إضاءة نقدية على أساليب المشهد الشعري المعاصر

  • 7/19/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

صدر أخيراً عن {الهيئة المصرية لقصور الثقافة}، كتاب {الشعر والمرايا.. مرايا التلقي} للناقد د. يوسف نوفل الذي يتناول فيه إسهامات النقد التطبيقي في مجال الشعر، ويطرح نماذج من قصائد لشعراء مصريين وعرب، فضلا عن التعرف إلى ذائقة المتلقي في قراءة هذه النصوص وإضاءة أساليب المشهد الشعري المعاصر. في تقديمه للكتاب، يلفت الناقد د . أيمن تعيلب إلى اختيار المؤلف لمجاز المرايا، وتداوله في خطابنا النقدي المعاصر، ما يومئ إلى رغبة عميقة تتلبس العقل الجمالي العربي، صوب أشواقه الدفينة في الحوار والجدل وانعكاس العقل على ذاته، قارئاً ومفككاً ومركباً، والعكوف على النصوص الشعرية، للوقوف على ملامحها البنائية والتصويرية والمعجمية. يلمح تعيلب إلى أن {الشعر والمرايا} يطرح صورة نقدية إبداعية، تهيئ للتشابك الجدلي والتلاحم الإبداعي بين النص والنقد والواقع والثقافة والتقاليد، ولا تتوفر قراءة مبدعة إلا بالتثبت من جماليات ومكونات النص، وقدراته المجازية والإيحائية، فالنص الشعري الأصيل تربة جمالية خصيبة لا ينهكها دوام الحرث الجمالي. من الشعر العربي المعاصر حول كتابه الجديد، يوضح د. يوسف نوفل: «يعيد «الشعر والمرايا» اكتشاف البناء الجمالي للشعر، وأن يكون القارئ شريكاً للمبدع، كما عبر سارتر في «الخالق الثاني للنص» أو في «منطق القراءة» واستجابته المتغيرة، ما يجعلنا نسلم بتعدد القراءات، وآفاق التوقعات ما بين التطبيقي والجمالي والتحليلي، واللغوي، والتفكيكي والنفسي وغيرها». يسوق المؤلف نماذج من الشعر العربي المعاصر، ويتناول « فضاء الزمن الشعري عند الشاعر المصري محمد إبراهيم أبوسنة»، ويعتبر الزمن محوراً رئيسياً لقصائده، ودلالته في الحلم بالمستقبل، وتوالي كلمات «المدى، الصباح، الآن، الغد، القطارات، المطارات، الليالي، الرحيل، والسفر في الذاكرة». يتناول المؤلف إبداعات شعرية معاصرة وتراثية، ونصوصاً لإمرئ القيس، نزار قباني، إسماعيل عقاب، حسن فتح الباب، سعيد العتيبة وأحمد الشهاوي، ويرصد اتجاهات السرد الشعري، والتقارب والتمازج بين الأجناس الأدبية، وألوان من شعر الفصحى والنبطي. كذلك يتطرق إلى صورة الآخر في الشعر العربي الحديث والمعاصر، واستلهام النموذج العالمي في قصائد لشعراء، من بينهم نزار قباني، وتوظيف الأخير لكل من «سرفانتس» و{بيكيت»، وأيضا أحمد شوقي في قصيدته عن «شكسبير» وعبد الرحمن الشرقاوي في قصيدة «رسالة من أب مصري إلى الرئيس الأميركي» كتبها في باريس عام 1951، وكتب عبد الوهاب البياتي وأحمد عبد المعطي حجازي وغيرهما، قصائد عن لوركا وبابلو نيرودا. أيضاً يتناول المؤلف ديوان {أغاني العاشق القديم} للشاعر الإماراتي أحمد محمد عبيد، كنموذج راهن للحركة الشعرية في الإمارات، وتفردها بالتنوع في الموضوع الشعري والموسيقي، والجمع بين القالب العروضي التراثي القائم على شطري البيت والتقفية، والتفعيلات التامة، فضلا عن نماذج من البناء الموسيقي القائم على السطر الشعري والتفعيلة غير المرتبطة باللزوم الكمي، وهو ما ينهض عليه الشعر الجديد. يتنوع {الشعر والمرايا} بين الإضاءة النقدية للإبداع الشعري، واستحضار نماذج من إسهامات النقاد، ودور المحققين في اكتشاف كنوز الشعر العربي القديم، من بينهم محمد رضوان، وتحقيقه لدواوين: أبي القاسم الشابي، علي محمود طه وعبد الحميد الديب، وإسهامات رضوان في تحليل العاطفة الوجدانية للشعراء في كتبه: {شعراء الحب} و{عندما يحب الشعراء} و{شعراء الرومانسية}. يختم المؤلف كتابه باستنتاج مفاده أن التحولات الكبرى في مفاهيم اللغة والمجاز والدلالة، وحدود الذوق العام، عبر تاريخ الآداب، مرهونة بقوة تجادل هذه الآفاق، وتداخلها وتجاورها، وربما نفسر بهذه الآفاق كثيرا من أسرار العراك النقدي والجمالي والمعرفي والقيمي الهائل في تاريخ الشعرية العربية والأدب العربي.

مشاركة :