ريو دي جانيرو - أ ف ب: قبل نحو اسبوعين من انطلاق الألعاب الأولمبية الاولى في أمريكا الجنوبية وتحديدا في البرازيل، التقطت مدينة ريو دي جانيرو المنظمة انفاسها، لكن في مواجهة أسوأ ازمة اقتصادية في 80 عامًا وارتفاع معدل الجريمة، تغيب علامات الفرح عن وجوه البرازيليين. في الواقع، اصبحت الملاعب جاهزة، وتزين الالوان والاعلام الأولمبية «المدينة الساحرة» التي يقطنها 5ر6 ملايين وتنحشر في مضيق بين المحيط وجبال رائعة، مع كل هذا التباين الجذاب بين شوارع ميسورة تهدهد الشواطئ وأخرى شعبية فقيرة ترتسم عليها علامات البؤس والحرمان. وتنتظر التجارة المحلية بدءا من الفندق 5 نجوم مرورا بالمخزن الصغير الذي يبيع الادوات الأولمبية «المصنوعة في الصين» بفارغ الصبر قدوم نحو 500 ألف سائح من اربع زوايا الارض. ويعرف البرازيليون بأنهم عشاق لكرة القدم، لكنهم أيضًا هواة للرياضة بمختلف أنواعها، ورغم الوضع الرمادي المعاش يوميا، ما من شك في ان الألعاب الأولمبية ستشكل فاصلا سعيدا من فواصل وحلقات حياتهم. ومن شأن الديكور المخصص لأكبر حدث رياضي على وجه هذه البسيطة (10500 رياضي في 42 لعبة رياضية) ان يحبس انفاس مئات ملايين المشاهدين: فمن القوارب الشراعية إلى نجوم السرعة في المضمار سيتواجهون تحت ذراعين مفتوحتين ليسوع المخلص. لكن خليطا من الاعمال الجرمية في ارتفاع مستمر، وبطالة متصاعدة بقفزات، وفيروس زيكا وإفلاس ولاية ريو دي جانيرو وفضائح الفساد وأزمة سياسية تاريخية ستفضي على الارجح إلى اقالة الرئيسة ديما روسيف بعد انتهاء الألعاب مباشرة، كل هذا مجتمعا لا يمكن ان يدع الفرحة ترتسم على شفاه البرازيليين. وتختصر الألعاب بالنسبة إلى كثيرين بعملية الهاء مكلفة جدًا، وفيليبي (31 عامًا)، المنقذ على شاطئ كوبيكابانا واحد من هؤلاء: «شفطت الألعاب الأولمبية المال الذي كان بالامكان استخدامه في تحسين حياة الناس بدلا من ان نقيم تغييرات تجميلية جميلة للغرباء». سحر وفوضى على بعد امتار معدودة، وتحت شمس شتوية معتدلة حيث تصل الحرارة إلى 23 درجة مئوية، يقف عشرات العمال منتصبين كحبال مشدودة لإنهاء هيكل معدني هائل مؤقت لحرم لعبة الكرة الطائرة الشاطئية مرتفع وأشبه ببناء شاهق من عدة طبقات. والمشاكل التي تمت مواجهتها في بناء هذا الصرح تلخص التحدي الكبير لتنظيم الألعاب في ريو دي جانيرو، هذا المدينة التي تتسم بالسحر والفوضى في آن معا. وكثيرا ما تعطلت الاعمال بسبب الاحوال البيئية والمناخية، وأدت الامواج العاتية إلى الاضرار بقاعدة هذا البناء ما استلزم اقامة جدار رملي بطول 300 متر لحمايته وتعمل البلدوزرات باستمرار على تعزيزه... وذات صباح، وجدت بالقرب منه جثة متفسخة لسيدة.. بالتأكيد، استطاعت ريو دي جانيرو اسكات المشككين في قدرتها على انهاء الاعمال في المواعيد المحددة، وعموما ضمن الميزانيات الموضوعة لها، باستثناء مضمار منافسات الفروسية الذي تأخر قليلا بسبب افلاس منفذه ولم يكن بالامكان إجراء اي اختبار حقيقي عليه. ويبقى خليج غوانابارا عبارة عن «بالوعة» تصب فيها المياه المبتذلة على الرغم من الوعود المخيبة للامال بازالة التلوث منه بنسبة 80 في المائة، وهذا يعرض المتنافسين في رياضة الشراع للجراثيم في حال السقوط في البحر أو حتى اهدار ميدالية بسبب الهروب من كيس بلاستيكي في الطريق. وبعيد افتتاح مضمار بني على الكورنيش البحري لإقامة سباقات الدراجات الهوائية ضمن الألعاب الأولمبية، انهار جزئيا بعد ان ضربته موجة عاتية فقتل اثنان من المارة بالمكان، في حين تشكلت بعض الحفر على طريق بحري آخر. وأخيرا وفي افضل الحالات، لن يفتتح خط جديد للمترو يعتبر استراتيجيا بالنسبة إلى الحركة خلال الألعاب قبل الأول من أغسطس مع تخفيض السعة بسبب عدم إجراء اختبارات كافية عليه. وقال عمدة ريو دي جانيرو ادواردو باييس «كل شيء يشغل بالي»، وأسر لوكالة فرانس برس بأنه: «مستعجل لأن يبدأ الأولمبياد، ومتعجل أيضًا لأن ينتهي»، واعدا بأن: «يشرب حتى الثمالة على انغام السامبا بعد الألعاب الأولمبية، وأن يأخذ اجازة من دون أجر لمدة عام». 13 عملية اغتيال في اليوم وتؤكد البلدية انها عملت على تحويل المدينة خلال عدة عقود على ان تكون الاطراف الاساسية مكانا للبنى التحتية الجديدة التي تشكل مدخلا للنقل العام لنحو 63 في المائة من البرازيليين في 2017 مقابل 19 بالمائة فقط عام 2009. وتضاعفت السعة الفندقية في مدينة ريو دي جانيرو، وافتتحت قاعة جديدة في المطار الدولي، وتم جزئيا انعاش منطقة الميناء التي كانت مهجورة بشكل دائم. وهناك سبب آخر يدعو للقلق ويتمثل في امن المتفرجين-السياح، حيث ارتفعت عمليات الاغتيال إلى اكثر من 13 في اليوم الواحد منذ مطلع العام الحالي اي بزيادة 14 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي. وحصلت ولاية ريو مؤخرا على مساعدة مالية طارئة من ولاية برازيليا لدفع رواتب عناصر الشرطة، لكن العصابات المسلحة لمروجي المخدرات تنمو وتتمدد. والخشية في المقام الأول من العنف-المتطرف اكثر من خطر الاغتيالات، وصحيح انه لم يطل البرازيل حتى الآن، لكن جهاديا فرنسيا هدد في نوفمبر بعيد اعتداءات باريس قائلا: «البرازيل، انت هدفنا القادم». يضاف إلى ذلك ان معتقلا سابقا في غوانتانامو رحل إلى الاوروغواي، دخل بشكل غير شرعي الاراضي البرازيلية من دون ان يترك أثرا. وسيسهر على امن الألعاب اكثر من 85 ألف شرطي وعسكري، اي اكثر مرتين من العدد الذي خصص لأولمبياد لندن 2012.
مشاركة :