الشارقة - مها عادل: على مدار الساعة، بات الدخول إلى عالم الإنترنت محفوفاً بالمخاطر، مخاطر تبدأ بتسرب المعلومات وسرقتها، ولا تنتهي بالابتزاز والقرصنة. المفارقة هنا أن الدخول إلى هذا العالم، واستخدام الشبكة العنكبوتية؛ صار خبزاً يومياً، أو ساعياً إن صح التعبير! لا يستطيع أحد اليوم الاستغناء عنه، مهما كان مستواه العلمي والمهني، وأياً كانت الدولة التي ينتمي إليها غنية أو فقيرة، متقدمة أو نامية، فالجميع - تقريباً - لديهم الآن هاتف ذكي، أو أكثر، وربما كمبيوتر محمول وآيباد وغيرهما.. والجميع متصلون 24 ساعة بالإنترنت، فالجميع إذاً في مرمى نيران الهجمات الإلكترونية، التي أصبحت لا توفر أحداً، وإن كان البعض، مثل أبنائنا مراهقين وأطفالاً، أكثر عرضة لها، لغياب الوعي أو قلة الحذر أو غير ذلك. فكيف نحمي أنفسنا وأبناءنا، بحماية بياناتنا ومعلوماتنا من الاختراق والسرقة؟ وما هي طرق الوقاية من الوقوع ضحايا للجرائم الإلكترونية؟ عن هذه الأسئلة يجيبنا المهندس محمد عريقات، خبير أمن وحماية المعلومات بدبي. *بشكل عام ما هي أهم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها مستخدم وسائل التكنولوجيا الحديثة؟ من أهم المخاطر التي يتعرض لها المستخدم العادي فقد المعلومات والبيانات وعدم القدرة على استرجاعها، وتسرب المعلومات ووقوعها في أيدي الغير. وهذه المخاطر تؤدي غالباً إلى خسائر قد تكون كارثية بالنسبة إلى البعض، فعلى سبيل المثال قد يؤدي وقوع المعلومات في أيدي الغير، إلى سرقة أعمال أو أبحاث أو بيانات، وقد يؤدي إلى الابتزاز خصوصاً إذا كانت البيانات المسروقة تحتوي على خصوصيات، ويعد الابتزاز الإلكتروني من أخطر المشاكل الاجتماعية التي ظهرت حديثاً، كنتيجة للهجمات الإلكترونية. *ما هي الممارسات الخاطئة التي يمكن أن تعرض مستخدمي الهواتف المتحركة خصوصاً إلى مثل هذه المخاطر؟ أدت سهولة الاستخدام، وسهولة التواصل عبر الهواتف المتحركة، إلى الاعتماد شبه الكامل على هذه الهواتف في جميع أمور حياتنا اليومية؛ فأصبح الهاتف المتحرك لا يفارقنا في أي مكان، ما جعله عرضة للضياع أو السرقة، وبالتالي فقدان البيانات ووقوعها في أيدي الغير. أما أكثر الممارسات الخاطئة شيوعاً بين مستخدمي هذه الهواتف، فهي عدم حماية الهاتف بكلمة سر قوية، أو استخدام كلمات سر شائعة أو سهلة الاستنتاج، وقد نشرت شركة SplashData تقريرها السنوي عن أكثر كلمات السر شيوعاً، عبر تحليل 2 مليون كلمة سر تم اختراقها، وتصنيف تلك الكلمات حسب تكرارها، وجاء في المركز الأول 123456 وفي الثاني password. وأكثر الفئات عرضة لاختراق البيانات هي المراهقون من الصبية والفتيات، ولذلك يجب عليهم تأمين هواتفهم جيداً، وكذلك الأطفال لعدم وعيهم وافتقارهم إلى الحذر الكافي، وبذلك فهم الأكثر عرضة لفقد هواتفهم، التي قد تحتوي على بيانات أو عناوين قد تُستخدم إجرامياً في بعض الحالات. *وكيف نحمي أطفالنا مما قد يتعرضون إليه خلال استخدامهم الإنترنت أو ممارستهم الألعاب الإلكترونية الشبكية؟ بداية فإن استخدام الأطفال الإنترنت دون رقيب خطأ فادح، يقع فيه كثير من الآباء والأمهات؛ فالشبكة العنكبوتية تزدحم بكل ما هو ضار وغير مناسب للفئات العمرية الصغيرة. ولحماية أطفالنا ينبغي مراقبة استخدامهم الإنترنت والتحكم فيه، من خلال أدوات وبرمجيات سهلة ومجانية، ومعظمها مثبت مسبقاً في نظام التشغيل، دون أن يشعر الطفل أن هناك من ينتقص من مساحة حريته. وفيما يخص الألعاب الإلكترونية الشبكية، عادة ما يكون اللاعبون أشخاصاً غريبين عن الطفل، ولا يمكن معرفة حقيقتهم أو توجهاتهم لأنهم يتخفون خلف حساب إلكتروني، وهنا يجب توعية الطفل بعدم التحدث أو التواصل بصورة شخصية مع أي من هؤلاء اللاعبين، وإبلاغ والديه إذا حاول أحدهم التحدث إليه عبر هذه الألعاب، أو سؤاله بطريقة تبعث على الشك عن أمر شخصي أو عائلي، وكذلك يُفضل من وقت إلى آخر أن يقوم الآباء بمشاركة أطفالهم تلك الألعاب، ومحاولة التعرف إلى عالمهم الافتراضي. *بالحديث عن القرصنة الإلكترونية.. كيف يمكن أن يحمي المستخدم بريده أو حسابه الشخصي؟ هناك العديد من وسائل الحماية التي توفرها مواقع البريد الإلكتروني، ومزودو خدمات التواصل الاجتماعي، للمساعدة في حماية حسابات العملاء، ورغم ذلك تظل كلمة السر القوية هي المفتاح الأساسي في أي نظام حماية. أيضاً يمكن تفعيل خاصية 2-Step Verification، وفيها يتم إرسال رسالة نصية لهاتف صاحب الحساب، عند محاولة الدخول من أي جهاز غريب غير مسجل سابقاً من قبله. وتختلف وسائل الحماية من خدمة لأخرى، لذا أنصح أي مستخدم جديد بتفحص وقراءة خواص وطرق تفعيل وسائل الحماية الخاصة بالخدمة. * ولماذا برأيك انتشرت في الفترة الأخيرة حالات القرصنة والجرائم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي؟ السبب الرئيسي عدم وعي المستخدمين بأساليب القرصنة، والمظاهر التي تتخفى خلفها الهجمات التي تؤدي إلى حالات ما يمكن أن يسمى بالقرصنة أو الجرائم الإلكترونية. إضافة إلى أن انتشار تلك خدمات الهواتف الذكية، من برامج التواصل الاجتماعي وغيرها، واعتياد المستخدمين إياها، يؤدي إلى حالة من الثقة الزائفة، أو الثقة العمياء، بما يصلهم من خلالها، فتقل ملاحظتهم وتدقيقهم لما يصلهم، وفي هذه الحالة يستغلها المهاجمون في توجيه هجماتهم. *في ظل انتشار الهجمات الإلكترونية التي طالت الأفراد كما الشركات والمؤسسات الاقتصادية تحديداً.. كيف يمكن لهذه الأخيرة حماية نفسها؟ أول ما يجب على هذه الشركات والمؤسسات فعله، الاهتمام بتحديث وسائل الحماية الإلكترونية الخاصة ببيئة العمل لديها. ورغم ذلك فقد أشار تقرير مؤسسة KPMG إلى أن 50% من الشركات التي سقطت ضحية للهجمات الإلكترونية في 2015، كان لديها أنظمة وتدابير حماية إلكترونية، وهنا تأتي أهمية توعية الموظفين وتثقيفهم أمنياً، فيما يخص أدوات وأنظمة العمل الإلكترونية، لتصبح من أهم عوامل تفادي التعرض لتلك الهجمات؛ فلا فائدة من اتخاذ جميع التدابير دون وجود وعي كاف من المستخدمين داخل المؤسسة؛ إذ إن استخدام الموظف وسائل تخزين مصابة أو فتح رابط خبيث في رسالة بريد إلكتروني، سيؤدي لنفس النتائج الكارثية، بغض النظر عن وجود نظم تأمين أم لا.
مشاركة :