نزل مؤيدو حركة «حماس» وأنصارها الى الشوارع، خصوصاً في مدينة غزة، استنكاراً لـ «الانقلاب العسكري» الفاشل في تركيا، وابتهاجاً بـ «الانتصار العزيز» وعودة الحليف الرئيس رجب طيب أردوغان الى سدة الحكم. ورفع عشرات من أنصار الحركة الذين احتشدوا في ميدان فلسطين «الساحة» وسط غزة صباح أمس بناء على دعوة من قيادتها، صور أردوغان وأعلاماً تركية، ورددوا هتافات داعمة له. وبدا أن قادة الحركة لم يغمض لهم جفن ليل الجمعة - السبت، إذ ظلوا يتابعون الأوضاع الميدانية عبر اتصالات خاصة مع مسؤولين أتراك وعرب، وعبر وسائل الاعلام التي نقلت ببث حي ومباشر تفاصيل الانقلاب على الهواء مباشرة. وأصدرت الحركة فجر أمس، وبعد قليل على إعلان فشل الانقلاب، بياناً داعماً لأردوغان. لكن فرحة «حماس» لا تعكس كل الواقع بين الفلسطينيين في قطاع غزة، إذ إن قسماً منهم «رحّب» بـ «الانقلاب» و «تمنى» النجاح للانقلابيين بغض النظر من يكونون «نكاية» في «حماس» حليفة أردوغان، العضو البارز في التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»، كما قال بعضهم لـ «الحياة». ومرة أخرى، تكشف قضية جدلية مدى تراجع شعبية الحركة الإسلامية التي تسيطر، منفردة، على قطاع غزة منذ 14 حزيران (يونيو) عام 2007، بعدما أقصت شقيقتها «اللدودة»، حركة «فتح»، وطردت عناصر أمن السلطة، وأحكمت قبضتها على القطاع. وأبدى بعض الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي استغرابه من استنكار «حماس» هذا «الانقلاب»، وهي التي «انقلبت» على السلطة الفلسطينية في غزة. وأبدى بعض الناشطين «شماتة» في الحركة، قبل أن يتبين مصير «الانقلاب»، فيما دافع آخرون من الحركة وأنصارها عن «الشرعية» و «الرئيس الشرعي» أردوغان. في الوقت نفسه، اتخذ بعض الناشطين موقفاً وسطاً، ووجه النصح للحركة بأن تستخلص العبر من تجربتها مع نظام الحكم في مصر عندما اتخذت موقفاً «داعماً» للرئيس المخلوع محمد مرسي، و «عدائياً» ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي. وعبر هؤلاء عن رفضهم التدخل في شؤون دول أخرى وإعلان مواقف مع هذا الطرف أو ذاك باسم الشعب الفلسطيني، ودعوا الحركة الى إعلان مواقف باسمها وليس باسم الشعب الفلسطيني في مثل هذه الإحالات، مستخلصين العبر من تجربتي مصر واحتلال العراق الكويت قبل ربع قرن. وقال القيادي في «حماس» اسماعيل رضوان أمام الحشد في ميدان فلسطين إن «الشعب الفلسطيني يقف اليوم وفاءً وتضامناً مع الشعب التركي، ويعلن رفضه الانقلاب العسكري والمؤامرات التي وقعت ضد الشرعية التركية». وأضاف: «نعلن موقفنا وتأييدنا مع الشرعية التركية لأنه موقف أصيل يتناسب مع القيم والاخلاقيات، ونقول حفظ الله تركيا رئاسة وحكومة وشعباً وأحزاباً». وشدد على أن الشعب الفلسطيني لن ينسى مواقف تركيا البطولية مع الشعب الفلسطيني. ووجه التحية لأردوغان، قائلاً: «إن غزة لم تنم الليلة، وكانت تتابع على مدار الساعة لأنها من الليالي الصعبة على فلسطين، ونحمد الله أن مرت على الشعب التركي بسلام». وأشار إلى أن «الشعب الفلسطيني اكتوى بويلات الحصار والظلم والعدوان، ورفضَ الخروج عن نتائج الانتخابات التي أفرزت فوز حماس عام 2006، ويؤكد اليوم رفضه الخروج على نتائج الديموقراطية واختيار الشرعية في تركيا». كما نزل مئات من أنصار «حماس» الى شوارع مدينة خان يونس جنوب القطاع صباح أمس دعماً لأردوغان. وهنأ القيادي في الحركة يونس الأسطل الشعب التركي وحكومته ورئاسته على «النصر وإفشال محاولة الانقلاب على الشرعية والخيار الديموقراطي الذي اختاره الشعب». وأضاف: «أن العصابة التي يقودها (المعارض فتح الله) غولن، تؤكد أن ما حدث ليس مؤامرة تركية بحته، بل مؤامرة دولية، والدليل الأكبر ترويج بعض وسائل الإعلام الغربية والعربية لنجاح الانقلاب، ليوهنوا الناس بنجاحه، ويزرعوا في نفوسهم الخوف واليأس». وتابع : «لكن الإعلام الإسلامي كان يبث حقيقة حجم التأييد، وتباشير النصر، في دليل على أن الشعوب تخطت مراحل طأطأة الرؤوس للعسكريين الذين يفرضون أحكاماً عرفية، ويحكمون الناس بالحديد والنار». وتقدمت «حماس» في بيانها «بالتهنئة لهذا الشعب العظيم وقيادته المنتخبة، وعلى رأسها الرئيس أردوغان، وأحزابه الأصيلة وقوات الأمن وجيشه المخلص على انتصارهم العزيز في الحفاظ على الديموقراطية والحرية والاستقرار». وقالت إنها «تستذكر مواقف تركيا وقيادتها الحكيمة في دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والعمل على رفع الحصار عن قطاع غزة». من جهته، تساءل القيادي في حركة «الجهاد الاسلامي» خالد البطش على حسابه على «فايسبوك»: «هل المطلوب أن تكون مع البديل الصهيوني لأنك تكره أو تحب أوردغان؟». وتابع: «أهنئ الشعب التركي الشقيق بانتصاره على فكر وتاريخ الانقلابات المشين الذي اتبعه قادة العسكر في تركيا منذ إسقاط الخلافة العثمانية قبل 100 سنه تقريباً». وزاد: «بصرف النظر عن المواقف الشخصية أو السياسية من سياسة أوردغان في المنطقة والإقليم، سواء اتفقنا معه أو اختلفنا في شأن أدائه السياسي، إلا أننا لسنا مع فكرة الانقلابات العسكرية على خيارات الشعب التركي» لأن «البديل هذه المرة سيكون إسرائيل برجالها لتحكم تركيا مجدداً، وتعيدها بكل مؤسساتها الى الحضن الصهيوني وإرادته».
مشاركة :