المعايطة يكتب: الدولة الموازية ومؤسسات الظل

  • 7/21/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحد محددات التفكير التي تحكم عمل جماعة الاخوان المسلمين في دول عديدة ومنها الاأردن في ادارة علاقتها بالدولة السعي لبناء حالة تنظيمية يصعب اجتثاثها او اضعافها جذريا من جهة، وايضاً ان تكون هذه الحاله التنظيمية قادرة على ان تجعل التنظيم قوة موازية للدولة، وكانت ادارة هذا الامر تحاول ان تمارسه على درجة عالية من الذكاء بحيث لا تثير الدولة أمنيا وسياسيا، بل يصاحبها رسم صورة للعمل التنظيمي بحيث يبدو هذا العمل ناعما سلميا وبطابع اجتماعي يركز على الجوانب التربوية والتعليم والصحة وبناء المؤسسات الخيرية والدعوية، وحتى القضايا ذات الطابع السياسي فانها تظهر للمتابع وكأنها تسير ضمن المعادلات والخطوط الحمراء وإشارات المرور السياسية، والغاية في نهاية المطاف بناء دولة الظل او المؤسسات الموازية بشكل هادئ ومستمر بحيث تتعاقب عليها السنوات والعقود لتصل في النهاية لتكون متجذرة وعنوانا من عناوين قوة الجماعة وامتدادها الشعبي والتنظيمي والسياسي، وورقة من أوراق الجماعة التي تمكنها من الصمود والانتشار ومواجهة التحديات من جهة، وايضاً جزء من عملية التكوين للجماعة اذا ما اتيحت الظروف وتغيرت المعطيات بحيث اصبح حلمها في استلام السلطة ممكنا وقريبا. كل تنظيم يضع في حساباته وتفكيره السياسي انه يصلح ان يكون نظاماً سياسياً بديلاً لما هو موجود يبني مساراته على أساس فكرة دولة الظل، وهذا لا يعني ان يمتلك كل ما هو موازٍ للدولة لكنه يعمل على امتلاك هياكل شامله ،وفي حال عدم القدرة يكون هذا الامر جزءاً من تفكيره. واولى الخطوات في كل مراحل الضعف والقوة هي السعي لامتلاك الناس، أو ما يسمى الامتداد الشعبي، لان هذا الامتداد سلاح هام يتم استعماله في مواسم الانتخابات المختلفة او حتى في الشوارع، ويكون هذا من خلال الخدمات المباشرة وغير المباشرة من تعليم وصحة وأعمال خيرية، وايضاً من خلال السيطرة على المساجد التي تمثل للناس المرجع في دينها وتدينها بحيث يكون رموز الجماعة والتنظيم هم اهل الثقة لدى الناس اما الآخرون فإما علماء سلطان ان كانوا من جهات رسمية او أوصاف اخرى لمن يمثلون خطا فكريا اخر ، وهذا النهج تمارسه جماعة الاخوان مثلا منذ نشأتها، وكان مؤسسها حسن البنّا يعمل بذات النهج واستطاع ان يبني حضورا لنفسه وجماعته في معظم ارجاء مصر، وبعقلية تصدير الدعوة انتقل بالفكرة الى دول عربية واسلامية، لكن هذا الوجه الشعبي الناعم كان يوازيه اقامة تنظيم سري عسكري وايضاً عمل أمني، وايضاً السعي للتسلل الى قطاعات مهمة مثل القضاء والجيش والشرطة بعمل غير معلن، ولهذا كان المراقب العام الثاني للجماعة القاضي حسن الهضيبي ولم يكن من الوجوه المعروفة للجماعة، كما كان للجماعة تنظيم في الجيش والشرطة تحدثت عنه كتب وكتابات أفراد الجماعة بعد ذلك. هذا الفكر الذي يقوم على انشاء جسم مواز لبناء الدولة باي إمكانات كانت متوافرة هو الذي رافق كل تجارب الاخوان المسلمين في العالم العربي ،لأنهم يعتقدون انهم الاحق في ان يكونوا البديل للانظمة الموجودة، وحتى وهم يرفضون فكرة الانقلابات العسكرية فانهم كانوا وكما تروي كتب قياداتهم شركاء للضباط الأحرار في مصر في انقلاب عام ١٩٥٢، بل يتهمون عبد الناصر انه انقلب عليهم ،وهم اصحاب انقلاب السودان عام ١٩٨٩ قبل ان ينقلبوا على أنفسهم بعد أصبحوا هم الحكم ،وحتى بعد ان أصبحوا يحكمون مصر عام ٢٠١٢ فانهم عملوا ما أمكنهم الى الاستعانة بدوله الظل لتكون هي من تحكم ،وهي من تقدم من تعتبرهم الجماعة اهل الثقة ليتسلموا مفاصل الدولة لكن الوقت لم يسعفهم لاستكمال الامر . وكما اشرت سابقا فليس بالضرورة ان تجد الجسم الموازي كاملا في عمل التنظيم ،لكن الفكر الذي يؤمن بهذا موجود، وأحيانا تكون بعض تفاصيل هذا الجسم الموازي او دولة الظل سرية جدا ولايعلم عنها الا من يعملون بها وبخاصه اذا كانت ذات طابع أمني يجمع المعلومات او ما هو اكثر ،وأحيانا يذهب هذا الفكر الى المنافسه المباشره للدوله على الناس وبخاصه من يعتقد التنظيم انهم بعيدون عن نفوذه من قوى اجتماعيه او مؤسسات مثل العشيرة مثلاً، وهنا يتم بناء العلاقات او انشاء مصالح مشتركة مثل ما نسمعه اليوم في الأردن عن عمل الجماعة غير المرخصة على بناء تحالفات مع بعض العشائر في الانتخابات القادمة. الناس اي النفوذ الشعبي والعمل الخيري والاقتصادي والتغلغل في كل المؤسسات، وبناء اجهزة سياسية وأمنية وربما ما هو اكثر، والانتشار الناعم وامتلاك الكفاءات وتجنيدها سواء من كانوا داخل البلاد او خارجها، وبناء بعض المؤسسات التي يعتقد التنظيم ان هويتها التنظيمية غير معلومة للدولة، والذهاب حتى الى محاولة اختراق الأجهزة المفصلية والحساسة حتى وان كان هذا على شكل علاقات شخصية، كل هذا جزء من الفكر الذي تبنته الحركة الاسلامية في المحيط، ودائما تحاول ان تكون جاهزة لأي لحظة تكون فيها البلدان التي تعمل فيها في حالة من ضعف الانظمة السياسية لتكون هي البديل، وهذا الفكر يوازيه الوجه السلمي المعتدل الذي يتحدث عن المشاركة والتعددية واحترام الدستور وغيرها من أدوات مراحل الضعف او ما يسميه البعض البناء والاستعداد.

مشاركة :