تم قمع الانقلاب العسكري لكن خطره ما زال قائما.. فهناك مخاوف من أن تقوم القوات الخاصة والتي لم يتم العثور عليها لحد الآن بعمليات اغتيال لأهداف مسؤولة في الدولة.. لكن الأهم من ذلك كله هو؛ من قام بهذا الانقلاب؟، ومن تعاون مع من؟ كل هذه الأسئلة ما زالت غامضة ولم يتم إيجاد أجوبة لها بعد. وما زال موقف بعض المقرات والقادة غير واضح.. هناك شكوك كبيرة. ولا بد من لفت النظر إلى الاختلاف في المواقف منذ اللحظة التي تحدى فيها رئيس الجمهورية اردوغان الانقلابيين داعيا الناس للنزول إلى الشوارع إلى اللحظة التي بدأ فيها الانقلابيون يخسرون. نعم لقد تم إجهاض محاولة الانقلاب بفضل زعامة رئيس الجمهورية التركية، كما أبرز رئيس الوزراء رباطة الجأش في الإدارة. بعض القياديين في الجيش وقفوا إلى جانب الديمقراطية ضد الانقلابيين.. كما أن وسائل الإعلام المركزية كانت القائدة في عملية كسر مقاومة الانقلابيين ومساعدة الشعب على حماية ديمقراطيته.. كما ونهضت قوات الأمن بمهمة كبيرة جدا في قمع الانقلاب. بينما الشعب سَطَرَ ملحمة من خلال مواجهته للدبابات بصدور عارية.. كما أظهر بعض النواب مقاومة غير عادية من خلال تحدي القصف والاجتماع في البرلمان.. حتى تاريخ الـ18 من ديسمبر 2011، كان الحرس الجمهوري هو المسؤول عن تأمين البرلمان وكانت مهمة الحرس الجمهوري المعروفة في الانقلاب السابقة هي تسليم رئيس الجمهورية لكن عندما انتقل رئيس الجمهورية إلى القصر في «بيش تبه»، بقي فوج الحرس الجمهوري في قصر تشاناكايا.. وقد تم تأكيد أن الجنود الذين خرجوا في ليلة الانقلاب الاخير حصلوا على الأسلحة من فوج الحرس الجمهوري.. ولو كان الرئيس إردوغان في مكان يحرسه الجيش لكنا «شطبنا» عليه في وقتها، وهنا ليس هناك حاجة للتذكير بأن المستشار العسكري لإردوغان تبين أنه هو أيضا كان انقلابيا. إن عدم معرفة جهاز الاستخبارات التركية بالانقلاب كان عثرة كبيرة.. والأسوأ من ذلك أن جهاز الاستخبارات بلغ عن الانقلاب في الساعة الـ16.00.. وقد تم إجراء اجتماعات بهدف وقف وقمع الانقلاب.. فلماذا لم يتم قمعها على الرغم من ذلك؟.. وهذا أمر يثير الشبهات.. ربما فكروا بضرورة الحصول على تأييد رئيس الجمهورية إردوغان ورئيس البرلمان قبل الإعلان عن كشفهم للانقلاب.. لكن ألم يكن باستطاعتهم أن يعلنوا عنه قبل ذلك؟.. فبالنظر إلى تصريحات رئيس الجمهورية حين قال: «لو تأخرت 15 دقيقة لكنت قُتلت»، نرى الأهمية الحرجة للدقائق فكيف إذا بالساعات.. هذا بالإضافة إلى الغموض الذي يلف مواقف بعض المقرات وقادة الجيش بشأن ليلة الانقلاب حيث كان هناك تباين في المواقف بين اللحظة التي بدأ فيها الانقلاب، والفترة الزمنية التي بدأت تظهر فيه بوادر قمع الانقلاب. إحدى الشخصيات التي لعبت دوراً حرجا في هذه العملية، نبهني بقوله: «كن حذرا مما يُقال ومن الأدوار التي لعبت في الانقلاب».. ومنذ تلك اللحظة، فعقلي تشوش.. هناك أجواء غريبة حاكمة في أنقرة فيما يتعلق بليلة الانقلاب.. وكلما مر يوم ننتظر أن ينقشع الضباب لكن ما يحصل هو العكس.. الأسئلة تتعمق أكثر، والمخاوف تكبر.. لا أحد مقتنع بما يُقال.. السطور أعلاه هي ترجمة حرفية لمقال الكاتب التركي (عبدالقادر سلفي) بصحيفة حرييت بتاريخ: 21/7/2016، وهو من اشهر من يكتب عن كواليس الحكومة التركية وذلك لعلاقته الشخصية بالرئيس اردوغان ورئيس الوزراء السابق وقد فضلت أن أترجم وأنقل لقراء صحيفة اليوم الأعزاء تحليل ووجهة نظر كاتب تركي حول ما يدور في تركيا بشأن أحداث الاسبوع الماضي.
مشاركة :