العُمري : استصدار قوانين صارمة لوقف العنف الجسدي والمعنوي على الأطفال

  • 1/31/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

الرياض جبير الأنصاري شدد الباحث المتخصص في علوم التربية والاجتماع والإعلام الأستاذ سلمان بن محمد العُمري على ضرورة استصدار قوانين صارمة لوقف العنف الجسدي والمعنوي سواء كان من قريب؛ كالأب والزوج أو من بعيد، واستصدار قوانين صارمة ضد التحرش الجنسي ضد الفتيات والشبان، مؤكداً أهمية ترسيخ مجموعة من المفاهيم في المجتمع السعودي على مستوى الأفراد والمؤسسات التربوية والاجتماعية وفي مقدمتها التأكيد على حرمة الحياة الإنسانية عامة؛ سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وذلك بتعظيم الحياة الإنسانية وحفظها وحرمة القتل، وحفظ حياة وحقوق غير المسلمين، والتأكيد على منع العنف والاعتداء الجسدي والمعنوي. جاء ذلك في دراسة بحثية صدرت حديثاً في كتاب للزميل الأستاذ سلمان بن محمد العُمري تحت عنوان : (حقوق الإنسان في الإسلام .. المجتمع السعودي .. أنموذجاً)، حيث طالب بفرض العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد بأنواعه والظلم، مؤكداً أن من أسباب الفساد : غياب التشريعات والأنظمة التي تكافح الفساد، أو وجود تشريعات قاصرة في تعريفها لمفهوم الفساد ورؤيتها الجزئية لوسائل محاربته. ودعا إلى إصدار قوانين لحفظ حياة غير المسلمين، و قوانين للتعايش السلمي مع المختلفين في المذاهب والأديان، وقوانين صارمة لمن يثبت عليه التجسس والتحسس على عورات الناس وبيوتهم، وقوانين صارمة للطعن في الأنساب والأحساب والأشكال والألوان، وقوانين صارمة لحفظ حقوق النساء في جميع الاتجاهات، وبخاصة الأرامل والمطلقات، حيث أكدت صفحات الدراسة إنسانية المرأة وكرامتها، وتقريرٌ لأهليتها الاجتماعية الاقتصادية والعلمية، واستصدار قوانين صارمة لحفظ حقوق العمل والعمال . وأكدت توصيات الدراسة حرمة الحياة الخاصة للإنسان في محيط مسكنه وأسراره ؛ فلا يحق لأحد كائناً من كان أن يتجسس ويتتبع سقطاته إلا إذا ظهر أنه أخلَّ بالنظام العام، وأن الطعن في الأفراد بأشكالهم أو ألوانهم أو أنسابهم أو ألقابهم مرضٌ عضال لا يكون إلا في المجتمعات المختلفة؛ فهذه العصبيات لا تأتي بخير لأحد تجلب الإثم وتوغر الصدور، وتسبب الفرقة بين الإخوة وتفتت الوحدة الوطنية. وتضمنت صفحات الكتاب تقريرٌ للحقوق الاقتصادية كحق الملكية وفق مصلحة الفرد والجماعة، وحق العمل والعمال، وحق الحصول، والحق في أجرٍ عادلٍ ومنصف والحق في الراحة والحصول على إجازة، وأهمية رعاية الحقوق على الأمن والاستقرار والمواطنة الصالحة؛ فلقد بات واضحاً ــمن خلال التجارب التاريخيةــ أن النظم السياسية تفشل حين تهمش فيها الحقوق ذات المضمون الاجتماعي مثل العدالة الاجتماعية والعدالة بين البشر والحرية المنظمة. وكان المؤلف الأستاذ العُمري قد كتب في المقدمة يقول : إن كرامة الإنسان وحقـــوقه مطلـــبٌ لا يقبــــل المساومــــة ، فـهي حقٌ أصيـــل قد كفلها الله ــ سبحانه ــ للبشرية ؛ لذا لا يمكن أن يتنازل عنها، وهذه الحقوق لطالما أُهدرت في عهود ٍ طويلة على مرِّ التاريخ الإنساني ، ولا يزال هذا الإهدار يتجسدُ في صور متعددة في عصرنا الحاضر أيضاً، ولقد جاء الإسلام مرسِّخاً لتلك الكرامة والحقوق لكافة البشرية حاملاً شعاراً عظيماً متوجاً بقوله تعالى : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}الإسراء: ٧٠، ففي (لقد) تأكيد أن اللام الواقعة في جواب قسم مقدر و(قد) المفيدة للتحقيق، وهو إعلانٌ إلهيٌ لتكريم الإنسان الذي سُخِّرتْ له القوى كافةً لتنصاع لأمره وتظفر قضية حقوق الإنسان بأهمية كبرى في العصر الحديث على مستوى الشعوب والدول والمنظمات الدولية، والحديث عن حقوق الإنسان وتاريخه