سنة على الاتفاق النووي الإيراني: النتائج ما زالت غامضة وبناء الثقة مهتز

  • 7/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشكل الذكرى الأولى لإبرام إيران اتفاقاً نووياً مع قوى الغرب خير مناسبة للتدقيق في ما حققته هذه «الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني». لكن الأهم هو اغتنام هذا الحدث واعتباره فرصة لتذكير أنفسنا بأن الاتفاقية المذكورة هي عملية بناء ثقة ممتدة على عشر سنوات أو أكثر بين طهران والغرب، وطهران وجيرانها، ومختلف الجهات في إيران. وبالتالي، سيكون من الضروري تنسيق الجهود بين جميع الأطراف لتفعيل بنود هذه الأخيرة. كيف تم التوصل إلى الاتفاقية النووية؟ كثر الكلام عن إقدام إيران على بناء رأس مال اجتماعي نتيجة إبرامها ، وعن استعادة دورها في الاقتصاد العالمي، وعن تزايد الفرص التعليمية، وعن إسهام زيادة رأس المال الاجتماعي الإيراني في منح البلاد دوراً مناسباً في المنطقة. برأيي، لطالما امتلكت إيران رأس مال اجتماعياً ضخماً ، فشعبها حيوي، وقاعدتها الاقتصادية متينة، وتاريخها غني، وهي أمور سهلت التوصل إلى الاتفاقية المذكورة. أقر الشعب الإيراني بالضرر الناتج من العقوبات، واتحد في مطالبته برفعها. وبكل بساطة، قرر الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف تنفيذ المهمة بموافقة خامنئي. لكن ما الذي حققته «الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني»؟ من الأفضل النظر إلى ما حققته الاتفاقية من منظار إنجازات روحاني خلال السنوات الثلاث الماضية. ويشمل بعض منها الاستقرار الاقتصادي ومسار نمو إيجابياً عموماً بالمقارنة بما كان عليه في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد، واستقرار سعر صرف العملة، وتراجعاً كبيراً لمستويات التضخم، وازدياداً لحجم الموارد المالية ومشاركة للقطاع الخاص. إن التركيز المفرط على «الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني» خلال السنة الأولى بعد إبرامها هو عمل جنوني، كونها عملية بناء ثقة تمتد على سنوات عديدة وبالتالي، لا يزال الوقت مبكراً للحكم عليها، وإن سادت رغبة جامحة في القيام بذلك. صحيح أن موافقة خامنئي سمحت بتمكين «الاتفاقية الشاملة للبرنامج النووي الإيراني»، والآن، بات من الضروري توفير رؤية مماثلة لإيران، كي تتمكن من إجراء التغييرات الضرورية لتفعيل الاتفاقية على أكمل وجه. وفي هذا السياق، لا بد أن تكون التوقعات جدية وواقعية. وبالكلام عن الواقعية، ليس الوضع مثالياً ولا يزال الدرب طويلاً لتنفيذ الاتفاقية وضمان دور بناء لطهران في المنطقة. والحال أن المجتمع الدولي يشعر ببعض الارتباك، وعن حق، بسبب الرسائل المتفاوتة التي تصدر عن طهران، بعد أن شككت بعض الأصوات في الاتفاقية وسبق أن أعلنت عن فشلها. من الساذج التفكير في أن مشاكل إيران ستتبخر بين ليلة وضحاها. لكن بعض الأصوات تروج لسياسات بناءة ومبددة للتوتر في المنطقة، ولا يمكن تجاهلها على الإطلاق. وتواصل دول الجوار مساعيها لرصد الأصوات البناءة في طهران، التي لا تقتصر على المصلحين - بل تشمل أيضاً أي طرف يروج للاستقرار الاقتصادي والأمن في المنطقة. بعد أن كان التوافق سائداً في شأن ضرورة رفع العقوبات، لا بد من توفير توافق مماثل لدعم محادثات إقليمية. ولا بد أن تكون الخطوة التالية من اختيار إيران، وفي حال تحلى القادة بالصبر، وصاغوا رؤية محلية ودولية واضحة، والأهم من ذلك، اتخذوا الخطوات الصعبة الضرورية لتحقيق هذه الرؤية، فستمضي إيران والمنطقة قدماً على درب تحقيق ازدهار وأمن أكبر. ولكن في حال نام هؤلاء القادة على أمجادهم وفضلوا المواجهة على المشاركة، واستسلموا للوضع الراهن، فستكون توقعات الاتفاقية، والأهم من ذلك المنطقة، سلبية.

مشاركة :