أكد الكرملين أمس مقتل 5 عسكريين روس إثر إسقاط مروحية كانوا على متنها في ريف إدلب، ما يعتبر أكبر خسارة للقوات الروسية منذ التدخل العسكري المباشر في سورية نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، ذلك بالتزامن مع عملية واسعة في حلب، كانت أمس، محور محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي، في وقت حذرت صحيفة روسية من تقسيم سورية. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن المعطيات التي توافرت لدى وزارة الدفاع الروسية تفيد بأن «كل الذين كانوا على متن المروحية، لقوا مصرعهم كأبطال، لأنهم حاولوا اقتيادها لمسافة أبعد لتفادي سقوطها على منطقة مأهولة بهدف التقليل من الخسائر على الأرض». وأعرب عن «تعازٍ عميقة لذوي العسكريين القتلى»، علماً أن ثلاثة من القتلى هم طاقم المروحية وكان برفقتهم ضابطان لم يتم تحديد رتبتهما العسكرية. وكانت وزارة الدفاع أكدت إسقاط مروحية نقل روسية من طراز «مي - 8» كان على متنها 5 عسكريين روس في ريف إدلب. وأوضحت الوزارة أن المروحية تعرضت لنيران مضادات أرضية أثناء عودتها إلى قاعدة حميميم في اللاذقية «بعد إيصال مساعدات إنسانية إلى مدينة حلب». وبثت صفحات تابعة للمعارضة السورية صوراً لحطام المروحية وجثث قيل أنها لعسكريين روس، لكن ناطقاً عسكريا قال أن موسكو ستحلل الصور للتأكد من صحتها. وهذه المروحية الروسية الرابعة التي تعترف موسكو رسمياً بفقدانها في سورية، تم استهداف الأولى بصاروخ «تاو» في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أثناء مشاركتها في جهود الإنقاذ في مكان تحطم القاذفة «سوخوي - 24» في ريف اللاذقية الشمالي. وتحطمت المروحية الثانية وهي من طراز «مي - 28 « في ريف حمص في نيسان (أبريل) الماضي. ونفت وزارة الدفاع استهداف المروحية من الأرض، قائلة أن تحطمها جاء ليلاً بسبب اصطدامها بتضاريس في منطقة غير مأهولة. كما تحطمت مروحية حربية ثالثة في ريف تدمر الشهر الماضي وقالت موسكو في البداية، أنها تابعة لسلاح الجو السوري، على رغم أن قائدها كان روسياً، لكن مصادر عسكرية روسية أكدت لاحقاً أن المروحية وهي من طراز «مي - 35» الأحدث لدى روسيا تابعة للقوات الجوية الروسية. وتعد خسارة روسيا بسقوط المروحية الرابعة الأكبر منذ بدء حملتها في سورية، وبلغ عدد القتلى الروس الإجمالي وفق الأرقام الروسية الرسمية 18 عسكرياً. على صعيد آخر، أعلن بيسكوف أن «موسكو تولي التهديدات التي صدرت عن المجموعات الإرهابية، ضد روسيا الاهتمام اللازم» وتأخذها الأجهزة الأمنية على محمل الجد، لكنه شدد على أن تهديدات تنظيم «داعش» «لن تؤثر في سياسة روسيا في محاربة الإرهاب». وكان بيسكوف يعلق على شريط فيديو بثه تنظيم «داعش» أعلن فيه ملثمون «الجهاد ضد روسيا». وقال أن الكرملين «يعتبر بالتأكيد أن التهديد جدي وستتخذ الأجهزة الأمنية المعنية تدابير لازمة» . إلى ذلك، شغلت التطورات في حلب وخطة «الممرات الإنسانية» التي أعلنتها وزارة الدفاع الروسية الحيز الأهم خلال مناقشات بوتين أمس مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي. ونقلت وكالة أنباء «تاس» عن مسؤول في الكرملين أن الاجتماع بحث القضايا الدولية الملحة وركز على «مسائل متعلقة بالوضع الإنساني في سورية». ولم يوضح الكرملين نتائج الاجتماع علماً أن بوتين يستدعي مجلس الأمن القومي عادة أثناء التحضير لاتخاذ قرارات حاسمة. وانشغلت وسائل الإعلام الروسية خلال اليومين الماضيين بالوضع في مدينة حلب واحتمالات تطور الموقف. ونقلت صحيفة «كوميرسانت» الرصينة عن مصادر عسكرية أنه «من المحتمل أن يصبح دحر القوة المسلحة الرئيسة المحاصرة في حلب نقطة انعطاف في الحرب، ما يعني الانتصار النهائي لبشار الأسد». وزادت الصحيفة أن السيناريو العسكري لحسم الوضع في حلب سيؤكد الدور الرئيس لموسكو في تسوية الأزمة السورية، لكنها نبهت إلى «عواقب دولية» بينها التهديد بنشوب أزمة جديدة في العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب، باعتبار أنه «من الواضح أن الـ10 آلاف مسلح المحاصرين في حلب ليسوا جميعاً من الإرهابيين. وفي حال رفضهم إلقاء السلاح فستواجه روسيا مشكلة معقدة، لأنها ستكون مضطرة لأن تفسر للشركاء الغربيين كيفية الربط بين استمرار العمليات القتالية وبين اتفاق شباط (فبراير) لوقف إطلاق النار»، مضيفة: «في حال انهيار مستوى التعاون الحالي بين الولايات المتحدة وروسيا كما هددت واشنطن، فإن الجانب الأميركي يمكن أن يقدم الدعم للمعارضة السورية المسلحة شمال سورية، ما يعني عملياً بدء مشروع تقسيم سورية إلى مناطق نفوذ ونهايتها كدولة موحدة». وأشارت الصحيفة إلى أن «هذا بالتحديد ما قصده رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية جون برينان نهاية الأسبوع المنصرم، عندما قال أنه لا يعلم ما إذا كنا سنتمكن من إعادة توحيد سورية». في جنيف (الحياة)، دعا المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة آليكسي بورودافكين «الدول التي لها تأثير في الجماعات المسلحة إلى الضغط عليها للتوقف عن جرائمها الجماعية». ونقلت وكالة «تاس» عن بورودافكين قوله بعد إسقاط المروحية: «المتطرفون ردوا على العملية الإنسانية التي تقوم بها سورية وروسيا، بجرائم جماعية»، مشيراً إلى أن الوضع في حلب «مقلق ودراماتيكي». وأضاف: «إرهابيو جبهة النصرة بالتعاون مع داعش وأحرار الشام، كثفوا من هجماتهم بالمدفعية وقذائف الهاون، مستهدفين الأحياء السكنية وكذلك الممرات الإنسانية والنقاط المخصصة لتقديم المساعدات الإنسانية». يشار إلى أن تنظيم «داعش» غير موجود في حلب. كما أن ناشطين معارضين بثوا صوراً للمروحية بعد إسقاطها، أظهرت وجود أسلحة وذخائر هجومية عليها. وقال بورودافكين: «هذه التنظيمات الدموية تستهدف الممرات الإنسانية بالسيارات الملغمة والسيارات التي يقودها انتحاريون. الإرهابيون نشروا الجماعات الدموية لاستهداف السكان المدنيين في مدينة حلب... ولا يمكن تبرير هذه الجرائم».
مشاركة :