بعد أن أعلن بنك إنجلترا المركزي تخفيض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2009 جنباً إلى جنب مع المزيد من الإجراءات الأخرى التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد البريطاني والابتعاد به عن هاوية الركود بعد أن تقرر خروجها من الاتحاد الأوروبي عبر التصويت الذي أجراه، يبدو أن بريطانيا تتجه إلى وجهة غير واضحة المعالم حتى الآن بعد أن تباينت آراء وتوقعات المراقبين فيما يتعلق بما ستؤول إليه الأمور في المستقبل بناء على هذا القرار. وخفض البنك المركزي أسعار الفائدة إلى 0.25% من 0.5% كما توقعت معظم الأسواق والتحليلات الاقتصادية المتخصصة. تراجع الجنيه الإسترليني بمقدار 1.5% مقابل الدولار الأمريكي، وهو أحد النتائج الفورية لهذا القرار، في أكبر انخفاض له منذ الإعلان عن نتائج استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأعلن البنك إضافة إلى ذلك إطلاق برنامجين تحفيزيين لشراء السندات الخاصة ببعض الشركات ذات التصنيف العالي، بقيمة 13 مليار دولار، إضافة إلى 131 مليار دولار كتحفيز للبنوك المحلية لضمان استمرارية عملية الإقراض. خفض مستقبلي وفي تعليقه على الموضوع قال محافظ بنك إنجلترا المركزي مارك كارني: إن هناك احتمالية لخفض أسعار الفائدة أكثر مستقبلاً. يذكر أن الاقتصاد البريطاني تأثر كثيراً، منذ الاستفتاء على عضوية البلاد في الاتحاد الأوروبي، الذي انتهى فيه التصويت لصالح الخروج من الاتحاد. وأضاف كارني أنه ليس هناك أي مبرر للبنوك لئلا تقوم بمواصلة عمليات الإقراض، منوهاً بأن السلطات البريطانية ربما تقوم بفرض غرامات وعقوبات على البنوك التي تعرقل تدفق عمليات الإقراض بشكل سلس، واصفاً قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي بأنه يمثل تحولاً في السياسات التي ستقوم بريطانيا باتباعها فيما يتعلق بحرية حركة رؤوس الأموال وغيرها. انكماش الاقتصاد وفي خضم ذلك كشفت دراسة حديثة عن أن الاقتصاد البريطاني يواجه أسرع وتيرة انكماش له منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2009، بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران الماضي، وتوقع خبراء أن تتسارع أيضا وتيرة الركود الاقتصادي في البلاد في ظل الأزمات العديدة التي تحيط بها. وقال كريس وليامز الخبير الاقتصادي لدى ماركت إن البيانات الواردة تشير إلى أن الاقتصاد البريطاني في طريقه للانكماش بنسبة 0.4% خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. كما أظهر استطلاع أجرته رويترز أن 60% من الخبراء الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن بريطانيا في طريقها إلى مستنقع الركود الاقتصادي. صعود الدولار وكنتيجة للقرار الذي اتخذه البنك المركزي، صعد مؤشر الدولار 0.1 في المئة إلى 95.565 نقطة، فوق مستوى 95.003 الذي سجله خلال الأسبوع الجاري. وارتفع الدولار 0.2 في المئة أمام العملة اليابانية إلى 101.45 ين، بيد أنه تراجع أمام العملة الأوروبية الموحدة إلى 1.1131 دولار لليورو. بينما انخفض سعر الذهب لليوم الثاني على التوالي مع صعود الدولار بفضل القوة التي أظهرتها بيانات الوظائف الأمريكية ب 0.5% إلى 1351.30 دولار للأونصة، كما نزل سعره في العقود الأمريكية الآجلة من 7.20 دولار إلى 1357.50 دولار. الأسواق المالية وفي خضم كل هذه المخاوف، قال مارك كارني محافظ بنك إنجلترا المركزي بعد قرار خفض الفائدة إلى 0.25% مطمئناً البريطانيين إن المشكلات الاقتصادية التي تواجهها بريطانيا حالياً ليست إعادة للأزمة المالية، وإنه يترتب على البريطانيين عدم القلق من وفرة الائتمان في الأسواق المالية. وأشار خبراء اقتصاديون الى أن القرار الذي كان متوقعاً لا تبدو آثاره الاقتصادية واضحة على المدى الطويل، حيث قالوا إن القرار من الممكن أن يقود الاقتصاد البريطاني إلى مزيد من الأزمات عوضاً عن الارتقاء به إلى مستويات أفضل، لاسيما في ظل تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي.
مشاركة :