وجه القضاء البرازيلي للرئيس الأسبق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا تهمًا بعرقلة عمل القضاء، في إطار التحقيق في فضيحة الفساد التي طالته، والمعروفة باسم فضيحة «شركة النفط الوطنية» (بتروبراس)، وذلك بعد نحو شهرين من عزل خليفته ديلما روسيف من الرئاسة مؤقتًا. مصادر قضائية برازيلية أعلنت أن لولا الذي كان رئيسًا للبرازيل في الفترة من 2003 إلى 2010، اتهم بـ«محاولة عرقلة عمل القضاء»، في إطار التحقيق في عملية «غسل أموال ورشى» مرتبطة بشركة النفط الوطنية (بتروبراس). وأشارت النيابة البرازيلية إلى أن الرئيس السابق حاول شراء صمت مدير أسبق في «بتروبراس»، وهو نستور سيرفيرو المعتقل منذ يناير (كانون الثاني) 2015. ويأتي اتهام لولا دا سيلفا قبل أسبوع من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، وهو أهم حدث رياضي تستضيفه البلاد، وكان أحد أسباب نجاح البرازيل في الحصول على استضافة هذه الدورة، الحضور القوي الذي يتمتع به هذا العامل السابق في قطاع الفولاذ، بينما كانت تشهد البلاد ثورة اقتصادية أخرجت ملايين الأشخاص من الفقر. لكن منذ ذلك الحين شهدت البرازيل انكماشًا اقتصاديًا أفقد الرئيسة ديلما روسيف، التي أعيد انتخابها في 2014، شعبيتها. وهي المرة الأولى التي يتعين فيها على لولا، الذي كانت شعبيته تصل إلى 80 في المائة عندما غادر السلطة، المثول أمام محكمة في قضية شبكة الفساد هذه داخل المجموعة النفطية العملاقة «بتروبراس». وكلفت هذه القضية الشركة الكبيرة في البلاد أكثر من ملياري دولار. وقد استفاد من الشبكة عشرات السياسيين وعدد من الأحزاب ومتعهدين ومديرين في المجموعة النفطية. وكان قد وجه القضاء البرازيلي اتهامات إلى 6 شخصيات أخرى متورطة في هذه القضية، بينهم المصرفي اندريه ايستيفيس وصديق لولا جوزي كارلوس بوملاي، والممثل السابق لحزب العمال في مجلس الشيوخ ديلسيديو دو امارال. من ناحيته، جاء رد فعل الرئيس الأسبق لولا على الاتهامات، عندما أبلغ بها، بتعبيره عن امتعاضه لكل هذه الأحداث. وأضاف الرئيس السابق أن «الشيء الوحيد الذي يريده هو الاحترام، وألا يحاكم من قبل وسائل الإعلام التي تكتب عنه الكثير». من جانبه، قال محامي لولا في مكتب «تيخيرا»، مارتنز وابوغادوس، إن «لولا أوضح كل شيء لمدعي عام الجمهورية»، وأكد أنه «لم يتدخل يومًا أو يحاول التدخل في تصريحات مرتبطة بـ(قضايا الفساد الموجهة له)». ويخضع الرئيس السابق الذي لا يتمتع بأي امتيازات للحصانة بحكم عمله السابق لتحقيق، لاستفادته من مبالغ مالية دفعت من قبل شركات للبناء والأشغال العامة، كانت تحصل على عقود من «بتروبراس» مقابل رشى. وأعلن محامو لولا في لندن أنه قدم طلبًا إلى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، لإدانة «تجاوزات السلطة حياله». وفي مؤتمر صحافي في العاصمة البريطانية، قال المحامون إن القاضي سيرجيو مورو، الذي يدير التحقيق في قضية «غسل الأموال» يقوم «بتجاوز سلطته»، بانتهاكه الميثاق الوطني حول الحقوق المدنية والسياسية. وتأتي هذه الفضيحة المالية في وقت يواجه فيه حزب لولا (حزب العمال) أوقاتًا استثنائية، وسط قضية الإقالة المفتوحة ضد روسيف. الجدير بالذكر أن روسيف تم استبعادها من مجلس الشيوخ في 12 مايو (أيار) الماضي عن السلطة، بانتظار الحكم النهائي في إجراءات الإقالة بتهمة التلاعب بالحسابات العامة. وصرح نائبها ميشال تامر الذي تولى الرئاسة بالنيابة، وتتهمه روسيف بتدبير «انقلاب» برلماني، بأن القرار في هذا الشأن سيصدر في 25 أو 26 أغسطس (آب) المقبل، مؤكدًا أن «العالم بحاجة لأن يعرف من هو الرئيس»، الذي سيمثل البرازيل في قمة العشرين في الصين، التي ستعقد في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. ويتهم الرئيس الأسبق، لولا، خصومه بالثأر السياسي منه ومن حزبه، وسط ظروف اقتصادية وسياسية صعبة تمر بها البلاد قبيل أيام من افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو، التي ستكون الأولى التي تنظم في أميركا الجنوبية. وسيفتتحها الرئيس المؤقت ميشال تامر وسط قرار من لولا وروسيف بمقاطعة حفل الافتتاح، الذي سيجري في استاد ماراكانا في الخامس من أغسطس المقبل.
مشاركة :