من أهم ما استجد في الأسبوع الماضي كان قرار مجلس الوزراء بإقرار تنظيم مجلس «شؤون الأسرة». وحين أقول مستجد فهو جديد فقط في كونه اعتمد رسميا ضمن الحوكمة الجديدة وهيكلة مؤسسات الدولة ضمن توجه رؤية 2030 , أما كفكرة وكمطلب فإن تأسيس جهة مختصة بشؤون وشجون المرأة فهو قديم مرت عليه سنوات يحضر في اهتمامات وحوارات المجتمع الخاصة والإعلامية والحقوقية باستمرار, تطالب به الفئة الواعية عله يرفع من بعض معاناة النساء والأطفال. كما تكرر بصورة أو بأخرى في مقترحات مجلس الشورى. كان من الخطوات التي ناديت بها لترشيد تعاملات المجتمع في ما يختص بالمرأة وبالذات في الإطار الذي لا يراها إلا كأنثى مستضعفة وقابلة تحت ضغوط الأسرة والمجتمع للتضحية حتى بحقوقها الشرعية. الأسرة هي نظرياً الإطار المسؤول عن حماية المرأة والأطفال, وهي فعلياً «في تناقض الممارسة عن المثاليات» مصدر الإشكال الذي يولد تجاوزات الظلم في كل الفئات بما في ذلك الطبقة المتعلمة والثرية مادياً. ما يتحقق من تحسن في هذا السياق واضح ولكنه بطيء ويجد مقاومة, مثلاً تزويج الصغيرات وإساءة المعاملة, والعضل والحرمان من الحقوق, واستلاب الممتلكات تحت الضغط، وقد يتطاول الى التحرش الجنسي والتعذيب السادي. كل هذه الحالات تضر باستقرار المجتمع معنويا وتتطلب آليات لها أيضا قدرة التطبيق والمحاسبة والمعاقبة. أمسى جليا أن موضوع حقوق المرأة والعمالة وموضوع العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال يسبب لنا تأزما وعنفا في الداخل وتزايدا في الجرائم الدموية, كما يسبب لنا حرجا أمام المنظمات الحقوقية في الخارج التي تحمل الحكومة وزر تجاوزات أفراد المجتمع. والحمد لله أن الحكومة أخذت زمام المبادرة في طرح موضوع هذه الممارسة المنتشرة والمتقبلة وغير المعترف بها كخطأ مجتمعي يدعمه العرف. كان الكلام في هذه المواضيع بالذات ذلك الفضاء الملغم بالسحب والغبار حيث تلتبس حماية خصوصية الأسرة بحق أفرادها في الحماية ممن يتسلط عليهم من أفرادها. ضمن المسموح له رسمياً والمرفوض اجتماعياً الاعتراف بأهميته ومصيرية البت فيه. نستطيع أن نأمل بتغير الوضع إيجابياً مع القوانين الجديدة التي تعيد للنساء والفتيات والأطفال بعض حقوقهم في حياة طبيعية راضية وخالية من الافتراء باسم الولاية والقوامة. لا شك أن جدية برامج مثل الأمان الأسري والتنظيمات الجديدة في التعامل معها من قبل وزارة العدل ووزارة الداخلية، تؤكد تزايد وعي المسؤولين والنخبة من أفراد المجتمع بمصيرية رفض وتغيير ما هو متقبل مجتمعياً وضار فردياً؛ مثل ضرب الصغار واستغلال النساء, وبالمثل ضرورة فرض وتطبيق ما هو مفصل شرعاً, وما زال يرفض عرفياً تحت تفسيرات مغالطة أو مغلوطة, كالفصل بين زوجين بحجة عدم تكافؤ النسب والتسامح في إضرار المنجب لمن أنجب. ووجود مجلس لشؤون الأسرة يحوي في عضويته سيدات يرفع سقف التوقعات بأن زمن التجاوزات قد انتهى. والمؤمل أن يصاحب التغير في الإجراءات الرسمية وعي البعض. آمل أن يكون للمجلس قدرة تغيير الممارسة المجتمعية فعلاً لأن سلطة العرف ترسخت وهي تمارس بضغط ملزم فظلت أقوى من الفرد. تغيير الممارسة لا يتم إلا باتخاذ قانون رسمي بشأنها وتوضيح إجراءات معاقبة من لا يطبق القانون الرسمي, وتطبيق الإجراءات على كل مخالف بلا استثناء. قد يكون اسمه مجلس شؤون الأسرة, وأراه أنا أو آمل أن يكون مجلساً لحماية حقوق أفراد الأسرة. د ثريا العريض الجزيرة
مشاركة :