمانية على القرار لأنه «قرار خطير». وقد سبق لهولاند أن دعا التحالف الدولي إلى عدم الاكتفاء بضرب «داعش» بل ضرب «النصرة» وبالقوة نفسها، لأن إضعاف التنظيم الأول سيوفر القوة للتنظيم الثاني، وبالتالي يتعين التعاطي معه بالدرجة نفسها من القساوة. فضلا عن ذلك، ستعمد باريس إلى إرسال حاملة الطائرات شارل ديغول التي تعمل بالدفع النووي في الخريف المقبل إلى المنطقة، ولكن من غير تحديد ما إذا كانت ستبحر في مياه المتوسط مقابل الشاطئ السوري أو في الخليج. وقال هولاند للجنود مساء الأربعاء: «سوف نعمد لتكثيف مشاركة القوات البرية لدعم العراقيين في معركة الموصل» مضيفا أن «المجموعة البحرية المكونة مع حاملة الطائرات شارل ديغول سيعاد نشرها في إطار العملية العسكرية (شمال) في الخريف المقبل إذ علينا أن نضرب وأن ندمر من قام بالاعتداء علينا هنا (في فرنسا) في شهري يناير (كانون الثاني) ونوفمبر عام 2015». وليست المرة الأولى التي ترسل فيها «شارل ديغول» إلى المنطقة بل الثالثة وقد تنقلت بين مياه الخليج ومياه المتوسط. وتنشر باريس قوة جوية في قاعدة أردنية كما أن لها سربا من الطائرات الحربية في القاعدة الجوية - البحرية التي تستخدمها في إمارة أبوظبي. لكن الرئيس الفرنسي امتنع عن إعطاء تفاصيل عن «المستشارين» من القوات الأرضية الذين سيرسلون إلى العراق أو إلى سوريا علما بأن فرنسا أرسلت ما بين 300 إلى 400 «مستشار» لتدريب القوات العراقية والبيشمركة الكردية كما أن لها وحدات كوماندوز يحظر نشر تفاصيل عن حضورها أو عن تحركاتها. كذلك كشف وزير الدفاع جان إيف لو دريان عن مشاركة مجموعة من القوات الفرنسية الخاصة إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية» في معركتها لاستعادة مدينة منبج من أيدي «داعش». وحرص هولاند على الإشارة، أمس، إلى أن القوة التي سترسل إلى العراق «لن تشارك ميدانيا» في المعارك الأرضية وإنما دورها محض «استشاري». أما داخليا، فإن الجديد الوحيد الذي أعلنه الرئيس هولاند فهو الامتناع عن تمديد العمل بحالة الطوارئ التي ستنتهي في 26 يوليو (تموز) الحالي بعد مد العمل بها مرتين. فالرئيس الفرنسي يعتبر، من جهة، أنه «لا يمكن التمديد إلى ما لا نهاية» لأن الطوارئ «حالة استثنائية» ولا يمكن لفرنسا الديمقراطية أن تعيش في ظلها باستمرار. ولكن، من جهة ثانية، ما يسمح بالتخلي عنها هو توافر قوانين جديدة «توفر الوسائل الضرورية لمحاربة الإرهاب» وبالتالي فإن وجود حالة الطوارئ أو عدم وجودها لن يغير في واقع الأمور شيئا. وفي السياق نفسه، فإن المناسبات الكبرى التي عرفتها فرنسا منذ اعتداءات نوفمبر، قد مرت أو شارفت على الانتهاء، وهي تباعا: قمة المناخ في الشهر الأخير من العام الماضي ومباريات البطولة الأوروبية في كرة القدم «يورو 2016» التي جرت ما بين 10 يونيو (حزيران) و10 يوليو، والعرض العسكري التقليدي الذي جرى أمس، الذي يجتذب عشرات الآلاف من الناس، وآخر المناسبات سباق الدراجات الهوائيات الذي ينتهي في الأيام المقبلة. بالنظر لهذه التطورات ومع المحافظة على أعلى درجات التأهب الأمني والإبقاء على التدابير المعمول بها على حالها لجهة إعداد الشرطة والدرك الموكلين بالسهر على الأمن، فإن السلطات الفرنسية ستخفض عدد العسكريين المساهمين بالخطة الأمنية من 10 آلاف إلى سبعة آلاف. وقد سبق للقادة العسكريين أن عبروا عن رغبتهم في خفض مساهمة القوات المسلحة في التدابير الأمنية الداخلية بسبب انتشارها في ميادين خارجية، خصوصا في أفريقيا، والحاجة إلى إراحتها وخضوعها لتدريبات وتمارين عسكرية دورية.

مشاركة :