«بوكيمون» وأزمة زيادة أسعار البنزين - مقالات

  • 9/7/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استطاعت لعبة «بوكيمون غو»، أن تجتاح العالم بفترة زمنية قصيرة، محققة نجاحاً لا نظير له في عالم الألعاب الالكترونية. لكن ورغم هذا النجاح، الا أن اللعبة واجهت مشاكل تقنية جمة خلال الأسابيع الأولى لاطلاقها أدت الى غضب المستخدمين بسبب فشل الشركة في التعامل مع الاقبال الشديد عليها. فرغم الجهود الجبارة التي بذلتها شركة «مختبرات نيانتك» لاحتواء المشاكل التقنية، الا أن أفضل تدخل قامت به لم يكن بتطوير برمجيات اللعبة، وإنما كان بتغيير سياستها الكتومة الى سياسة الانفتاح على الزبائن من خلال تعيين متحدث رسمي للشركة باسم اللعبة، استطاع امتصاص غضب الزبائن عند حدوث مشاكل تقنية من خلال توضيح الأسباب التي أدت الى حدوث الخلل، وذكر الجهود المبذولة من قبل الشركة لاصلاح الخلل. ورغم أن هذه التوضيحات لم تتجاوز كونها أحرفا نشرت على وسائل التواصل، الا أنها استطاعت أن تشعر اللاعبين بأهميتهم، وأن الشركة تراهم شركاء في نجاح اللعبة من خلال اخطارهم بكل واردة وشاردة. سياسة الانفتاح والمحاورة أثبتت نجاحها في مجالات عدة، منها التجارية ـ مثل لعبة «بوكيمون» ـ وغيرها كالمجالات الطبية. فقد وجدت مجموعة أبحاث أميركية أن اعتراف الطبيب في حالة قيامه بخطأ طبي واعتذاره للمريض (أو ذوي المريض) يساهم بصورة ملحوظة في تقليل عدد القضايا المرفوعة بسبب الاهمال الطبي! في عصر العولمة والتكنولوجيا، أصبح الناس يرون المعرفة كـ «حق» من حقوقهم بعد ما كانت امتيازاً. واستطاعت الشركات والحكومات الناجحة مواكبة هذا التغيير من خلال تعيين فرق محترفة للتصريح باسمها بطريقة تبرز كل جميل وتصرف الانتباه عن كل قبيح، بينما لا تزال حكومة الكويت مع الشعب باسلوب «انت تأمر واحنا ننفذ طال عمرك». إن قرار رفع الدعم عن البنزين، قرار لا مناص منه مع التغيرات الاقتصادية العالمية، وإن لم تنفذه الحكومة اليوم فسيجبرنا عليه الدهر بعد حين. وعلى رغم إيمان فئة كبيرة من المثقفين بهذه الحقيقة، الا أن غالبيتهم كانت من المعترضين على تطبيق القرار، فهم يؤمنون بأن رفع الدعم عن أسعار البنزين لا بد له و أن يكون ضمن حزمة إصلاح اقتصادي ورؤية شاملة تتضمن اصلاحات اقتصادية في كل مجالات الصرف، وأهمها وقف الهدر الناتج عن الفساد المؤسسي كالعلاج السياحي في الخارج والعقود المليونية التنفيعية. الا أن غياب دور المتحدث الرسمي للحكومة يجعل القرار يبدو وكأنه قرار عشوائي اتخذ من دون دراسة، وكمحاولة غريق للنجاة بالتعلق بقشة. فحين غابت رؤية الحكومة عن الشعب فقد الشعب الثقة بالحكومة وقراراتها، فابدى امتعاضه واعتراضه. لا بد للحكومة أن تعي بأن جيل اليوم يختلف عن جيل الأمس، وأن ادارة الدولة اليوم لها متطلبات تختلف تماماً عن متطلبات الأمس، فينقل عن سقراط قوله «لا تكرهوا أبناءكم على آثاركم، فانهم مخلوقون لغير زمانكم». فإن لم تستطع حكومة جيل الأمس أن تعي متطلبات جيل الغد، فنحن أمام أزمة أكبر من الأزمة الاقتصادية، وهي أزمة ثقة الركاب في قدرة «النوخذة» على قيادتهم لبر الأمان، فإن فُقِدت الثقة فإن المركب لن ينجو من أول «عاصفة» تمر به، و قد نرى بعض «الركاب» وهم يحاولون الأخذ بزمام المبادرة بأيديهم في تلك الأوقات الصعبة، فتصبح المشكلة مشكلتين وبدل التركيز على «العاصفة» يصبح التركيز على «السيطرة». استماع «مختبرات نيانتك» للأطفال المحبين للعبة «بوكيمون» ساهم في تفاديها لخسائر مالية جمة، بل ساهم في المحافظة على الأرباح أيضاً، فهل ستستمع الكويت لكبار مثقفيها كما استمعت «بوكيمون» لأطفالها؟ snakhi@hotmail.com

مشاركة :