الآثار طويلة الأجل لأسعار الفائدة السلبية - اقتصاد

  • 7/27/2016
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

تعمد الحكومات والبنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم، إلى استخدام السياسات النقدية من أجل تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية والمالية. ومما لا شك فيه أنه هناك حدوداً لاستخدام هذه السياسات، سواء في سبيل المساعدة على تعزيز النمو الاقتصادي أو إبطائه، عند وجود تهديد واضح لمعدلات الطلب على التضخم. إننا نرى أن البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة، كانت تعمل على اختبار تأثير معدلات الفائدة السلبية على الأنشطة الاقتصادية، عندما كانت تواجه خطر انهيار النمو الاقتصادي. ولم تعمل أسعار الفائدة السلبية قصيرة وطويلة الأجل على منحنى العائد، على توفير أي قيمة إضافية للنمو الاقتصادي، ومما لا شك فيه أن تقييم تأثير الفائدة السلبية على الاقتصاد ودورة الأعمال التجارية ستستغرق وقتاً كثيراً. ونحن نرى أن اعتماد البنوك المركزية على أسعار فائدة سلبية كان خطوة نابعة عن اليأس، وقد تكون كما ذكرنا سابقاً تجربة جديدة أرادوا اختبارها، وكان يمكن أن تكون مجرد سياسة أخرى في مجال الاقتصاد الكلي تم وضعها تحت الاختبار. ويعتمد الكثير من المشاركين في الأسواق المالية والاقتصاديين بشكل متزايد، على تحليلاتهم لاكتشاف سبب وجود أسعار الفائدة السلبية، وتأثيراتها على التوقعات المستقبلية للنمو الاقتصادي العالمي. وبإمكاننا استيعاب ذلك إذا كان الاقتصاديون والطلاب، يريدون معرفة المزيد عن قضية العيش مع أسعار الفائدة السلبية. ومع ذلك، ما نجد صعوبة في فهمه هو لماذا تغامر البنوك المركزية بالدخول في المجهول عندما يكون بإمكانها إجبار حكوماتها على استخدام واعتماد سياسات وإجراءات أخرى متاحة لتوليد النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل؟ إننا نعتقد أن أسعار الفائدة السلبية تسببت بارتباك كلي في الأسواق، إذ يجد جميع المشاركين في هذه العملية بما في ذلك البنوك، والمؤسسات المالية، ورجال الأعمال، والمستثمرين، والأفراد العاديين وحتى الحكومات، صعوبة في استيعاب ذلك وإيجاد معنى له، ومحاولة تجنب النتائج غير المقصودة للفائدة سلبية. ومن الواضح تماماً الآن أن أسعار الفائدة السلبية، لم تؤد إلى زيادة على صعيد الطلب الكلي في النشاط الاقتصادي. وكان الاقتصادي الإنكليزي الكبير جون ماينارد كينز، قد جادل بأن الطلب الكلي يحدد المستوى العام للنشاط الاقتصادي، وأن الطلب الكلي غير الملائم، يمكن أن يؤدي إلى فترات طويلة من معدلات البطالة المرتفعة. ووفقاً لنظريات كينز الاقتصادية فإن تدخل الدولة أمر ضروري، لتخفيف أي مبالغة في دورات النشاط الاقتصادي، مثل الازدهار والكساد، وقد دعا إلى استخدام السياسات المالية والنقدية للتخفيف من الآثار السلبية للركود الاقتصادي والكساد. وبناء على ذلك يبدو لنا أن بعض الحكومات في الاقتصادات المتقدمة، لم ترغب بتحمل مسؤوليتها، بتنفيذ بعض التدخلات الاقتصادية على نطاق صغير على الأقل، أو عندما كان بإمكانها القيام بذلك. ويمكن للتدخل الاقتصادي أن يستهدف مجموعة متنوعة من الأهداف السياسية أو الاقتصادية، مثل تشجيع النمو الاقتصادي، وزيادة فرص العمل، ورفع الأجور، ورفع أو خفض الأسعار، وتعزيز المساواة في الدخل، وإدارة معدلات المعروض من النقود والفائدة، وزيادة الأرباح، أو معالجة إخفاقات السوق. إننا غير متأكدين مما إذا كان بإمكان معدلات الفائدة السلبية أن تنجح على المدى الطويل، إذ إن معظم المؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك موجودة لتقديم الخدمات المالية، وجعل الحياة أسهل بالنسبة للمدخرين والمقترضين. ويتمثل هدف هذه المؤسسات في نهاية المطاف بتحقيق الأرباح لمساهميها، ولذلك فإن هامش صافي أسعار الفائدة المرتفعة أمر مهم جدا لبقائها، إذ تم تصميم هذه الأنظمة المالية في معظم الاقتصادات المتقدمة لتكون قادرة على العمل والتعايش مع البيئات التي تسود فيها أسعار الفائدة السلبية، إلا أننا غير متأكدين مما إذا كان بإمكان هذه المؤسسات الاستمرار بالعمل بنجاح لفترة أطول، في ظل سيطرة أسعار الفائدة السلبية على الاقتصاد. وبالإضافة إلى ذلك فإن مقدمي خدمات الادخار المالية طويلة الأجل والحماية والتأمين، بدءاً من صناديق المعاشات وصولاً إلى شركات التأمين، تجد صعوبة في تلبية توقعات العملاء، من حيث تحقيق عوائد آمنة وذات جدوى في المستقبل. وكلما طالت مدة تعايش العالم مع أسعار الفائدة السلبية، كلما تزايد الضغط الكبير على الأفراد والشركات لحماية أنفسها ونشاطاتها، بدلاً من الاعتماد على السياسات النقدية الجديدة التي لم تختبر وغير الموثوق بها، مثل الاعتماد على سياسة أسعار فائدة سلبية على المدى الطويل. وسيكون لأسعار الفائدة السلبية على المدى الطويل، تأثير كبير على أسواق الصرف الأجنبية العالمية، ونحن نرى أن اختفاء الفروقات في أسعار الفائدة هو المحرك الرئيسي لارتفاع قيمة العملات، بعد إيلاء انتباه أكبر لآثار السيولة، بما في ذلك قدرة الأفراد على إعادة أموالهم من الخارج. وستترجم هذه العواقب الخطرة إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي في نهاية المطاف، وأسواق مالية ممزقة تكون عملية مراقبتها، والتأثير عليها وتنظيمها أصعب. @Rasameel

مشاركة :