فشل الانقلاب في تركيا يخدم الربيع العربي

  • 7/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتب - إبراهيم بدوي: أكدت ورقة تقدير موقف صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات أن انتصار الشعب التركي للديمقراطية ومقاومته للمحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها تركيا منتصف الشهر الجاري، تصب في صالح قوى الثورة والتغيير بالعالم العربي حتى وإن لم يكن لها آثار مباشرة وسريعة على الساحة السياسية العربية. وأشارت الورقة التي جاءت تحت عنوان " تشريح الفشل : بنية الانقلاب التركي ودينامياته وتداعياته" إلى أن المحاولة الانقلابية أظهرت حجم الاهتمام الشعبي العربي الكبير بتركيا وتحولاتها. وحتى إن لم يكن لفشل الانقلابيين آثار مباشرة وسريعة على الساحة السياسية العربية، فليس ثمة شك أن انتصار الشعب التركي في الدفاع عن حريته سيصب لصالح قوى الثورة والتغيير وضد قوى الثورة المضادة. الشعب والقيادة ونوهت الورقة بأن هذا أول انقلاب في تركيا الجمهورية، بهذا الحجم والفعالية، ينطلق بالفعل ثم يتعرض للفشل. وليس ثمة شك في أن ما يتكشف تدريجياً من حجم الشبكة الانقلابية، وما بات معروفاً من وحدة الشعب والحكومة والبرلمان والقوى السياسية في مواجهة المحاولة الانقلابية، سيترك أثراً بالغاً على تركيا وعلى بنية الدولة التركية. ويشير فشل الانقلاب إلى عمق التحولات السياسية والاجتماعية التي عاشتها تركيا في ربع القرن الأخير.. ولكن هذا الفشل يوفر فرصة كبرى، أيضاً، لإعادة بناء الجمهورية. بناء الجيش وفي استقراء لمستقبل الاحداث، توقعت الورقة أنه من المرجح في المدى القريب، أن تكون أولوية الحكومة التركية إجراء عملية تغيير بنيوية للدولة والمؤسسة القضائية. ولأن المؤسسة العسكرية تعرضت لعطب غير مسبوق في تاريخ الجمهورية، فإن إعادة بناء الجيش ستحتل موقعاً متقدماً في سلم أولويات الإصلاح. كما أن هناك فرصة كبيرة لتحقيق ما يشبه التوافق بين القوى السياسية على الدستور الجديد ومسألة نظام الحكم الشائكة. وبالرغم من أن الحكومة ستواصل سياسة مواجهة حزب العمال الكردستاني، فالمؤكد أن تفكيراً جديداً سيُطلق للتعامل مع القضية الكردية. أردوغان أكثر قوة وشددت الورقة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خرج أكثر قوة من المحاولة الفاشلة للانقلاب، ولكن ليس هو فقط. ثمة شخصيات ودوائر لعبت أدواراً مهمة في إفشال الانقلابيين؛ وهؤلاء سيكونون شركاء في النصر، أيضاً. ويمكن القول: إن الكتلة الإسلامية في حزب العدالة والتنمية أصبحت أكثر قوة مما كانت عليه قبل 15 يوليو، وإن الحزب سيستعيد تماسكه الذي بدا أنه اهتز بعد استقالة د. أحمد داود أغلو. وفي المجتمع التركي ككل، سيصبح التيار الإسلامي والمحافظ، الذي تحمَّل أبناؤه عبء المواجهات الأولى مع الانقلابيين، أكثر تأثيراً وثقة بالنفس. والمؤكد أن الخيارات الاستراتيجية للرئيس ستكون محدِّداً بالغ الأهمية لمستقبل الجمهورية التركية خلال المديين القصير والمتوسط. سياسة التهدئة وفي ما يتعلق بمسار السياسة الخارجية التركية، ذكرت الورقة أنه من المرجح أن الحكومة التركية لن تتراجع عن سياسة التهدئة التي بدأتها في الشهرين السابقين على المحاولة الانقلابية. ولكن أنقرة ستصبح أكثر استقلالاً في علاقتها بالولايات المتحدة والدول الأوروبية الغربية، وأكثر تصميماً على تحسين العلاقات مع روسيا، وأقل حرصاً على الالتحاق بالاتحاد الأوروبي. المخطط الانقلابي ونوهت الورقة بأن هناك أدلة ظرفية، وليست مؤكدة بعد، على أن عدداً من الدول العربية عرف مسبقاً بالمخطط الانقلابي، وربما وفرت دولة عربية واحدة، على الأقل، الدعم المالي لجماعة فتح الله جولن. وبالنظر إلى حجم الشبكة الانقلابية ومرتبة الضباط المتورطين، يصعب تصور أن لا تكون الولايات المتحدة على علم مسبق بالمحاولة، بدون أن يعني ذلك بالضرورة أن الأمريكيين قدَّموا دعماً مباشراً للانقلابيين أو أبدوا التأييد لمخططهم. ولكن هناك في تركيا، وخارجها، من يقول: إن مَن عَلِم مسبقاً ولم يُبدِ معارضة واضحة، ولم يمرر المعلومات للحكومة التركية، لابد أنه كان، على الأقل، متعاطفا مع المخطط الانقلابي وينتظر نجاحه.

مشاركة :