تزامناً مع الذكرى السادسة لذكرى احتلال الكويت، صدر عن دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع كتاب «هل تسمحون لي أن أحب وطني» بطبعته السادسة للدكتورة سعاد محمد الصباح الذي يعد مرجعاً مهماً لمشاعر الكويتيين أثناء شهور الاحتلال السبعة... ويرصد جهود سعاد الصباح في استرجاع الحق الكويتي ورحلاتها بين دول العالم لشرح القضية الكويتية وحشد التأييد العالمي للتحرير، من خلال عدد من المقالات التي تنحو نحو المذكرات. اشتهرت الشاعرة سعاد الصباح بمؤلفاتها الشعرية والنثرية التي تفيض حبا للكويت وتغنيا باسمها، ويعتبر كتابها «هل تسمحون لي أن أحب وطني» من أكثر المطبوعات انتشاراً، وقد تناوله العديد من الاختصاصيين والنقاد والدارسين بالنقاش والبحث، وذلك منذ طبعته الأولى عام 1990 بعد الغزو العراقي للكويت، حيث قامت الشاعرة العربية بكتابة مقالاتها حول موقفها من الغزو ومشاعرها تجاه وطنها، وسجلت فيه الكثير من اليوميات التي عايشتها في لندن ومدن العالم مع أسرتها وعدد من الكويتيين والمؤيدين للحق الكويتي الذين قاموا بواجباتهم تجاه تحرير الكويت، كل من موقعه وقدراته. يبدو جليا لقارئ كتاب «هل تسمحون لي أن أحب وطني» القدر العظيم الذي تحمله المؤلفة لوطنها الكويت، والعاطفة الجياشة التي وجهت بوصلتها نحو الوطن في أيام المهجر القسري، ولم تتوقف الكاتبة عند حد عاطفتها بل قامت بانتقاد غدر النظام العراقي السابق ووحشيته تجاه الكويتيين والعرب والأطفال، وتعرية مزاعمه الكاذبة في الوحدة العربية ومعركة تحرير فلسطين، وكذلك قدمت الشكر للذين وقفوا من العرب مع الكويت في أيام المحنة حتى تم التحرير وعادت الطيور إلى أعشاشها، ولم تمتنع الدكتورة سعاد عن انتقاد مواقف بعض السياسيين العرب الغادرة، وانحيازهم للجلاد ضد الضحية. تعتبر شجون سعاد الصباح حول الكويت خلال أيام الغزو مرجعاً لمن أراد أن يعرف كيف كان الكويتيون يفكرون وهم في المنفى، ومقدار العزيمة والإصرار اللذين يحملونهما في صدورهم ليعودوا لوطنهم ويعود وطنهم لهم سالما معافى. وتحدثت الكاتبة عن المواقف الدولية المماطلة في بداية الغزو، ثم قيام المجتمع الدولي بحسم أمره، وقراره بتحرير الكويت من براثن المحتل، وبدء العمليات العسكرية فعلا في يناير 1991. يذكر أن الكتاب يضم 27 مقالاً، نشرت بداية من أغسطس عام 1990 في العديد من الصحف، من بينها: «الحياة» اللندنية، و»صوت الكويت» (لندن)، و»الشرق الأوسط» (لندن)، وقد تزين بلوحة هي من الأعمال التشكيلية للمؤلفة تمثل خريطة الكويت. وفي هذه الطبعة تم إصدار الكتاب كنسخة منقحة وبما يقرب من 200 صفحة متوسطة الحجم، وبطباعة مميزة، وإخراج جديد مختلف عما سبق من الطبعات الخمس السابقة. ومن أجواء الكتاب من مقال «صباح الخير أيتها الحرية»: «بعد مئتين وعشرة أيام، وثماني ساعات، وعشرين دقيقة، وخمس ثوان، عددتها على أصابع يدي، كما يعد المساجين فتافيت الخبز وأعقاب السجائر، وخيطان بطانياتهم... دخلت علي رائحة الكويت من نافذة منفاي في لندن، فاخضر لون دمي... وتسلق العشب على جدران ذاكرتي... ما أطول زمن المحبوسين في زجاجة الأنظمة الفردية... زمن من الخشب... لا يتقدم... ولا يتأخر... ولا يشيخ... بعد مئتين وعشرة أيام... أكلت فيها نصف أظافري... ونصف دفاتري... استيقظت صباحا لأجد مئات الهدايا مكومة فوق سريري القمر الكويتي في كيس... أبراج الكويت في كيس... ملابسي الصيفية في كيس... ألعاب أولادي، ودفاترهم المدرسية في كيس... صورة «مبارك الكبير» في كيس... والبحر، والكورنيش، والسالمية، والجابرية، ومشرف، ودسمان والشويخ، والفحيحيل، والأحمدي... ووربة... وبوبيان... وفيلكا... كلها كانت ملفوفة بأوراق السيلوفان والقصب تنتظر إلى جانب سريري... رائحة الكويت تهاجمني من كل الجهات... رائحة الشاي والقهوة في الديوانيات تخترقني من كل مكان... تبللني... تثقبني... تحفرني... كنت أتصور قبل احتلال بلادي، أن رائحة الحرية رائحة عاطفية وشعرية وكمالية... وأن الطغاة يمكنهم أن يمنعوا استيرادها بمرسوم صادر عن مجلس قيادة الثورة، أسوة بكل مستحضرات الحرية الأخرى من أقلام وأوراق ودفاتر... ولكنني اكتشفت أن رائحة الحرية هي أقوى الروائح، وأعنفها، وأكثرها التصاقا بأجسادنا وأرواحنا».
مشاركة :