قال خمسة متعاملين في السوق الموازية للعملة في مصر أمس إن الدولار واصل قفزاته بالسوق السوداء ليتخطى مستوى 11.75 جنيه لأول مرة في تاريخه. ولم ينجح البنك المركزي في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في آذار (مارس) أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 21 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام. ورغم تهاوي سعر الصرف إلا أن طارق عامر محافظ البنك المركزي المصري استبعد فكرة التعويم وقال: إن الوقت غير مناسب للحديث عن تعويم الجنيه المصري الذي يتعرض لضغوط متنامية في الأشهر الأخيرة. وقال عامر لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية "لا يمكن الحديث عن تعويم الجنيه حاليا ... أما الخفض فهو يرجع لما يراه البنك في الوقت المناسب". وبحسب "رويترز"، فقد أشار ثلاثة مصرفيين بقطاعات الخزانة في المصارف المصرية إلى أن سعر الدولار في السوق الموازية يتسارع بعد تصريحات محافظ المركزي طارق عامر في وقت سابق هذا الشهر بعد أن كان مستقرا طوال شهر رمضان. وفي الثالث من تموز (يوليو) شدد عامر في مقابلات مع ثلاث صحف مصرية على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها، وقال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد الكلي في المجموعة المالية هيرميس إن الارتفاع بدأ في السوق الموازية بقراءة السوق لتصريحات محافظ البنك المركزي الأخيرة حيث راهن السوق على خفض وشيك لقيمة الجنيه من جانب المركزي. ورغم أن المركزي لم يقدم على تلك الخطوة في الأسبوعين الماضيين إلا أن السوق ما زال متوقعا لخفض في قيمة الجنيه خاصة في ظل وجود بعض المضاربات، وقبل تصريحات محافظ المركزي كان الدولار يجرى تداوله في السوق الموازية بين 11 جنيها و11.05 جنيه في أغلب أيام شهر رمضان. ويبلغ السعر الرسمي للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه بينما يشتري الأفراد الدولار من البنوك بسعر 8.88 جنيه، ويقوم البنك المركزي بترشيد احتياطياته الدولارية من خلال عطاءات أسبوعية منتظمة مبقيا الجنيه قويا بشكل مصطنع عند 8.78 جنيه مقابل الدولار لكن تجارا في السوق الموازية قالوا إنهم باعوا دولارات في نطاق 11.75 - 11.80 جنيه مقابل الدولار ولم يذكروا أحجاما للتعاملات. وأشار متعامل إلى أن السعر يرتفع بسرعة منذ تصريحات محافظ المركزي، والجميع يريد اقتناء الدولار الآن، وقمت بالبيع بسعر 11.80 جنيه، وهناك طلب لكن المعروض قليل، ورجح أبو باشا أن يستمر الارتفاع مع تزايد وتيرة المضاربات وفي انتظار تحرك من جانب المركزي. ويسمح البنك رسميا لمكاتب الصرافة ببيع الدولار بفارق 15 قرشا فوق أو دون سعر البيع الرسمي لكن من المعروف أن مكاتب الصرافة تطلب سعرا أعلى للدولار عندما يكون شحيحا، ويقول الاقتصاديون إنه لا مفر من خفض قيمة الجنيه لكن التوقيت هو العامل المهم لتقليص الأثر التضخمي وبصفة خاصة مع سعي الحكومة لفرض ضريبة القيمة المضافة هذا العام بينما لم تستكمل بعد إصلاحات الدعم. وخفضت مصر العملة المحلية بنحو 14 في المائة خلال منتصف آذار (مارس) في مسعى للقضاء على السوق السوداء للدولار التي ازدهرت ونمت وسط نقص شديد في العملة الأجنبية أضر بالأنشطة التجارية والاستثمار، وقال مصرفي بقطاع الخزانة في أحد المصارف الخاصة مشترطا عدم نشر اسمه إنه لا توجد مؤشرات على أي تحسن في أزمة الدولار. الجميع ينتظر ماذا ستفعل الحكومة والبنك المركزي. وكان عامر ذكر في تصريحات صحافية في وقت سابق هذا الشهر أنه شخصيا لن يفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة، وجاء التدهور في سعر العملة المصرية رغم دخول ما إجماليه 1.4 مليار دولار خزانة البنك المركزي المصري في صورة قرضين من الصين والبنك الإفريقي للتنمية منذ بداية العام. واتفقت مصر على قرض بمليار دولار من البنك الدولي لكنها لم تحصل عليه حتى الآن ولم تعلن الحكومة أسباب عدم الحصول عليه رغم تأكيدها سابقا أنها كانت ستحصل عليه قبل نهاية 2015، وتكافح مصر التي تعتمد اعتمادا شديدا على الواردات لإنعاش اقتصادها منذ انتفاضة 2011 وما أعقبها من قلاقل أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح - وهما مصدران رئيسيان للعملة الصعبة - فضلا عن انخفاض إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج. وفي انعكاس لتأثير أزمة العملة على الشركات المصرية أظهرت نتائج أعمال شركة حديد عز أكبر منتج لحديد التسليح في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أنها تكبدت خسارة صافية في الربع الأول من العام وتحملت خسائر فروق عملة في تلك الفترة بقيمة 366.633 مليون جنيه. وأفاد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في اتحاد الغرف التجارية في مصر بأن هناك مضاربات في السوق الموازية للعملة، ومع الأسف نحصل على ما نحتاج إليه من الدولارات من السوق الموازية، مشيرا إلى ارتفاع العملة الصعبة سيتحمله المستهلك النهائي وليس المستورد أو التاجر.
مشاركة :