حديثٌ طويل لا يمكن حصره في هذه الجزئية من البحث. وأضاف : هذا الكتاب عبارة عن مشاركة لتعزيز ثقافة الحقوق في مجتمعنا السعودي خاصة وفي المجتمعات الإسلامية عامة وفق ما جاءت به الشريعة الإسلامية، وهو محاولة أيضاً لتشجيع ثقافة احترام حقوق الغير بين أفراد المجتمع ومؤسساته التربوية والاجتماعية؛ فالسلوك التربوي الحميد ينطلق حينما نؤمنُ جميعاً بحقوق الآخرين، وهذا لايتأتَّى إلا بنشر مثل تلك الثقافات التي يجب أن تكون هاجساً لنا وللمؤسسة التربوية التي تنطلق من المدرسة، ومن المؤسسة الاجتماعية وعلى رأسها البيت السعودي الأسرة السعودية؛ فهذه الحقوق يجب تعزيزها في أنفسنا أولاً لأنها جزءٌ من احترامنا لأنفسنا، وعليه فيجب أن نشجع أولادنا ونغرس فيهم قيمة حقوق الغير مع جميع البشر سواءٌ على المستوى القريب أو البعيد . وأكد أن تعزيز الثقافة الحقوقية في مجتمعنا لايتم إلا بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان؛ ليعلمَ كلُّ أحدٍ منا ماله وما عليه سواءٌ كان والداً أو ابناً أو زوجاً أو زوجة، فهذا من شأنه أن يشكل مناخاً صحياً لاحترام حقوق الإنسان، كما أن تعليم حقوق الإنسان يتطلب قبل تعليمه تهيئة مناخ وبيئة تعزز هذه الثقافة وتحترمها، فالتربية على حقوق الإنسان سبيل يتعلم من خلالها الناس على حقوقهم وحقوق الآخرين ضمن إطار من التعلم يقوم على المشاركة والتفاعل، كما إن هذا الكتاب مشاركة أيضاً لتمكين الناس ومساعدتهم على اكتساب المعارف والمهارات التي تجعلهم قادرين على السيطرة على حياتهم وتكوين المواقف من القضايا المعاصرة، بما تعززه من ملكات التفكير النقدي والتحليل المنطقي، فتأسيس بيئة تحترم حقوق الإنسان يتطلب مناخاً تحترم فيه هذه الحقوق وتعزز فيه قيم الحوار والاختلاف والتسامح واحترام الغير عبر تعزيز شبكة العلاقات بين الأطراف المعنية في هذه البيئة على أساس التشارك والاحترام المتبادل وتقبل الآخر، فلا يمكن أن نعلم حقوق الإنسان في بيئة يسودها العنف والإذلال أو التحيز والتمييز، فالبيئة التي يسودها الخوف والضعف والتي يحجم فيها المدرسون أو الطلاب من الشكوى أو الجهر بالسلبيات تثبط مراعاة حقوق الإنسان ولا تشجع عليها كما أن الكتاب محاولة للتدريب على الفاعلية والمشاركة في الحياة العامة التي تنطلق من ردهات المجتمع والمدرسة؛ ليساهم الناس في المعرفة والمشاركة واتخاذ القرارات المتعلقة بشأنهم، وهو ما يوجد علاقة إيجابية بين كافة أفراد المجتمع ومؤسساته، وهذه العلاقة تجمعهم تحت مظلة الحقوق وتطبيقاتها في مجتمعنا السعودي بل والمجتمعات الإسلامية، ثم هم مسؤولون عن صيانتها والحفاظ عليها بدلاً من الجهل الكبير بمثل هذه الحقوق؛ فإذا تجاهلنا قضية الحقوق وتطبيقاتها فإننا سنرى في مجتمعنا الظلم والجهالة والتخلف بل والفقر والفوضى وستكثر الأخطاء سواءٌ كانت بقصد أو بغير قصد. وتكونت صفحات الكتاب من مقدمة وخمسة فصول، ثم خلاصة النتائج والتوصيات، حيث اشتملت المقدمة على : أهمية البحث وحدوده والهدف منه وخطة البحث، بينما حمل الفصل الأول عنوان : فكرة الحقوق بين الأنظمة والشريعة الإسلامية، والفصل الثاني : تكريم الإنسان في الإسلام وفيه ستة مباحث : المبحث الأول : تكريم ذات الإنسان، والمبحث الثاني : ولادته على الفطرة، والمبحث الثالث : خلافته وإعماره للأرض، وتسخير ما في الكون لخدمة الإنسان، والمبحث الرابع : استيعاب الإنسان للعلوم الدنيوية، والمبحث الخامس : إيداع مفاتيح المعرفة والإدراك في الإنسان، والمبحث السادس : إلغاء الوساطة بين العبد وربه. أما الفصل الثالث فحمل عنوان : تطبيقات حول حقوق الإنسان في المجتمع السعودي، وفيه سبعة مباحث : المبحث الأول : حرمة الحياة الإنسانية عامةً وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : تعظيم الحياة وحفظها