يقترب حلم بناء أول مدينة ذكية في الكويت متمثلة في مدينة جنوب سعد العبدالله من التحقق فيما تتضافر جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية بمباركة القيادة السياسية للإسراع في تنفيذ مشروعها على مساحة قدرها 59 كيلومتراً مربعاً تشمل 25 ألف وحدة سكنية مرشحة للزيادة إلى 40 ألف وحدة. وتعتبر مدينة جنوب سعد العبدالله أول مدينة ذكية ترتبط بشبكة الإنترنت في كامل مرافقها وأول مدينة أيضاً صديقة للبيئة في المنطقة إذ تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والمجسات (السنسر) مع استخدام الطاقة الشمسية. وتمثل المدينة ثمرة خطوات تنفيذية لشراكة كويتية - كورية في مجال الرعاية السكنية تتضمن تأسيس شركة بين المؤسسة العامة للرعاية السكنية والمؤسسة الكورية لإنشاء مشروع تلك المدينة المتميزة. ووقع وزير الدولة لشؤون الإسكان ياسر أبل مذكرة تفاهم في مجال الرعاية السكنية مع وزير الأراضي والنقل والبنية التحتية الكوري في التاسع من مايو الماضي ضمن الزيارة الرسمية الأخيرة التي قام بها سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء إلى جمهورية كوريا الجنوبية. ومذكرة التفاهم الموقعة مع كوريا الجنوبية لها دور في المساهمة في حل القضية الإسكانية بالبلاد إذ بموجب الاتفاقية سيتم تأسيس شركة كويتية - كورية للبناء وفقاً لنظم وقوانين دولة الكويت لتباشر الشركة نشاطها في تخطيط وتصميم وتنفيذ أعمال الطرق والبنية التحتية ونحو 30 ألف وحدة سكنية في مدينة جنوب سعد العبدالله. والمشروع عبارة عن مدينة ذكية صديقة للبيئة هي الأولى من نوعها في دولة الكويت من حيث استخدام أحدث التقنيات وأساليب التخطيط والتصميم والتنفيذ وأنظمة النقل الذكية والطاقة الشمسية وإدارة سلامة الموارد المائية. وستكون تلك المدينة باكورة المدن الذكية في دولة الكويت حيث سيتم فيها استخدام أحدث التقنيات والخبرات والمعلومات ذات الصلة بتطوير المدن الجديدة والانشاءات السكنية (المدن المتكاملة) وانظمة النقل الذكية والطاقة الشمسية وإدارة وسلامة الموارد المائية. وأكد خبراء عقاريون في لقاءات مع وكالة الأنباء الكويتية ( كونا) أن المشروعات الإسكانية الضخمة التي شرعت الحكومة فيها في السنوات الأخيرة تمثل نقلة نوعية في مجال الإسكان. وقال رئيس نقابة العقاريين توفيق الجراح أن الحكومة الكويتية من أكثر الحكومات التي تدعم المشاريع الإسكانية في العالم حيث تعمل جاهدة لتوفير المساكن للمواطنين، مشيراً إلى أن مشروع جنوب سعد العبدالله سيساهم في اسكان العديد من المواطنين وتخفيف العبء عنهم. وشدد على ضرورة وضع خطة لضم القطاع الخاص مع بداية هذا العام إلى السياسة الإسكانية في الدولة لتطوير الإسكان الاجتماعي حيث من المتوقع أن تزداد طلبات السكن على مدى العشرين عاماً المقبلة إلى 342.960 ألف طلب من أصل 108.288 ألف طلب في الوقت الحالي، مبيناً أن مثل هذا التوسع يتطلب استراتيجية مدروسة من قبل الدولة. وأوضح الجراح أن من ضمن السياسات التي يمكن للحكومة تطبيقها تطوير سوق التمويل العقاري في الكويت، مبيناً أن مشروع مدينة جنوب سعد العبدالله ينضم إلى خريطة المدن الإسكانية بمباركة مجلس الأمة الذي اتخذ خطوات من شأنها أن تساهم في تسريع دفع عجلة الانجاز في كل المشاريع التي تهم المواطن عبر تنسيق دائم عبر اللجنة الإسكانية البرلمانية والمؤسسة العامة للرعاية السكنية. من جانبه، قال الخبير العقاري أحمد النبهان أن مشروع جنوب سعد العبدالله سيساهم بالدرجة الأولى في انخفاض أسعار العقار السكني وسيخلق جواً من التفاؤل لدي المواطن في الحصول على سكن مناسب في وقت مناسب، مضيفاً أن ذلك سيساعد في اعتدال ميزانية المواطن المالية وبالتالي القدرة على العيش برفاهية أكثر دون ضغوط مالية مزمنة. وعن استراتيجية مؤسسة الرعاية السكنية، أعرب النبهان عن أمله في وضع شروط تفضيلية لمن يرغب في الحصول على البيت الحكومي أو القسائم بحيث تكون الأولوية لأصحاب الشهادات الجامعية تحفيزاً للعلم ولمن يتجاوز أفراد أسرته 7 أطفال تحفيزاً لزيادة عدد المواطنين، مشيراً إلى امكان وضع شروط استثنائية إنسانية للمعاقين. وذكر أن التصاميم الخاصة بالبيوت الحكومية تقرأ متطلبات المواطنين وتخرج شيئاً فشيئاً عن الشكل التقليدي للبيوت الحكومية. من جهته، قال الخبير العقاري أحمد الصراف أن ما تعتزمه الحكومة الكويتية من إقامة المشروعات السكنية مثل مدينتي المطلاع وجنوب سعد العبدالله سيساهم في حل المشكلة الإسكانية في الدولة، مضيفاً أن هذا التوجه الواضح من الحكومة يأتي تحقيقاً لرؤية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري. وأضاف أن بطء تخصيص قسائم للمواطنين يؤدي إلى ارتفاع أسعار العقارات بجميع أنواعها، مبيناً أن تعديل قانون السكن الخاص في الكويت لعام 2008 ساهم في خفض أسعار العقارات حيث ألزم الحكومة بتوفير 100 ألف قسيمة سكنية كل ثلاث سنوات إضافة إلى تجنيب الكويت أزمة الرهن العقاري التي حدثت بعد أشهر من تفعيل هذا القانون حيث كان المواطن يدفع قبل تعديل القانون 30 في المئة فقط من قيمة العقار. يُذكر أن مشروع جنوب سعد العبدالله دخل فعلياً في مراحل التنفيذ بدءاً من السنة المالية الحالية فيما تنسق المؤسسة العامة للرعاية السكنية مع الجهات ذات العلاقة كوزارة الكهرباء والماء والبلدية والهيئة العامة للصناعة لإزالة المعوقات التي تحول دون بدء أعمال البنية التحتية.
مشاركة :