محمد جمال الدين: «طريق الحرير» سر وصفاتي

  • 8/5/2016
  • 00:00
  • 28
  • 0
  • 0
news-picture

حوار: زكية كردي على مائدته المصنعة من حجر عين النمر الذي يمنح الطاقة تتوقع المفاجآت دائماً، فهناك ستجد طبق كباب بالكرز الذي لا يتقنه إلا أهل حلب، مع المليحي الطبق الشعبي الذي يشتهر به أهل منطقة حوران. وهما من بين أطباق كثيرة، خرجت من حدود المكان، حاملة معها أسرار وصفاتها وطرائق صنعها، التي تباهت بها المدن الممتدة على ما كان يُسمى طريق الحرير، والتقت على قائمة محمد جمال الدين، الشيف التنفيذي في مطعم سرجون. في هذا الحوار، يخبرنا محمد عن السر وراء تمكنه من تحضير أطباق تلك المدن، شديدة الخصوصية، وهو مفتاح النكهة الأصلية الذي علمه إياه والده، عندما علمه الطهي أول مرة، والذي حمله معه دائماً حتى استقر في الإمارات، ليكشف به أسرار الوصفات والمذاقات. * ما هي الفكرة التي بنيت عليها مطبخك؟ - الأمر بدأ مع المكان، فمطعمنا يقع في منطقة سياحية متميزة هي داون تاون، وحولنا الكثير من المطاعم المميزة، لهذا كانت الفكرة أن نقدم تشكيلة من مطابخ أصيلة لدول عدة تشترك في أنها كانت محطات تمر بها طريق الحرير، والمقصود بهذه الدول والمطابخ: تركيا، وشمال سوريا، والعراق، وغيرها من الدول. ومطبخ كل دولة حافل بالحكايات والتفاصيل. لكننا لم نكمل مشروع طريق الحرير، فهو يمتد من الصين مروراً بالهند وإيران، وبلاد الرافدين، وتركيا، وصولاً إلى إيطاليا. فما زال ينقصنا عدد من المطابخ، أو بالأحرى الدول، التي نخطط لإضافة أشهر أطباقها إلى قائمتنا. * لماذا اخترتم مطابخ طريق الحرير؟ - هناك الكثير من المطاعم المتخصصة بتقديم الطعام السوري، واللبناني، والأردني، لهذا فكرنا في أن نميز أنفسنا، فلجأنا إلى التاريخ نستلهم منه هذا التمازج بين الحضارات. ويمكننا بقليل من البحث أن نكتشف تأثر مطابخ هذه البلاد، التي كانت تمر بها طريق الحرير، ببعضها بعضاً؛ ففي المطبخ الهندي هناك طبق كباب شامي، وفي المطبخ الشامي هناك طبق يُسمى كباب هندي، وهذا يبين امتداد المنطقة وتوحدها كثقافة طعام، وقد اخترنا أكثر الأطباق شهرة في تلك الدول. * وما سبب تسمية المطعم سرجون؟ - سرجون هو ملك أكادي، وترجمة اسمه الملك الأسد، ومدينة أكاد تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وامتدت مملكته من حدود الهند إلى بلاد الشام، ومن إيران إلى البحر الأبيض المتوسط، واستطاع أن يحمي طريق الحرير. وكان معروفاً عنه حبه للطعام، واهتمامه بالمطابخ في مبانيه، وكان صاحب فلسفة خاصة، هي أنه عن طريق الطعام يستطيع أن يوحد الصفوف وينشر المحبة. * هل يقف الأمر عند الاسم فقط؟ - لا، فقد استوحينا قائمة الطعام لدينا من القوائم التي كانت منقوشة على الحجر من عصر الملك سرجون، واعتمدنا فيها المواد التي ذكرت فيها كالحبوب، والصيد، والكمأة التي تتوفر لدينا على مدار العام. * هل يقبل الناس على تجربة الأطباق الغريبة كلياً بالنسبة إليهم؟ - يعتاد الناس طلب أطباق معينة في المطاعم التي يرتادونها، لكن أعتقد أن التشكيلة التي تضمها قائمتنا لافتة للنظر، ومشجعة على خوض التجربة، لهذا لدينا الكثير من الزبائن الذين يعودون ليجربوا طبقاً مختلفاً. * لماذا استغرقتم فترة طويلة للتحضير لافتتاح المطعم؟ - استغرقنا الأمر أكثر من ثمانية أشهر للتحضير ليوم الافتتاح، لاختيار قائمة الطعام، التي حرصنا على أن تكون مبتكرة، وتدريب الفريق على خدمة الزبائن واستقبالهم، فكل من يعمل في المطعم اليوم لديه معلومات كاملة عن كل طبق نقدمه، لإمداد الزبائن بالمعلومات عن الأطباق التي سوف يختارونها. إضافة إلى تركيزنا على أن من يأتي إلينا هو ضيف وليس زبوناً، ومن ثم يُعامل معاملة الضيف، أي بمزيد من الحفاوة والتكريم. * على أي أساس قمتم باختيار الأطباق التي تقدمونها؟ - كل طبق له وقعه في بلده الأصلي، فالزبون التركي يفاجأ بأن يجد لدينا طبق كباب أضنة، وبالنكهة الأصلية نفسها. والعراقي يفاجأ بأننا نقدم كباب تريد جمل، كما اعتاد أن يأكله في أربيل، وهكذا. *اذكر لنا مثالاً على الابتكار في الأطباق التي تقدمونها؟ - ركزنا على الابتكار في الأطباق الشهيرة والشعبية، التبولة على سبيل المثال، فهذا الطبق يُقدم في معظم المطاعم، وغالباً من دون أي اختلاف. لهذا جربنا أن ندخل السبانخ إلى هذا الطبق، لفوائده الكثيرة، وأيضاً الكينوا التي تتضمن قيمة غذائية عالية، والمشهورة في دول أمريكا الجنوبية، حيث كانت شعوب الأنكا تستخدمها في طعامها، كما أدخلنا إليه أيضاً صلصة التشيلي، وهي من أمريكا الجنوبية أيضاً. وبالفعل أحب الناس التبولة التي نقدمها، وصارت علامة لمطبخنا. * ماذا عن الأطباق التقليدية؟ - اخترنا أطباقاً تقليدية حصرية، تمتاز بأنها تعود لمدينة معينة، أو مكان معين، وتحتاج إلى الكثير من الخبرة لتحضيرها، حتى إنها عادة تحضر من قبل أبناء المنطقة فقط. منها أطباق مأخوذة من بيئات شعبية بسيطة، صعبة التحضير لأنها تشترط تقنية مميزة ومختلفة، مثل طبق المليحي، ويتكون من: البرغل والجميد واللحم، وحاز هذا الطبق شعبية كبيرة، وفوجئنا بحب الناس له وإقبالهم عليه، بسبب حرصنا على تحضيره بطريقته الأصلية، بنفس النكهة، مع تقديمه بشكل عصري راق. وهناك أيضاً السجقات، التي لا يقدمها أي مطعم، فهي من الأطباق التقليدية التي استطعنا أن نقدمها بنكهتها الأصلية، ويقبل عليها الزبائن بكثرة. * كم طبقاً تضم قائمة الطعام لديكم؟ - أكثر من 90 طبقاً. * ما هو الجزء الأصعب في عملك؟ - إرضاء جميع الأذواق ليس بالأمر السهل، والنجاح في إثارة إعجاب الزبائن، يأتي بعده الخوف والحرص على الاحتفاظ بهذه المكانة. * كيف تتعامل مع ضغط العمل؟ - نحن كفريق عمل اعتدنا أن نتعامل كعائلة واحدة، نساعد بعضنا بعضاً، ولا نحمل أحداً فوق طاقته، والأهم أن نشعر كل واحد بيننا بمدى أهميته في الفريق، ولهذا يعطي كل منا أفضل ما لديه. أما في أوقات الضغط فنحاول أن نحافظ على الابتسامة، وأذكر مرة أنني تلقيت مئة طلب في الوقت نفسه، ولم يكن هناك متسع من الوقت أكثر من ساعة ونصف الساعة، وقتها شعرت بأن المطبخ توقف. لكن بطريقتي أقنعت العاملين بأن يتجاهلوا الرقم، وأن يعملوا على إنهاء الأطباق واحداً تلو الآخر، وهكذا انتهينا بالفعل من دون أي إرباك، أو مشكلات. لكن لو كنا عملنا بعصبية لانعكس ذلك على الطعم بالدرجة الأولى، فالحالة النفسية تنعكس على المذاق. * من هو الشخص الأكثر تأثيراً في مسيرتك المهنية؟ - والدي هو معلمي الأول، وهو الأفضل، فهو شيف قديم وله تاريخ طويل في الطهي، كان يمتلك مطعماً خاصاً، وكنت أساعده فيه إلى جانب دراستي في المعهد الفندقي الذي تخرجت فيه في العام 1998. ثم بدأت العمل على مرحلة جديدة لاكتساب خبرة المطابخ العالمية، من الأماكن التي عملت فيها في سوريا والإمارات، حيث انتقلت إلى هنا منذ 2015، وعملت في فنادق عدة. * ما أهم ما تعلمته من والدك؟ - أهم ما تعلمته أن حواسي تدربت على النكهة الأصلية، فالرائحة تصل قبل الصورة، وأنا عندما أشم رائحة الطعام قبل أن أتذوقه أعرف ما الذي ينقصه بالتحديد، عندما أقارنها بالرائحة الأصلية. تعلم الطهي يبدأ من التذوق، لهذا لا أثق بتعلم الطهي عن طريق الوصفات الجاهزة على الإنترنت، خصوصاً عندما لا تكون لدينا فكرة عن النكهة الأصلية للطبق. * هل هناك طبق تفخر به؟ - يمكنني القول بعد الجهود الكبيرة التي استغرقناها في التحضير، إن كل ما نقدمه مميز، لكن طبق كباب بالكرز هو الأكثر تميزاً، وهو طبق خاص بمدينة حلب، لكنني استطعت أن أعده بالنكهة نفسها، حتى إن الشيف الحلبي دهش لذلك. فتوش الباذنجان من الأطباق الشامية الريفية، التي تعتمد بشكل أساسي على كمية البقلة الواضحة، إضافة إلى الباذنجان في موسمه. * المقادير: - باذنجان مشوي - نعناع طازج - خيار - طماطم - بصل أخضر - فجل - رمان - جوز - خل التفاح - سماق - ملح - زيت زيتون - دبس رمان - ثوم * طريقة التحضير: يخلط الخضار كله، ثم تضاف إليها صلصة دبس الرمان وخل التفاح وزيت زيتون، مع الملح والقليل من الثوم. شوربة سرجون بلحم الجمل شوربة غنية بالبقول والبروتينات. * المكونات: الحمص والعدس والبصل والثوم والكرافس، إضافة إلى لحم الجمل المطهو مسبقاً مع البقول. * طريقة التحضير: توضع كمية من الزيت النباتي في القدر، ثم يضاف الثوم والبصل والكرافس. يتم قلي هذه المكونات مع دبس الطماطم، وتضاف إليها خلاصة اللحم والحمص والعدس حتى تتجانس مع بعضها البعض. ثم يضاف الملح والفلفل الأسود، وكزبرة خضراء عند التقديم. كباب الكرز * المكونات: 300غ لحم كباب مفروم ومتبل. ملح، فلفل أسود، قرفة ناعمة، بقدونس ناعم. * طريقة التحضير: - يشكل اللحم على شكل دوائر، بواقع 30غ كل حبة. تشوى على الفحم ولا تنضج بشكل كامل (نصف إنضاج). - تحضر صلصة الكرز وتغلى على النار لمدة 10 دقائق، ثم يضاف الكباب فوق الصلصة، ويستكمل طهيه حتى ينضج، عندما يصبح الصوص متجانساً مع اللحم. - في طبق نضع الخبز بشكل مثلثات، ونضع الكباب مع الصلصة. يقدم مع القرفة الناعمة والبقدونس والصنوبر.

مشاركة :