إن مسؤولية الآباء في رعاية أبنائهم وتوجيههم مسؤولية عظيمة تنطلق من قوله - صلى الله عليه وسلم - «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته». ولكن الملاحظ ومع كثرة وسائل التواصل الاجتماعي إلا أننا نجد خللاً ما وفجوة كبيرة بين بعض الأبناء وآبائهم فمن المقصر؟ وما أسباب هذه الفجوة؟ وما آثارها وكيف نعالجها؟.. أسئلة عدة والجواب عنها محصلة هذا التحقيق. -الشيخ د. فيصل الرميان: الفجوة بين الأبناء والآباء من أهم المشاكل التي يعاني منها الكثيرون -أ. د. إبراهيم الخضير: يرى الأبناء أن الآباء لا يحترمون آراءهم -أ. أحمد الخميري: يجب على الأب أن يكون صديقاً لابنه ويعطيه الثقة مع المتابعة المستمرة بداية تحدث الشيخ د. فيصل بن رميان الرميان - رئيس قسم السياسة الشرعية بالمعهد العالي للقضاء - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث قال: لا شك أن الفجوة بين الآباء والأبناء من أهم المشاكل التي يعاني منها كثير من الآباء والأبناء اليوم، فتارة يشتكي الأب من ذلك ويقول: إن بيني وبين ابني أو أبنائي فجوة، وتارة يشكو الأبناء أو الابن منها ويقول: إن بيني وبين أبي فجوة كبيرة، وأقول: إن هناك أسباباً كثيرة أدت إلى ذلك فمنها ما هو راجع إلى الأب ومنها ما هو راجع إلى الابن، وعند علمنا بها يمكننا حينئذ معرفة العلاج وبالتالي التخلص من هذه المشكلة الأسرية. فمن الأسباب التي تكون راجعة إلى الأب ما يلي: 1 - كثير من الآباء اليوم منشغل في هذه الدنيا مما أدى إلى انشغاله عن بيته وبالتالي انشغاله عن أبنائه، فعند استمرارية الأب على هذا النحو وعدم رؤيته لأبنائه والجلوس معهم والأخذ منهم والاستماع إلى مشاكلهم وتلبية حاجاتهم ورغباتهم فإنه حينئذ تحدث المشكلة وتكون الفجوة، حيث يبدأ الأبناء بالبحث عمن يلبي ذلك كله. 2 - التربية الشديدة من قبل الأب فلا يفرق بين الأمور التربوية، حيث توجد مجالات في التربية تتطلب الرفق واللين والمعاملة الحسنة وهناك مثلها تتطلب الشدة وعدم الصفح وإظهار اللين فيها، فإذا كان الأب كذلك فإنه حينئذ تحصل هيبة بين الأبناء وأبيهم فلا يستطيعون أن يبثوا إليه مشاكلهم ورغباتهم وبالتالي تحصل الجفوة بين الطرفين مما يولد أموراً لا تحمد عقباها. 3 - عدم متابعة الأب لأبنائه في تعليمهم، حتى إنك تجد بعض الآباء لا يعرف في أي مستوى جامعي ابنه أو حتى في أي سنة دراسية هو، وهذه مما تعاني منها مدارسنا، فلا يأتي الأب إلى المدرسة إلا عندما يرسب ابنه، ومنهم من لا يأتي أصلاً فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وأقول لهؤلاء الآباء أين أنتم من حديث المصطفى - صلى الله عليه سلم - «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»؟ وعند ذلك تحدث الفجوة؛ لأن الابن لا يجد من يسأل عنه ولا حتى عن مشاكله التي تحصل له في المدرسة. 