وحرمة القتل، والمطلب الثاني : حفظ حياة وحقوق غير المسلمين، المطلب الثالث : العنف والاعتداء الجسدي والمعنوي، والمبحث الثاني : حرمة الحياة الخاصة، وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : التجسس وتتبع سقطات الناس، والمطلب الثاني : حرمة المسكن في الإسلام، والمطلب الثالث : الطعن في الأعيان بأشكالهم وألوانهم وأنسابهم، المبحث الثالث : محاربة التمييز العنصري، والمبحث الرابع : احترام المرأة وكرامتها الإنسانية، وفيه ثلاثة مطالب : المطلب الأول : تقرير إنسانية المرأة وكرامتها، والمطلب الثاني : تقرير أهلية المرأة الاجتماعية، والمطلب الثالث : تقرير أهلية المرأة الاقتصادية، والمبحث الخامس : العدل ومحاربة الفساد بأنواعه والظلم، والمبحث السادس : الحقوق الاقتصادية، وفيه مطلبان : المطلب الأول : حق التملك، والمطلب الثاني : حق الحصول وفيه : حق الحصول على عمل، والحق على أجرٍ عادلٍ ومنصف، والحق في الراحة والحصول على إجازة، وغير ذلك من الأمور التي استجدت أثناء البحث، المبحث السابع : (الحقوق الاجتماعية) ، وفيه : الحق في الزواج ورضا الزوجين، ومفهوم القوامة الصحيح، وحق الزواج مع اختلاف العرق والنسب، والعنف الأسري تجاه الأطفال، وثقافة احترام ذوي الإعاقة، والضمان والرعاية الاجتماعية، وحمل الفصل الرابع عنوان : أثر رعاية الحقوق على الأمن والاستقرار والمواطنة الصالحة، والفصل الخامس حمل عنوان : حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. ومن أبرز النتائج التي توصل إليها المؤلف الأستاذ سلمان بن محمد العُمري : وجود نسبية في مفهوم الحقوق، ومن الذي يحدد الحقوق، فواضعو بنود الحقوق في القانون تجاهلوا الخيارات الدينية، وهو تجاهل غير مستغرب نظراً لصدوره من أناس لا دينيين أو على أقل تقدير ليسوا بمسلمين، وأن هناك الكثير من القواسم المشتركة المتفق عليها بين الدين الإسلامي والقانون الدولي؛ كمحاربة الرق، وقضايا العدالة الاجتماعية، ومحاربة العنصرية، وبعض القوانين الحقوقية نظراً للطبيعة البشرية الفطرية التي ترفض التمييز العنصري والظلم والاعتداء بكل أشكاله، كما تبين من خلال استعراض التاريخ الإنساني أن أول من عني بقضايا حقوق الإنسان هو الدين الإسلامي قبل ظهور المنظمات الدولية الحقوقية. ويعد هذا الكتاب الـ (20) في سلسلة الكتب التي أصدرها الأستاذ سلمان العُمري على مدار السنوات الماضية تنوعت في موضوعاتها حيث عالج في صفحات هذه الكتب قضايا اجتماعية، وإسلامية متعددة، من خلال تلك الكتب التي حملت العناوين التالية : مشكلات الطفولة بين التشخيص والعلاج، وآفة التدخين بين الطب والدين، ووباء المخدرات وخطره على الصحة والمجتمع والكنز الثمين في معاني أسماء البنات والبنين، وظاهرة التدخين في المجتمع السعودي (دراسة ميدانية)، وظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي (دراسة ميدانية)، وجائزة الشيخ سليمان العُمري للتفوق العلمي والعملي، وقبل إعلان حالة النكد (رؤى أفكار للمقبلين على الزواج من شباب وفتيات). ومن الكتب كذلك : البيان في الدفاع عن القرآن، وجائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم عطاء ونماء، وثقافة الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلبات العصر، والعنف في العمل الإسلامي وخطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري، والإسلام بين الوسطية والاعتدال على مدى الأزمان، كما سلط الأستاذ العُمري في كتب أخرى الضوء على بعض القضايا التي نظرتها المحاكم في المملكة من خلال كتابين حملا عنواني : (في أروقة المحاكم ، وحدث في المحكمة)، وأطلع القارئ أيضاً على بعض من قصص الذين أسلموا من أبناء الجاليات المقيمة في المملكة من خلال كتاب : (أولئك رجال ونساء أسلموا).

مشاركة :