ارتفاع أسعار البنزين تسبب بأزمة كبيرة لدى الناس خصوصاً الأسر الكبيرة مع دخل متوسط إلى ضعيف. وكما رأينا، فقد اشتعلت وسائل التواصل، إما بالتندر أو بانتقاد التصرف الحكومي. المشكلة ذات بُعدين، أحدهما يتعلق بالجانب الاقتصادي والثاني بالجانب السياسي. فعلى الجانب الاقتصادي، وجدنا أن أكثر الناس تحدثوا عن تأثرهم بصورة كبيرة بسبب اختلال في ميزانياتهم الشهرية لارتفاع التكلفة بحدود 80 في المئة. مع ذلك الحكومة «تغرد» بأن الأمور ستكون على ما يرام والأُسر لن تتضرر وأن الأسعار ستبقى مستقرة... تحليل أبسط ما يُقال في شأنه بأنه غير صادق. وبالمناسبة وجدت مقالة الزميل محمد البغيلي جيدة جداً عند تحليله لأزمة الوقود وأظن عنوان المقالة يكشف عن رأيه «رفع أسعار البنزين... حلقة في مسلسل الانحراف عن الإصلاح». في شكل سريع، يرى البغيلي أن الاختلال والعجز الحاصل لا يمكن القضاء عليه بحسبة المصروفات والإيرادات وكأنها شركة تضامنية. فحتى زيادة الأسعار هذه التي ستحقق 140 مليون على أفضل تقدير لن تغطي سوى 1.4 من عجز الميزانية المتوقع والبالغ 9.5 مليار دولار. الآثار السلبية للاقتصاد ليست كلها قادمة من المساعدات الحكومية والدعوم، فهناك اختلالات في التركيبة السكانية، واختلالات في الإنفاق الحكومي ومشاريع خطط التنمية التي تستنزف المليارات من الميزانية من دون أن ينعكس في شكل ملموس على سوق العمل واستحداث وظائف جديدة، واختلالات حتى في الإجراءات والقوانين التي لا تساعد القطاع الخاص لكي ينشط ولا تحفز الشركات الأجنبية للاستثمار. أما على الجانب السياسي، فبعد قرار الزيادة مباشرة وفي اليوم التالي، اجتمع الرئيس بعدد من زملائه للتشاور حول الزيادة الحكومية. خرج المجتمعون بموافقة الحكومة من حيث مبدأ الزيادة لكن خلافهم معها في الأسلوب، فالاتفاق الحكومي بحسب محاضر الاجتماعات السابقة للمجلس واللجان أن الزيادات لن تمس جيب المواطن. طبعاً هذا الكلام يمكن أن تفهم من بين أسطره العديد من الأمور، أولها أن كلام الليل يمحوه النهار. الحكومة أعطتهم الوعود والمواثيق لكنها عند التطبيق وضعت كل شيء تحت تصرفها. تصرف الحكومة بهذا الشكل مع وجود الاتفاقات وأثناء عطلة المجلس يعني أنها لا تعترف بأهمية المجلس (...). وأكثر من ذلك، هناك اشاعات تقول إنها قررت ثم تراجعت كي تُحسّن من صورة المجلس ولترتفع شعبيته على اعتبار أن الانتخابات على الأبواب. والكلام عن الشق السياسي طويل عريض خصوصاً إذا ما توسعنا وتناولنا آثار قوانين النواب «الشعبية» من قبيل عطلة الثلاثة أيام وزيادات الرواتب وتقليص الحريات، والتي كلها تصب في خانة المزيد من التدهور الاقتصادي، فالقضية ليست كلها زيادة أسعار، فهي رأس الجليد فقط! hasabba@
مشاركة :