في عام 1997 حدث تحول في تاريخ السينما المصرية حيث أدى نجاح فيلم (إسماعيلية رايح جاي) الذي قام ببطولته محمد فؤاد إلى إفساح الطريق أمام موجة جديدة من أفلام الكوميديا، قام ببطولتها عدد من النجوم الشباب الجدد، وظهر لأول مرة مصطلح السينما النظيفة، وهي السينما الخالية من المشاهد الخادشة للحياء، بحيث تناسب الأفلام جميع أفراد الأسرة، ولم تكن فقط النجمات هن اللائي يمنعن ذلك، بل إن النجوم كلهم كانوا يرفعون نفس الشعار (لا للمشاهد الساخنة) وقد أنجبت هذه الظاهرة ما يعرف بسينما المضحكين الجدد، الذين تزعمهم محمد هنيدي، الذي قدم في عام 1999 فيلم (صعيدي في الجامعة الأمريكية) الذي حقق إيرادات بلغت 25 مليون جنيه، واستمرت المسيرة بعد أن واصل محمد سعد نفس الاتجاه. مع الزمن بدأت تتغير تلك التصنيفات، وصارت هناك محاولات للخروج من هذا القيد، حتى النجوم مثل أحمد السقا وكريم عبد العزيز لم يعودوا يتدخلون في حذف بعض اللقطات في الأفلام، ولم يتمسكوا بتطبيق قانونهم الخاص الذي يمنع تصوير أي مشاهد عاطفية كما جاءت بعض الأفلام التي تخالف هذا المنطق مثل فيلم (سهر الليالي) لهاني خليفة عام 2003، الذي لعب بطولته منى زكي، وحنان ترك، وأحمد حلمي، وشريف منير، وخالد أبو النجا، وفتحي عبد الوهاب، وعلا غانم، وجيهان فاضل. بعد ذلك قرر عدد من نجوم السينما كسر حاجز المحرمات الفنية، وأصبحوا أكثر إقبالا على الظهور في أفلام مثيرة للجدل، الأمر الذي أدى إلى اهتزاز عرش أفلام الكوميديا الخفيفة التي سيطرت على الساحة لسنوات طويلة. هذا الاتجاه الجديد جسَّدته الفنانة منى زكي، التي اقتحمت منطقة جديدة عليها في فيلم «إحكي يا شهرزاد» للمخرج يسري نصرالله، والذي ناقش قضايا المرأة في المجتمع المصري، كما أن هناك العديد من الممثلات الشابات مثل هند صبري ومنة شلبي تمردن على قيود السينما النظيف، التي تهمش أدوار الممثلات، حيث تمنح البطولة الكاملة للممثلين الرجال. ومؤخرا تم عرض الكثير من الأفلام التي تضمنت الكثير من المشاهد الخادشة للحياء، وبعضها تم تصنيفه للكبار فقط، مثل قدرات غير عادية، حرام الجسد، وقبل زحمة الصيف، ومنذ عدة أيام تم عرض عدد من أفلام المقاولات التي تهدف إلى الربح في المقام الأول دون النظر إلى المحتوى الفني الذي يقدم. ويرى المخرج داود عبد السيد أن السينما النظيفة عكست رغبة المنتجين في الوصول إلى المُشاهد المحافظ في أواخر التسعينيات، ويرصد أن الاتجاه لإقامة دور العرض داخل المولات التجارية في تلك الفترة شجع على إنتاج المزيد من الأفلام الموجهة للأسرة، مضيفا أن المصريين العائدين من الخارج بعد تكوين الثروات كانوا الفئة الوحيدة القادرة في تلك الفترة على توفير ثمن تذاكر مثل ذلك النوع من دور العرض. أما الفنان هاني سلامة فيقول: لا يوجد في العالم شيء اسمه سينما نظيفة، والممثلة التي ترفض القبلات تذهب لتعمل في بنك، فأنا ضد أي ممثلة تتحدث عن فكرة معينة، وتدافع عنها لفترة، ثم بعد فترة تعمل عكسها. تغير شكل السينما أما الفنانة هنا شيحة فتقول: للأسف حدث