طارق شوهان * على الرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يشهده السوق، أسهم الإعلان عن إطلاق مشاريع كبرى في دولة الإمارات في إحداث تأثير إيجابي على مشهد القطاع العقاري بشكل عام. وتصدّر إعلان شركة إعمار العقارية مؤخراً عن خطط لبناء برج جديد في دبي أعلى من برج خليفة، الذي يعد أطول برج في العالم حالياً، عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية في أبريل الماضي. ومن المقرر إنجاز المشروع الجديد الذي تبلغ كلفته نحو مليار دولار قبل استضافة دبي معرض إكسبو دبي الدولي 2020. وبنظرة شاملة فإنه يعد علامة واضحة على فتح شهية دول الخليج واستعادة نشاطها مجدداً إزاء المشاريع الجديدة الضخمة. لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ترسية عقود بقيمة 12.8 مليار دولار في مارس الماضي بحسب مجلة ميد، مشيرة إلى تصدر دولة الإمارات والسعودية لهذه المشاريع. واستأثرت السعودية بنحو 1.5 مليار دولار تلتها الإمارات بنحو 1.3 مليار دولار من قيمة العقود. ويدعم هذا الزخم الإنفاق القوي من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على مشاريع استراتيجية للبنية التحتية، وتفاؤل التوجهات السكانية. فمن المقرر أن يتضاعف تعداد سكان دبي وحدها إلى 5 ملايين نسمة بحلول عام 2030. ومع تصدر التوجه الرامي إلى تنويع مصادر الدخل الاقتصادي الأجندة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، باتت هذه المشاريع الكبرى التي تتنوع ما بين توسعة مطارات ومستشفيات ووحدات إسكان ضرورية، تمثل أهمية حيوية في تسريع وتيرة التحول من النمو المالي القائم على الإيرادات النفطية. وتشير المشاريع الإنشائية الجديدة إلى توقعات نمو كبيرة بالنسبة لقطاع إدارة المرافق الذي يرتبط بشكل وثيق بقطاع البناء والتشييد، وقد برز تاريخياً بالتناغم مع الازدهار والنهضة العمرانية. وفيما تواصل الحكومات المضي قدماً في مشاريع البنية التحتية، تواصل الدول الخليجية زخمها أكثر من أي وقت مضى لضمان استدامة هذه المشاريع. فالأمر يتمثل في سعي دول الخليج لنمو أكثر استدامة، وهو ما يتباين مع النمو الاقتصادي المطرد المرئي قبل عام 2009، الأمر الذي من شأنه بالفعل وضع شركات إدارة المرافق في طليعة هذه النهضة مجدداً. كما يسعى أصحاب المباني إلى تقليص النفقات، حيث سرعان ما أصبحت إدارة المرافق وسيلة لخفض النفقات التشغيلية مع توفير خدمة تتسم بالكفاءة في الوقت ذاته. وبالنسبة للكثيرين يعني ذلك وضع إدارة المرافق في الصدارة وتحقيق الاستفادة الكاملة من مزاياها وفوائدها الحقيقية. وتتمثل الصيانة الفعالة، بتعزيز العمر الافتراضي للأصول، والامتثال لقوانين منظمة، واتباع نظام الصحة والسلامة والبيئة والجودة، وتنظيم نفقات مستويات الخدمة وفقاً للمواصفات الإنتاجية، والعناصر الأساسية لإدارة المرافق التي من شأنها تحقيق الهدف المذكور سابقاً بشكل أفضل، المتمثل في خفض النفقات وتحقيق الاستدامة. وهنالك ميزة أخرى لتبني خدمة إدارة المرافق المتكاملة من خلال صيانة مستدامة وفاعلة ووقائية ومخططة تتمثل في إطالة العمر الافتراضي للأصول. ونحن في إي إف إس لخدمات إدارة المرافق باشرنا بتنفيذ برنامج هرمي للاستدامة يضم ثلاثة عناصر رئيسية هي التميز التشغيلي، والتعقل التجاري، والاستدامة. وهنالك اعتراف كامل بالدور الرئيسي الذي تلعبه شركات إدارة المرافق في سوق البناء والتشييد المستدام إلا أنه ما زال مطلوباً عمل الكثير في هذا الشأن. لقد كان التحدي الأكبر الذي واجه إدارة المرافق في الماضي القريب هو ضعف معايير البناء المعتمدة في المنشآت الإقليمية حتى باتت هذه المنشآت تمثل عبئاً كبيراً على المالكين والمستأجرين على السواء، ويمكنها زيادة نفقات الصيانة بنحو 20% أو أكثر، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع فواتير الطاقة، ومشكلات الصيانة، فضلاً عن الحاجة لعمالة أكبر. ويأتي زخم اعتماد المباني الخضراء عبر أرجاء الخليج ليعني تنفيذ قوانين أكثر صرامة وأكواد جديدة تهدف إلى ترشيد استهلاك الطاقة والترويج لبناء المباني الخضراء الصديقة للبيئة. ويدعو هذا النموذج الجديد إلى تحديث المباني القديمة سيئة التخطيط لتتوافق مع الأكواد التي باتت تزداد تعقيداً والتي من شأنها التأثير على النفقات العامة المصاحبة للأصول. ويبدأ النهج المناسب لتفادي الوصول إلى هذه النتيجة، من مرحلة تصميم المشروع العقاري ذاته، إذ ينبغي أن يكون لدى شركات إدارة المرافق مقعد على الطاولة إلى جانب المطورين إذا ما كان الهدف إنجاز مرافق خضراء تتسم بالكفاءة وذات تكلفة اقتصادية فعالة، وهو الهدف الذي يسعى إليه القطاعان العام والخاص. عامل آخر ساهم في الإسراع بوتيرة الفرص المتاحة لإدارة المرافق في دول منطقة الخليج لا سيما الإمارات، التي برزت كمقر إقليمي للشركات العالمية، فضلاً عن موقعها كمركز عالمي يربط بين الشرق والغرب قادر على توفير مناخ اقتصادي حيوي معفى من الضرائب للشركات الأجنبية. ونجح هذا النموذج مع قيام الكثير من الشركات العالمية باتخاذ الإمارات مقراً إقليمياً لها. ويتم تدريجياً إدخال نفقات إدارة المرافق ضمن النفقات العامة لممارسة الأعمال، وسوف تؤثر القدرة على توفير خدمات مبان متميزة ذات تكلفة فعالة في تحديد تنافسيتها أمام مراكز الأعمال المنافسة. *الرئيس التنفيذي لشركة إي إف إس لخدمات إدارة المرافق في مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا
مشاركة :