من الفقر إلى التشرد

  • 2/4/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

ملاحق أين ما وجد في العالم بتهمة أنه فلسطيني، خصوصاً في الدول العربية، فطبيعة الشعب الفلسطيني مرتبطة بمقاومة الاحتلال، ما ينعكس على الفلسطيني في حياته اليومية أين ما وجد في العالم. كلمة «فلسطيني» تجعلك دائماً الحلقة الأضعف أمام أي شخص يشاركك العمل أو التهمة، لأن الشعب الفلسطيني قدره أن يكون في المحن دائماً. «ذل، فقر، تشريد، إهانة»، كلمات تلخص حياة المواطن يوسف السواركة (30 عاماً)، سواء خلال معيشته في مصر برفقة والدته، أم في عودته إلى غزة، أملاً منه بحياة كريمة بين أهله وأقاربه، لكنه وجد المصير نفسه. يبدأ تفاصيل بداية حياته قائلاً: «ولدت في غزة وأحمل الهوية الفلسطينية منذ بداية الثمانينات، وفي عام 1982 اصطحبتنا والدتي أنا وأختى لزيارة أهلها في مصر، وطالت الزيارة فترة طويلة، وتم ترسيم الحدود بين قطاع غزة ومصر خلال وجودنا هناك، وعندما قررنا الرجوع إلى غزة رفض الاحتلال عودتنا إلى القطاع». وأضاف: «اضطررنا للبقاء في مصر. وبصعوبة حصلت على وثيقة لضمان بقائي بأمان. لكنهم رفضوا التحاقي بالمدارس لأنني أحمل الهوية الفلسطينية، فعملت في الكثير من المهن، مثل البناء والطوبار والتجارة، وتزوجت هناك واستأجرت منزلاً في منطقة الشيخ زويد وأقمت فيه بعد وفاة والدتي أواخر التسعينات». حياة صعبة عاشها يوسف مرغماً بعيداً من وطنه، لكنه فضّل أن يسكن في أقرب منطقة مصرية إلى وطنه الأم غزة، ولم يدرك أن السكن في هذه المنطقة سيضعه في دائرة الخطر لأنه فلسطيني ويحمل الهوية الفلسطينية ويسكن في منطقة خصبة لتحركات الخلايا الجهادية. عاش حياته مضطهداً. وجاءت اللحظة التي غيرت حياته في مصر، وجعلته ينتظر اللحظات ليعود إلى غزة بكل الطرق. ويسرد تفاصيل اعتقاله في مصر قائلاً: «بعد تفجيرات طابا اعتقلت مع مئات الفلسطينيين المقيمين في العريش والشيخ زويد، ومكثت في السجن ستة أشهر لأنني أحمل الهوية الفلسطينية، وتعرضت للتعذيب على مدار الساعة بتهمة تنفيذ تفجيرات طابا، وتم الإفراج عني بعد ستة أشهر». ويتابع: «بعد خروجي من السجن ظللت أعاني من آثار التعذيب إذ أصبت بكسور في اليد والزر في منطقة الحوض، وليس بإمكاني الآن ممارسة أي عمل نتيجة إصابتي في يدي وفي الحوض». ولا يستطيع يوسف رفع يده إلى الأعلى أو تحريك مصباح الإنارة في بيته نتيجة التعذيب الذي يلازمه حتى الآن، وتقوم زوجته المصرية بإصلاح ما يمكن إصلاحه في المنزل. وقرر يوسف بعد خروجه من السجن أن يعود لإلى غزة. وفي عام 2004 حصلت المعجزة. فللمرة الأولى في التاريخ الفلسطيني - المصري يفتح السياج الفاصل بين البلدين، ويذهب المواطنون للتسوق وشراء الطعام من العريش بعد فترة حصار في بداية الانتفاضة الثانية، وأغلق السياج بعد سبعة أيام من فتحه، واستغل يوسف هذه الفرصة وعاد إلى غزة مصطحباً زوجته من دون أي متاع أو مكان معين يتوجه إليه سوى بعض الأقارب. واستضافه أقاربه شمال قطاع غزة وسكن في أرض حكومية في «عشة» مساحتها أربعة أمتار هو وزوجته، وبعد استقراره جزئياً في هذه البقعة أنجب أطفاله الأربعة. ولم يتمكن يوسف من العمل طوال فترة إقامته وبدأت الحياة تضيق عليه وعلى أبنائه، وبدأ يشعر بالغربة والفقر والذل والهوان في غزة، ولم يتوقع أن يكون بلده بهذه القساوة. كان السبب الرئيس لهروبه من مصر الفقر والتشرد والغربة، لكنه وجد الشعور نفسه في غزة، إلى أن عثر على بيت صغير في أرض واسعة، وافق صاحبه على أن يقيم يوسف في غرفة فيه، مقابل أن يحرس الأرض، لكن صاحب المنزل أبلغه بضرورة البحث عن بيت بديل في نهاية فصل الشتاء الحالي. من هنا، بدأت معاناة يوسف من جديد حيث لا مكان آخر للعيش فيه، والمعاناة الأكبر أنه تمت كتابة صفة مواطن على هويته بدلاً من لاجئ، ما سبب له فقراً أكثر وعدم حصوله على مساعدات من الأونروا أو مكاتب العمل الحكومية أيضاً. ويستخدم يوسف الحطب للطهو والتدفئة بعد انقطاع الغاز عن منزله منذ خمسة أشهر. وهو يعيش في غرفة واحدة متهالكة نتيجة تشقق الجدران وهطول الأمطار أثناء النوم مع أطفاله. وفي الأرض المجاورة العشرات من الثعابين السامة التي هرب منها مرات عدة ونجا من لدغاتها. لقد ضاقت كل المحاولات في وجه يوسف وسيزداد وضعه سوءاً في الأيام المقبلة.

مشاركة :