أطباء «مرضى التوحد» يحذرون من 6 علاجات «غير مثبتة»

  • 8/6/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

< حذّر أطباء واختصاصيون سعوديون أسر مرضى التوحد من الاستخدام المفرط في الطرق العلاجية غير المثبتة علمياً، ومن بينها «المعالجون الشعبيون، والحمية الغذائية غير المبررة طبياً، وحليب الإبل، وإزالة السموم الثقيلة، والسيكرتين، والعلاج بالأوكسجين المضغوط»، مطالبين بـ«إصدار تقرير رسمي يحذر من استخدام تلك الطرق لحفظ مال ووقت أسر الأطفال المصابين بالتوحد، والقيام بدرس شامل لفهم استخدامات خدمات التوحد في السعودية»، معتبرين «أنه أمر مهم للاستمرار في تطوير الخدمات لتلبية حاجات الأطفال المصابين بالتوحد وأسرهم». وأبرزت دراسة أجراها ثلاثة أطباء سعوديين على عينة غير ممثلة لجميع أسر التوحد في السعودية، أن 34 في المئة من أطفال التوحد تلقوا خدمات التشخيص والتدخلات العلاجية خارج مدنهم. وأظهرت النتائج التي جُمعت بياناتها من طريق الإنترنت في 2014، وعلى مدى أربعة أشهر معتمدة على 205 أسر ، لدى كلٍّ منها مصاب بالتوحد، أن معدل عمر التشخيص للمصاب هو ثلاث سنوات، فيما يتراوح معدل العمر عند تلقي أول خدمة بين 3-4 سنوات، وأن 34 في المئة من أطفال التوحد تلقوا خدمات مثل التشخيص والتدخلات العلاجية خارج مدنهم. وحُللت البيانات التي عكف على جمعها ثلاثة أطباء سعوديين، وهم: عضوا هيئة التدريس في جامعة الطائف الطبيبان المبتعثان المرشحان لدرجة الدكتوراه في التدخل المبكر في مركز أبحاث وعلاج التوحد بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس الدكتور فهد النمري، والدكتور فيصل النمري، ومدير مركز أبحاث التوحد الدكتور هشام الضلعان، بعنوان «وصف استخدام خدمات التوحد ولمعرفة العوامل المتعلقة باستخدامها». وأكد الدكتور فهد النمري لـ«الحياة»، أن جميع الأسر الذين ضمتهم البيانات استخدموا تدخلات علاجية عدة تتفاوت من حيث المرجعية العلمية والفاعلية، وأشار إلى أن استخدام الخدمات ارتبط بعوامل عدة منها: «تعليم الوالدين، ومدينة السكن، ودخل الأسرة، ومدى معرفة الوالدين بالتوحد». وتهدف الدراسة التي أجريت على عينة غير ممثلة لجميع أسر التوحد، وعرضت في مؤتمرات محلية ودولية عدة لـ«تسليط الضوء على الخدمات المقدمة لذوي التوحد في السعودية، والتقصي عن العوامل المرتبطة باستخدام تلك الخدمات»، معتبراً أن الدراسة «خطوة أولى نحو إدراك استخدام خدمات التوحد في السعودية»، وأشار إلى «تفاوت تقديم الخدمات بين المدن، منوهاً إلى ضرورة استخدام التقنية في تقديم تلك الخدمات». وحذّر من الاستخدام المفرط في الطرق العلاجية التي ليس لها مرجعية علمية وغير فاعلة أو غير المثبتة علمياً، على سبيل المثال لا الحصر: «إزالة السموم الثقيلة، وزيارة المعالجين الشعبيين، والحمية الغذائية غير المبررة طبياً، وحليب الإبل، والسيكرتين، والعلاج بالأوكسجين المضغوط». مطالباً بـ«إصدار تقرير رسمي يحذر من استخدام تلك الطرق لحفظ مال ووقت أسر الأطفال المصابين بالتوحد، والقيام بدرس أشمل لفهم استخدامات خدمات التوحد في السعودية».   انحصار خدمات في «المدن الكبرى»! أوضح الاختصاصي في إرشاد أسر التوحد مفلح الغالطي في حديث لـ«الحياة» بأن: «التوحد هو اضطراب عصبي نمائي يتشابه في بعض السلوكيات مع اضطرابات أخرى كتأخر النطق، وتشتت الانتباه، وفرط الحركة»، مضيفاً: «اكتشاف الحالات أصبح في مرحلة عمرية مبكرة، إلا أنها في ازدياد، ما زاد من تفاقم مشكلات أطفال التوحد، التي تتنوع بين التشخيص، وقلة العيادات المتخصصة مقارنة بعدد الحالات، انتقالاً لمرحلة التدخل المبكر اللازمة لكل حالة، لكونهم فئة بحاجة إلى رعاية مكثفة». وحدد أبرز معاناتهم بـ«عدم حصولهم على الرعاية الصحية الأولية مثل بقية الأطفال مما يفاقم من مشكلاتهم الصحية، كذلك صعوبة تقديم خدمات طب الأسنان، إذ إن الكثير من الأطباء يواجهون