تغيير في شكل السينما، وبدأت شعارات السينما النظيفة والسينما غير النظيفة، وأنا لا أعترف بهذه المسميات، وضدها بالأساس، كما أنني ضد فكرة الخطوط الحمراء في الفن، فأجد تلك الفنانة تقول: أبتعد عن الخطوط الحمراء، وأخرى تقول أعتذر عن أي دور يحمل خطوطاً حمراء، فكلمة فن تعني حرية ووجهة نظر خاصة، يجب أن تقدم كما هي حتى تظهر بالشكل المطلوب، لاسيما أن ذلك الأمر يظهر العمل بمصداقية أكبر، فكل ما قدم في السابق من أعمال أصابت السينما المصرية بحالة شلل شديدة لفترة طويلة، حتى خرجنا بـ»قبل زحمة الصيف»، وأفتخر بأنني شاركت في بطولة هذا الفيلم، الذي أخرجه المخضرم محمد خان. وتتفق معها في الرأي الفنانة هند صبري حيث تقول: لا توجد سينما نظيفة وأخرى غير نظيفة، فالسينما تجسد الواقع بكل ما فيه، ولذلك فالنجوم الذين برزوا على حساب السينما النظيفة ليس لديهم رصيد فني جيد، وكل ما يقدمونه يقترب من التفاهة؛ لأنه يعتمد على الكوميدي والأحداث غير الواقعية والابتذال في الكلمة. أما الفنانة نجلاء بدر فتقول: أنا غير قادرة على فهم مصطلح السينما النظيفة، كما أنني ضد التصنيف العمري، من الجائز تصنيف الفيلم وفقا للإطار الذي يدور فيه، كوميدي أم تراجيدي، لكن التصنيفات الأخرى لا تحمل أي معنى، والجمهور أصبح متعطشا للسينما، وانتابه شعور بالملل من تيمة الأفلام التي استهلكت على مدار السنوات الماضية، وأنا لست ضدها، لوجود جمهور لها. أما الكاتبة مريم نعوم فتقول: الأعمال الفنية لن تخلو من النماذج السيئة طالما كانت موجودة في الواقع، وهو ما يعني أن القضاء على ظاهرة وجود هذه النماذج في الأعمال الفنية يتطلب إيجاد حلول للظواهر السلبية المتفشية في المجتمع، ولذلك فأنا ضد مصطلح السينما النظيفة. آراء النقاد من ناحية أخرى لم يختلف رأى النقاد كثيرا، حيث يقول الناقد الفني طارق الشناوي: تعبير السينما النظيفة تعبير خادع، وليس له علاقة بالفن، حيث إنه لا يوجد مسمى للأفلام نظيف أو غير نظيف، حيث يوجد نوعان من الأفلام؛ فيلم به إبداع وفن، وفيلم لا يوجد به فن، والسينما النظيفة كانت تعبيرا عن الأفلام الخالية من المشاهد الخادشة للحياء في نهاية التسعينيات، وانتهى هذا التعبير منذ ذلك الوقت. وأنا أرفض شعار «السينما النظيفة التي تسيطر عليها تلك الرؤية المباشرة للأخلاق، حيث يحكم على الفيلم باعتباره جيدا إذا خلا من أي مشهد عاطفي، وتثبت براءته من الإدانة لو لم نستمع إلى أي كلمة قد يراها البعض بمفردها، وبعيدا عن السياق الدرامي، تحمل تجاوزا مهما كان لها منطقها، إلا أنني وفي نفس الوقت أرى أن الجنوح للجانب الآخر وتقديم سينما مباشرة وفجة ومتجاوزة في العري أمر مرفوض. ويتفق معه في الرأي الناقد كمال رمزي: هذه المصطلحات خرجت علينا دون أي منطقية، فهي مصطلحات غير صحيحة، لأن الفن ليس به هذه المصطلحات، فمن الجائز جدا أن تقدم عملا فنيا خاليا من المشاكل الخادشة للحياء، ولكن القضية التي تطرحها شائكة وجريئة، وبالتالي لا يمكن أن تصنفه أنه ينتمي إلى السينما النظيفة، والعكس صحيح.;
مشاركة :