4 - ظن كثير من الآباء اليوم أن المسؤولية الملقاة على عاتقه تنحصر في توفير الأمور المادية لأبنائه من مسكن ومشرب وملبس وغيرها أما ما سواها فليس مسؤولاً عنها. وهذا التصرف منهم من أخطر الأمور في تربية شبابنا اليوم، لما ينتج عن ذلك من مفاسد لا أول لها ولا آخر. أما الأسباب التي ترجع إلى الشباب فمنها: 1 - العقوق الذي بُلي به كثير من الآباء اليوم من قبل أبنائهم؛ فإذا كان الابن عاقاً لوالديه فإنه حينئذ تحدث الفجوة بينهم فلا يكون مطيعاً ولا مجيباً لأوامرهما أو حتى نصيحتهما أو توجيههما. 2 - مرحلة المراهقة: حيث الابن في فترة المراهقة فإذا لم يحسن الأب التعامل مع ابنه في هذه المرحلة فإنها تكون من أقوى الأسباب التي تؤدي إلى الفجوة بين الابن وأبيه. 3 - عدم احترام الأبناء لآبائهم، فإذا تخلق الأبناء بذلك كان هذا سبباً رئيساً في انعدام العلاقة بينهما. رؤية تربوية ثم تحدث أ. د. إبراهيم بن محمد الخضير - أستاذ التربية - كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فقال: يرى الأبناء أن الآباء لا يحترمون آراءهم وأن الآباء مخطئون في ذلك وأنهم هم السبب في ذلك، وفي اعتقادي أن ذلك صحيح فالأب يجب أن يستمع إلى ابنه، ويجب أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الأب والابن، وعلى الأب أن يثق بابنه ولكن ليست ثقة عمياء، وعليه مراقبة الابن من بعيد حتى لا يشعر بذلك. أيضاً على الأب إذا أراد من الابن تبني فكرة معينة أن يطلب من أحد أصدقاء الابن؛ لأن الابن يصدق ويأخذ من صديقه ومعلمه أكثر من تصديقه أو أخذه من أبيه، وأنا أعرف أحد الزملاء إذا أراد شيئاً من ابنه فإنه يذكر ذلك لصديق ابنه فيحصل له ما يريد من الابن. فسنة الحياة اقتضت أن كل جيل يرى في نفسه أنه أفضل من الجيل الذي قبله والعكس صحيح. إن الفجوة بين الجيل الحالي والجيل الذي قبله تعود إلى اختلاف أسس الثقافة من تربية وعادات وتقاليد بين هذا الجيل والجيل الذي سبقه؛ فتربية وعادات وتقاليد الأبناء تختلف عنها لدى الجيل الحديث، فما هو عيب أو يستحي من فعله في السابق أصبح شيئاً عادياً ولا مندوحة من فعله الآن وهكذا. أخيراً كما قيل: «إذا كبر ابنك خاويه» أي اجعل منه أخاً لك حتى تزاح الحواجز بينك وبينه. معرفة ماذا يريد بعد ذلك تحدث الأستاذ أحمد بن عبدالله الخميري - المرشد الطلابي في إدارة التربية والتعليم بالقصيم، فقال: أسباب الفجوة في العلاقة بين الآباء وأبنائهم كثيرة لعل من أبرزها: 1 - عدم تفهم الأب طبيعة الابن ومعرفة ماذا يريد الابن، وتفهم نفسيته ومحاولة الاقتراب منه. 2 - التأخر في التوجيه والإرشاد: في سن ما بعد البلوغ يجب المتابعة والإرشاد والتوجيه من السنة الأولى. 3 - عدم تفهم الصفات الوراثية للابن. 4 - القسوة الزائدة في غير محلها وعدم التغاضي عن الأمور البسيطة. 5 - يجب على الأب أن يكون ابنه صديقاً له بما تعنيه الصداقة ويعطيه الثقة مع المتابعة المستمرة. 6 - فارق السن وجهل الأب لطرق التربية السليمة وعدم تفهم الاحتياجات العامة والخاصة لابنه وعدم تفهمه لتغير الماضي عن الحاضر. 7 - الازدواجية في التربية بين الزوج والزوجة. 8 - تدني مستوى تعلم الآباء.
مشاركة :