في يوليو الماضي، كشف رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، عن المسكوت عنه في الجانب الاقتصادي بخصوص الأحداث التي تشهدها اليمن منذ الانقلاب الحوثي. لم تسمح الدوائر الاقتصادية النافذة في المجتمع الدولي بنزع إدارة الاقتصاد اليمني من الانقلابيين، الأمر الذي أعاق بيع النفط الذي تنتجه مناطق الشرعية، لأن العائدات ستذهب إلى البنك المركزي الذي يسيطر عليها الانقلابيون. وفي قراءته للأزمة الحادة التي تعاني منها البلاد جراء الأزمة المعيشية، اقال بن دغر ان الانقلابيين يستغلون الهدنة الاقتصادية ويقومون بالتمادي في حربهم على الشعب اليمني. وترجح تقارير أن يلجأ الانقلابيون إلى خطوة كارثية على الاقتصاد اليمني وهو تعويم المشتقات النفطية، وهو ما سيؤدي إلى جنون الأسعار أكثر مما هو حاصل الآن. وكشفت وثيقة مسربة إلغاء ميليشيات الحوثي لقرار تعويم المشتقات النفطية وتحديد سعر اللتر للبترول والديزل. وحددت الوثيقة أسعار مادتي البترول والديزل للتر الواحد بـ180 ريالاً أي بـ3600 ريال لكل 20 ليتراً. واستبعد خبراء الاقتصاد أن يلتزم بهذا القرار أصحاب السوق السوداء التابعين لجماعة الحوثي لأن ذلك سيوقف متاجرتهم بمعاناة الفقراء ولن يتغير في الأمر شيء. تقف وراء هذا التدهور الكارثي لمصادر الحياة في اليمن جملة من الإجراءات الارتجالية غير المدروسة التي قام بها الانقلابيون، حيث إن إدارة الاقتصاد، كما ثبت بالدليل القاطع، أكبر من إمكانيات هذه الفئة التي لا خبرة لها سوى في شن الحروب. وقالت مصادر مطلعة إن البنك المركزي اليمني، الذي يديره الانقلابيون، توقف في فبراير الماضي عن إعلان أسعار الصرف التفضيلية للتجار المحليين المستوردين للأرز والسكر. وكان ذلك أيضاً سبباً في تعطيل إمدادات الغذاء. شفا المجاعة وفي أحدث تقرير عن الوضع الاقتصادي، ذكر خبراء أن اليمن على شفا المجاعة. وتقول مصادر في مجالي التجارة والمساعدات الإنسانية إن مناطق كثيرة في اليمن توشك على الانزلاق إلى المجاعة لأسباب منها عجز المستوردين عن شراء كميات جديدة من السلع الغذائية من الخارج في الوقت الذي تسببت فيه الحرب الأهلية في احتجاز أكثر من 200 مليون دولار بالبنوك. وبحسب تقرير لوكالة رويترز، كانت بنوك غربية قد قلصت بالفعل خطوط الائتمان للشركات التجارية التي تشحن مواد غذائية إلى اليمن خشية أن تعجز عن السداد بسبب الفوضى الأمنية وهشاشة النظام المالي. والآن تزايد عزوف البنوك عن إصدار خطابات الائتمان التي تضمن للجهات البائعة السداد في الموعد المتفق عليه. وترفض البنوك تقديم ضمانات لأن النظام المصرفي أصيب بالشلل. وقال مصدر يعمل في تجارة السلع الأولية الدولية ويشارك في تجارة المواد الغذائية مع اليمن وعلى دراية بمشاكله المالية إنه لا يمكن تحويل ما يصل إلى 260 مليون دولار محتجزة بعملات أجنبية مختلفة في بنوك يمنية إلى الخارج لأسباب منها انقطاع العلاقات مع كثير من البنوك الغربية. وأكد مسؤول في مجال المساعدات أيضاً أن حجم المبالغ المجمدة لا يقل عن 260 مليون دولار. ويعني هذا أن على التجار سحب الأموال في اليمن ثم إرسالها إلى الخارج - بالطائرة في العادة - وهو حل محفوف بالصعوبات في زمن الحرب. المخزونات الاحتياطية ودون توفر سلع أساسية مستوردة مثل القمح والطحين (الدقيق) تقول الأمم المتحدة إن مناطق كثيرة في اليمن تقترب الآن من المجاعة مع سحب معظم المخزونات الاحتياطية. وقال المصدر الذي يعمل بتجارة السلع الأولية: هذه المشكلة تزداد سوءاً ولا يستطيع أي بنك يمني تحويل أموال للخارج مباشرة. وعليه نقل الأموال جواً إلى أقرب بلد وإيداع الأموال في حسابات في الخارج. وأضاف: هذه الأموال ستظل على الأرجح محجوزة في المستقبل المنظور. وفي نظر مستوردي القطاع الخاص هذه مجرد عقبة أخرى وعلامة أخرى على الأزمة المتدهورة في جلب السلع إلى البلاد. كما أكد مصدر المساعدات الإنسانية المطلع أيضاً على مشاكل التمويل إن جهوداً بذلت لنقل أموال للخارج جواً لاستخدامها في سداد قيمة سلع. وقال المصدر: مازالت هناك أموال كبيرة محتجزة داخل اليمن بسبب غياب عمليات المراسلة المصرفية أو التمويل التجاري الأساسي للمستوردين اليمنيين. وأضاف: لا يوجد تمويل خارجي يمكنهم الحصول عليه لتوفير ضمانات للشركات الأخرى التي يشترون منها بأنهم سيحصلون على مستحقاتهم. ونقل المال جواً للخارج أحد الوسائل لكن حتى هذا من الصعب تدبيره. تسهيلات التحالف وقال مسؤول في بنك من بنوك الدولة في اليمن لـرويترز إن التحالف العربي بقيادة السعودية سمح بنقل ما يصل إلى 100 مليون دولار من ثلاثة بنوك تجارية بالطائرة إلى البحرين في وقت سابق من العام الجاري. وقال المسؤول والمصدر التجاري إن هذه الأموال أودعت في حساب لدى بنك التضامن الإسلامي الدولي اليمني في السعودية وهي عملية استغرق إتمامها شهوراً. وقال المسؤول: مع ذلك خسرت البنوك مالاً كثيراً من خلال ذلك لأن قيمة استئجار الطائرة التي نقلت الأموال بلغت نحو 600 ألف دولار. وقال مسؤولون آخرون ببنوك تجارية يمنية إن مساعي أخرى بذلت لمحاولة نقل مزيد من الأموال إلى البحرين. تصنيف المجاعة قالت الأمم المتحدة إن الاقتصاد اليمني يوشك على الانهيار وإن مناطق كثيرة معرضة لخطر المجاعة وهي كلمة تقتصد المنظمة الدولية في استخدامها ولا تستعملها إلا عندما تتوفر معايير معينة. وأضافت إن عشرة من محافظات اليمن البالغ عددها 22 محافظة أصبحت الآن في المرحلة الرابعة أي بلغت وضعاً استثنائياً. وإذا بلغت منطقة المرحلة الخامسة تعلن المجاعة فيها.
مشاركة :