الكاتبة العمانية ليلى البلوشي: أكتب ولا يعنيني عدد القراء

  • 7/26/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تنتمي الأديبة والكاتبة ليلى البلوشي إلى الجيل الأدبي الجديد في سلطنة عمان الذي يرى أن الأدب العماني كان منغلقاً على نفسه في زمن ما ووقت ما، ولكن ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية والعالم الافتراضي في كسر قوقعة الانغلاق، «ومن يبحث عنا الآن في (تويتر) أو (فيسبوك) أو في المدونات فلن يتوه»، تؤكد أن التدوين علمها مسؤولية الكلمة، وأن ثمة قارئاً يقظاً ومتحفزاً يتابع ما تكتبه، ويناقش ما تنشره ويتناول أفكارها بجدية، هذه المتابعة تحفزها على أن تكون صادقة وأمينة ومسؤولة حين تكتب. دخولك مجال الأدب كان عن طريق مدونة على الفضاء الإلكتروني كيف لنا التعرف على تفاصيل ذلك؟ من خلال مدونتي تعرف القراء على أسلوبي وأتحت لهم وضع أحكامهم عني بحرية تامة وكي لا أصدم توقعاتهم، ماذا يمكن أن يقول الكاتب عن نفسه أو أدبه..؟ بل على العكس، يفضل أن يكتشفه الآخرون، أن يتعرفوا عليه من كتاباته، أن يصدروا أحكامهم بعيدا عن انطباعاته عن نفسه.. ولعل العالم الافتراضي الفسيح أتاح هذه الحرية حتى أصبح فيه القارئ يتعرف على الآخر بطريقة هذا العالم وأسلوبه، لذا إن شاء القارئ / الآخر أن يعرفني، فما عليه سوى متابعة مدونتي «أتنفس بهدوء» التي أنشر فيها أسبوعياً مقالا جديداً ومقالات أخرى أبعثها إلى صحف مختلفة، كذلك يمكن أن يتعرف إليّ عبر مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر» و{فيسبوك». حدثينا عن كتابك الصادر أخيراً «كائناتي السردية». هو كتابي السردي السابع بعد إصدارات ستة مختلفة في مجالات السرد المتنوعة، من بينها «رسائل حب مفترضة بين هنري ميللر وأناييس نن» و{هواجس غرفة العالم» الذي نال جائزة الإبداع الثقافي في مسقط، والمجموعة «قلبها التاسع « قصص قصيرة جداً، وكتب أخرى في نقد أدب الطفل، «كائناتي السردية» تميز بالتنوع في موضوعاته وشخوصه التي جاءت متباينة من شخصيات حيّة وجمادات، وبتعدد أصوات الرواة في القصص التي طرحت أفكاراً مختلفة تتناول شرائح المجتمع الإنساني بلغة مقنعة، كذلك خاصية الأنسنة، وتمكنت من استنطاق الشخصيات غير الحيّة ليتعاطف معها القراء، وتكمن الرمزية الساخرة في نهاية قصص المجموعة في الثورة التي تشنها الشخصيات الحبرية على مؤلفتها في محكمة افتراضية، يؤُّمُها قضاة قُساة يحاكمون الكلمة، ويطاردون الفكرة، ويدينون صاحبها. خضت تجربة كتابة ما يسمى أدب الرسائل ماذا عنها؟ هي بمثابة تجربة كتابية تتسم بكثير من المغامرة وخرق شرايين الذات بالنسبة إلي، فالرسائل عادة تكون بين أصدقاء وعشاق حقيقيين، ولكن تجربتي التي أردت منها كسر نمط الرسائل التقليدية المتبادلة لتكون بين شخصين مفترضين وحقيقيين في آن ككاتبين لهما مكانتهما في عالم الأدب الغربي، تجربة أردت منها أن أختبر قدرتي ككاتبة في قراءة ذوات الآخرين وأفكارهم وعواطفهم وانفعالاتهم وكتابة تجاربهم وتخيلها بطريقة مغايرة تكون قريبة للزمن الذي أعيش فيه، وهي تدور في زمن الكاتبين «هنري ميللر» و{أناييس نن»، ولم تكن ثمة مدونات أو مواقع تواصل اجتماعي، لذا حاولت التحرر من روح رسائل ذاك الزمن الجميل، وقد تعمدت ذلك، لتكون رسائل متأثرة أكثر بالتقنية وعالم السرعة وقضايا العصر الحديث، هو عمل أشبه بالتلصص، والكاتب هو أكبر متلصص في تاريخ البشرية، كما قالت «أناييس نن» افتراضياً طبعاً في إحدى رسائل حبها لــ{هنري ميللر». أدب الأطفال أنتِ من كتاب قصص للأطفال، فكيف ترين الكتابة للطفل في وطننا العربي؟ وهل أنت مواكبة للحركة الأدبية وللطفل العربي؟ لا يمكن أن أعطي حكماً مطلقاً، ففي دول الخليج العربي ثمة مؤسسات تعتني بالطفل بشكل جيد في مجالات الطفولة الكافة، وهذا أمر في غاية الأهمية والإبداع، أما في ظل ظروف الوطن العربي حالياً، فثمة دول مشتعلة داخلياً في حروبها، تلك الدول التي أول ضحاياها هم الأطفال، أولئك الأطفال الذين عاشوا ومروا بتجربة قاسية وعنيفة على ذاكرتهم ومستقبلهم، وأظل أتساءل كيف ستكون نفسياتهم في الأعوام المقبلة؟ كيف سيحكمون على العالم؟ كيف سيقفون أمامه؟ وهو الذي سلب منهم البراءة ومعنى الأمومة ومعنى أن يكون الأب فرداً عادياً يذهب إلى عمله كل صباح ويعود مساء حاملا في يديه أكياساً تحتوي على تفاح وألعاب..! الطفل العربي اليوم ملاحق بالموت واليتم والشتات ولعنة الملاجئ والمخيمات، في ظل هذه الظروف طغت للأسف أصوات القنابل والمتفجرات وصراخ الإنسان ونحيبه على أصوات الحكايات والحياة الصحية..! ما ردك على ما يثار حول تأخر الأدب العماني وانغلاقه على نفسه؟ كان الأدب العماني منغلقاً على نفسه في زمن ما ووقت ما، ولكن مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية، العالم الافتراضي عموماً، كلها كسرت قوقعة الانغلاق ومن يبحث في «تويتر» أو «فيسبوك» والمدونات فلن يتوه. هل عدم الانتشار مشكلة مؤسسات وجهات حكومية أو أدباء أو ماذا؟ مشكلة عدم انتشار الكتابات العمانية تعود إلى الكاتب نفسه بالدرجة الأولى، فنحن في عالم افتراضي واسع ويشرع آلاف الأبواب للتواصل مع الآخر، القارئ، المتابع، المهتم... حالياً انتهيت من قراءة رواية «لائحة رغباتي» للكاتب «غريغوار دولاكور»، تتناول شخصية بطلة تمتلك حانوتاً للخياطة، وهذا الحانوت عملت فيه لأعوام طويلة من دون أن يحقق أرباحا جيدة، لأنه يقع في بقعة نائية نوعاً ما، ولكن حين أنشأت البطلة مدونة لها على الإنترنت وبدأت تتحدث عن حانوتها، فوجئت بتواصل الآخرين معها وتفاعلهم، لدرجة أن حانوت الخياطة أصبح يسجل 5 آلاف زيارة يومياً، صخب لم تحلم به صاحبة حانوت الخياطة يوماً ناهيك عن مئات الرسائل التي تصل البريد، تغير كل شيء في حياتها من خلال مدونة شخصية عن الحياكة... مشكلة بعض الكتاب في عمان ربما هو اعتمادهم على مؤسسات وجهات تدعمهم أو صحف تنشر لهم، والمشكلة أن بعض تلك المؤسسات وتلك الصحف تكون شللية. إلى أي مدى تعتبرين المرأة قادرة على إيصال أي فكرة أرادت؟ وماهي العوائق التي تواجهها في العمل الأدبي؟ إلى المدى البعيد، أوقن بإيمان تام بأن المرأة قادرة على كل شيء، عوائقي في الكتابة هي الفكرة التي تأتي وتذهب، أن تقضي ساعات أمام شاشة حاسوبك كي تكتب في النهاية جملة من كلمات عدة، وغالباً لا ترضي طموحك، فتشطبها، ثم تعيد كتابتها من جديد في ساعات أخرى، الكتابة عمل شاق كما لو كنت تحفر بئراً بإبرة بتعبير الروائي التركي أورهان باموق. هل حققت لك الكتابة ما تحلمين به؟ لا، لم تحقق كل ما أحلم به ولا أريدها أن تحقق كل ما أطمح إليه، بل أحب أن أظل حالمة أبداً، كي لا أفقد هالة الاستمرارية والتحريض لشغف تحقيقها، فالأحلام هي ما يبقي الإنسان حياً في هذا الزمن الهش، وفي هذا الشأن أذكر حكاية عن رجل حكيم عزم على معاقبة عدوه، فحقق كل رغباته وأحلامه إلى أن وصل العدو إلى مرحلة خامدة من الحياة حتى فارقها لأن كل تطّلع إليه تحقق..! أنا كاللاعب الأوكراني «شيفشنكو» الذي كان يلعب المباريات بلا كلل، ولم يكن يهتم إن كان في المدرج 100 ألف متفرج أو يلعب وحده مع أحلامه..! شجرة الكتابة تعدّ ليلى البلوشي واحدة من الكتاب الشباب في سلطنة عمان، تقيم في دولة الإمارات وتقول عن نفسها: «حبي للقراءة قادني إلى الكتابة، وشجرة الكتابة في داخلي تفرعت إلى كتابة قصص قصيرة ومقالات ومحاولات شعرية، كما أنني باحثة وناقدة في أدب الطفولة، حبي لبراءة الأطفال وصدقهم اللامحدود دفعني إلى هذا المجال الشاق». لها إصدارات من بينها «صمت كالعبث»، أول مجموعة قصصية أصدرتها في مصر ونفذت نسخها منذ وقت طويل، و{بوسع قلبي» وهو كتاب كان مشروع ترجمة باللغة البولندية لمجموعة كتّاب من الوطن العربي، نفذه د. يوسف شحادة وداريا أرسينيتش، يتضمن الكتاب نصوصاً شعرية وقصصاً قصيرة جدا (2008) اختار لها المترجم نصاً شعرياً نشر في الكتاب ووزع في بولندا. ثمة كتاب آخر شبيه بهذا المشروع نشر لها فيه نص شعري أيضاً، صدر في العاصمة الإسبانية مدريد، يضم نصوصاً شعرية لشعراء من سلطنة عمان «مختارات من الشعر العماني المعاصر»، ترجمة د. حسين منصور، والمستعرب «خابوكوغوثمان» (2011). «قلبها التاسع» هو كتاب في فن القصة القصيرة جدا، أما كتاب «هواجس غرفة العالم» فعبارة عن مقالات متنوعة في مجالات مختلفة سياسية وثقافية وإنسانية كتبتها في السنوات الماضية، تجسد سنوات الربيع العربي

مشاركة :