خبراء لـ "الاتحاد": كتائب الظل "الإخوانية" والدولة الموازية تهدد التغيير في السودان

  • 4/19/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن علي عثمان طه، القيادي بالحركة الإسلاموية السودانية، والنائب السابق للرئيس المعزول عمر البشير، مبالغاً حينما هدد المحتجين وتوعدهم في بداية الحراك الشعبي قبل 4 أشهر بكتائب الظل، مؤكداً أن من يظن أنهم سيتخلون عن السلطة واهم، وكشف الرجل عن دولة «الإسلامويين» الموازية تحت وطأة الضغط الشعبي المتصاعد لإرهاب الخصوم. ويقول الخبراء والمصادر السودانية التي التقتهم «الاتحاد»: إن طه لم يكن يتحدث من فراغ، وأن كتائب الظل هذه ما زالت باقية وموجودة في الظلام، وتسعى الآن لإرباك المشهد الحالي، وربما محاولة الانقلاب عليه إذا سنحت الظروف، رغم الضربات القاسية التي وجهها المجلس العسكري في السودان مؤخراً. ويؤكد الخبراء أن هذه المليشيات والكتائب التابعة للنظام السوداني السابق، والتي تقبع الآن في الظلام هي الخطر الأكبر على الوضع الراهن في السودان. والحقيقة أن التغيير الذي حدث في عدد من الدول العربية كان يواجه بالدولة العميقة، أما في السودان فإنه يواجه بدولتين، أحدهما الدولة العميقة، حيث سيطر «الإسلامويون» وتنظيمهم على كل مفاصل الدولة، نتيجة سياسة التمكين لعناصرهم على مدى ثلاثين عاماً. والدولة الأخرى هي الدولة الموازية، التي يقول المختصون إن الإسلامويين في السودان عمدوا إلى إنشائها، لأنهم وقد وصلوا إلى السلطة عبر انقلاب عسكري، كان هاجسهم على الدوام أن تنتزع منهم السلطة بنفس الطريقة. يقول عبد المنعم سليمان، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، مدير تحرير صحيفة «حريات»، لـ«الاتحاد»: إن نظام الرئيس المعزول كان نظاماً أمنياً بامتياز، يقوم على الأمن الشعبي وهو جهاز أمني حزبي، ولم يكن يعتمد في المهام الرئيسية على الأجهزة والمؤسسات الرسمية، رغم أن الأخيرة تم تدجينها لصالح الحركة الإسلاموية، والتي كان لهذا النظام أجهزة أمنية كثيرة. وأشار سليمان إلى أن علي عثمان طه، الذي أعتبره رئيس الحركة الإسلاموية الحقيقي، كان يقود «كتائب الظل» التي تحدث عنها هي ميليشيات إسلاموية موجودة، كانت تسير بهويات تابعة لجهاز الأمن، فضباطها وأغلب أفرادها هم من موظفي الدولة، وهؤلاء لهم مصالحهم الحزبية، فضلاً عن المصالح الاقتصادية، لذا سيحاربون من أجل إعادة النظام السابق. وأكد المحلل السياسي السوداني أن هؤلاء سيخسرون كثيراً، لأن ميزان القوى اختلف، ومن يملك القوة والمعلومات ويسيطر على السلطة الآن هو الجيش وقوات الدعم السريع، ولذا فإن هذه الميليشيات فقدت السند الأمني والمعلوماتي، كما فقدوا السند الرسمي ممثلاً في الرئيس المعزول وحكومته. ويضيف سليمان أن كتائب الظل تعمل الآن جاهدة، من أجل ضرب العلاقة بين المتظاهرين والمجلس العسكري، وإثارة الشكوك حول المجلس، وأن دعاية كتائب الظل تستخدم الشائعات لإثارة البلبلة وضرب الثقة، وهى تستخدم إمكانات الدولة العميقة جداً في السودان، التي هي دولة أمنية وحزبية، حيث اختطف حزب البشير الدولة بكاملها. ويوضح المحلل السياسي السوداني أن «الدولة العميقة ليست مجرد موظفي دولة ظاهرين للعيان فقط، يمكن إسقاطهم كما حدث في دول عربية أخرى، وإنما دولة الظل هذه دولة أمنية وعنيفة، وهم الآن يحاولون إرباك الشارع وضرب المتظاهرين بعضهم البعض، وضرب العلاقة بين الثوار والأحزاب، وبين الثوار وتجمع المهنيين، والتشكيك في تجمع المهنيين وضرب النشطاء وتشويه سمعتهم، وإرباك المشهد كله، وبالتالي يجب أن يبادر المجلس العسكري الآن إلى نزع سلاح كل هذه الميليشيات». ويؤكد سليمان أن ما جرى من تغيير في السودان حقيقة وليس تمثيلية، كما تسعى كتائب الظل للترويج، للاستعداء ضد المجلس العسكري. وقال خبراء سودانيون لـ«لاتحاد»: إن المهمة الأولى التي يركز عليها المجلس العسكري الآن هي القضاء على هياكل الدولة الموازية، «الدفاع الشعبي» و«الأمن الشعبي» وغيرهما. وأضافوا أن هناك حاجة ملحة لتطهير الدولة العميقة من فلول وأتباع النظام السابق، لا سيما في الأماكن الحيوية بالأمن والدفاع والقضاء والبنوك. وأشاروا إلى أن تنظيم الإسلامويين الظلامي المرتبط بجماعة «الإخوان» الإرهابية لم يتبخر بين ليلة وضحاها، وأنه يكمن الآن في الظلام، يصعد الخلافات بين أطراف التغيير في السودان من ناحية، ومن ناحية أخرى يتحين الفرصة لمعاودة الكرة من جديد.

مشاركة :