محمد كركوتي يكتب: إمدادات الغذاء في دائرة الخطر

  • 8/21/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

المشاكل التي تواجه الإمدادات الغذائية العالمية متواصلة، على الرغم من الأرقام المبشرة التي سجلت انخفاضاً في أسعار السلع الأساسية. فوفق منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تراجع مؤشر الأسعار العالمية في يونيو الماضي إلى أدنى مستوى له منذ عامين. وهذه نقطة إيجابية كبيرة، تساهم في تخفيف الضغوط تحديداً على الدول الفقيرة التي تعاني من ارتفاع وارداتها من الأغذية لأسباب تتعلق بنقص العملة الصعبة لديها. هذا المؤشر تراجع بأكثر من 23.4% من أعلى مستوى له في مارس من العام الماضي، السنة التي اندلعت فيها الحرب الأوكرانية والتي لا تزال رحاها تدور بأشكال عنيفة مختلفة. الخوف الناجم من تراجع الإمدادات الغذائية يبقى مرتبطاً بصورة أساسية في هذه الحرب، مع المؤثرات البيئية السلبية التي تفرض تحولاتها على الإنتاج الزراعي بشكل عام. الأمل في ضمان الحد المقبول عالمياً للإمدادات الغذائية الرئيسية (الحبوب وزيوت الطعام وحتى السماد)، لا يزال مرتبطاً حتى الآن بالجهود المبذولة حالياً من أجل إحياء اتفاق تصدير الحبوب، الذي أوقفت روسيا العمل به بعد رفض شروطها من قبل البلدان الغربية. المؤشرات كلها تدل على أن موسكو ليست متعجلة للعودة إلى المفاوضات بهذا الخصوص، مع الأخذ في الاعتبار طبعاً تفاقم الحرب الجارية في أوكرانيا، وغياب أي أمل بحل سياسي قريب لها. وعدم العودة لاتفاق تصدير الحبوب، يعني ببساطة أن 20 مليون طن منها ستبقى خارج سوق السلع الغذائية العالمية. ما يعني اضطراباً محققاً في مجال الإمدادات، مع الإشارة إلى أن منظومة سلاسل التوريد الدولية لا تزال تشهد بعض الاضطراب، على الرغم من التحسن الكبير الذي طرأ عليها في الأشهر القليلة الماضية. وفي الواقع، فإن المسألة لا تتعلق فقط بالحرب الروسية الأوكرانية، بل ترتبط أيضاً وبصورة متصاعدة بوتيرة التغير المناخي. ففي الأسابيع الماضية شهدت مناطق مختلفة من العالم سلسلة من الحرائق دمرت مساحات زراعية واسعة، بالإضافة إلى مناطق شاسعة من الغابات، ناهيك عن الجفاف، الذي دفع دولة مثل فرنسا (مثلاً) إلى إصدار قانون يمنع سقي الحدائق ويحظر تشغيل أحواض السباحة الخاصة. من هنا، تخشى الأمم المتحدة في الأشهر المقبلة تراجع الإمدادات الغذائية، ما يعني أنها ستشهد ارتفاعاً في أسعارها في الوقت الذي يعيش فيه العالم موجة تضخمية تاريخية من حيث عنفها وطول مدتها. فمن المتوقع أن يتراجع إنتاج الحبوب في الدول الـ 44 ذات الدخل المنخفض، وهي تعاني أصلاً من عجز غذائي، الأمر الذي يزيد من التحذيرات في هذا الميدان الحساس. هذه الدول في النهاية ستضطر إلى تغطية عجزها الغذائي عبر الاستيراد. وفي النهاية هناك عوامل متعددة لتعرض الإمدادات الغذائية لمزيد من الاضطراب في الأشهر القليلة المقبلة، ما يعرض السوق الغذائية إلى نقص كبير، يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار، بينما كانت هذه الأخيرة تشهد تراجعات مقبولة وضرورية في الأشهر الماضية، حتى بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

مشاركة :