صعوبة في التعامل مع أطفال التوحد، وأن نقص الوعي بحالات التوحد والتعامل معها يجعل هناك حاجزاً في تقديم الخدمة، إضافة إلى انحصار جودة الخدمات الصحية المقدمة لأطفال التوحد في المدن الكبرى خصوصاً في مدينة الرياض». وقال: «ظاهرة رفض بعض الأسر الاعتراف بمرض أبنائهم تدنت بسبب ارتفاع مستوى الوعي بين الأسر، وعلى رغم ازدياد عدد المراكز عن السابق، إلا أنها تظل قليلة مقارنة بعدد الحالات في السعودية، إذ إن عدد الحالات المخدومة أقل بكثير من عدد الحالات، وهناك ندرة وقلة في المراكز التي تقدم خدماتها لمن تجاوز الـ12 من عمره، ما يجدد معاناة الأسر أيضاً»، مطالباً بـ«تقديم الدعم للمراكز الناشئة وتسهيل الاشتراطات والإجراءات الإدارية لمراكز تأهيل وتدريب ذوي التوحد». وحصر أهم المشكلات التي تقع فيها الأسر التي لديها مصاب بالتوحد في «التأخر بإلحاق أبنائهم في المراكز»، مضيفاً بأن «قلة الوعي لدى بعضهم تضعهم في مواقف محرجة، وتمنعهم من اصطحاب أطفالهم للمرافق العامة، كذلك فإن عدم استمرارية التدريب من الأسرة داخل المنزل يجعل التقدم في سلوكيات الطفل التوحدي بطيء، يضاف إلى ذلك عدم وجود عيادات متخصصة في مستشفيات المحافظات، ولا توجد عيادات تقدم الإرشادات والاستشارات وتتابع تقدم حالة الطفل مع أسرته ومع المركز الملتحق به وترشد الأسرة لكيفية التعامل مع الطفل، كما أنه لا يوجد اهتمام بما تعانيه الأسرة بعد إصابة ابنها بالتوحد، إذ تعاني الأسر نفسياً ومعنوياً ومادياً وهي بحاجة لمن يرعى حاجاتها ومتطلباتها». ووصف العلاج داخلياً بـ«الباهظ» مقارنة بـ«العلاج في الخارج»، في إشارة منه إلى أن ذلك يرجع لانحصار الخدمات وندرتها ما يجعلها نادرة ومنفردة في خيار واحد، بخلاف الخارج، حيث تتوافر بشكل متنوع ومتعدد وبأسعار متفاوتة». واعتبر أكبر خطأ تقع فيه الأسرة التي لديها مصاب بالتوحد هو الإهمال الشديد لحال الطفل، أو المبالغة في التأمل بأن الطفل طبيعي وليس بحاجة أي خدمات متخصصة. كما أن بعض الأسر تستمر في البحث عن علاجات غير فاعلة وغير مثبتة علمياً متأملين إيجاد طرق أسرع وأسهل لعلاج أطفالهم، ما يكبدهم تكاليف باهظة ويجعلهم عرضة للاستغلال، ويكلفهم ذلك ضياع عمر أطفالهم من دون تدخل».       الرويلي: «التنمية الاجتماعية» مطالبة برفع سقف الدعم < يعتبر «مركز براعم السمو التخصصي» المركز الثاني المتخصص لمرضى التوحد في المنطقة الشرقية، وفكرة إنشائه لم تكن صدفة، بل له قصة ولدت من رحم المعاناة، لتكون سبباً في وجوده كمركز خدمي غير ربحي. وقالت مؤسسة ومديرة المركز الدكتورة فايزة الرويلي، لـ«الحياة»: «أسست المركز بعد معاناة شخصية مع طفلي التوحدي، تركزت طموحاتي واهتماماتي في إيجاد مركز يقدم الخدمات التي أطمح لأن يتلقاها ابني كما يحدث في الدول المتقدمة وبطريقة قانونية». إلا أن الفكرة والتأسيس أوجدت بعد معاناة جماعية، وأوضحت «اضطررت لتقديم الاستشارات في غير مجالي وقتها، وكان للخبرة دور في ذلك، ونظراً للشح الكبير الذي تعانيه المنطقة في إيجاد المراكز المتخصصة للتوحد، إذ إن أغلب المتاح شامل لجميع التخصصات، إضافة إلى ذلك نقص الكوادر في بعض الأماكن، قررت إنشاء المركز الذي كانت الرؤية من خلاله مصوبة نحو الشمول والكمال في الخدمات المقدمة للطفل من حيث التدريب والتأهيل». وعلى رغم أن التمويل وتأسيس المركز «شخصي بجانب ما قدمته الأمهات من دعم نفسي واجتماعي، أسس المركز شاملاً لجميع التخصصات المطلوبة، وطبقت فيه جميع البرامج العالمية المطبقة في جميع دول العالم، وهو شبه جمعية خيرية، ليس من ورائه أي ربح مالي»، غير أنه ليس المركز الوحيد شرق المملكة، حيث توجد الجمعية السعودية للتوحد، وهي قائمة على جهود رجال الأعمال، لكنها لا تستوعب سوى عدد محدود ولديهم قوائم انتظار طويلة، بينما مركزنا قائم على جهود أمهات». وأشارت إلى أن المركز بدأ بـ«55 طفلاً، وفي العام الذي يليه وصل العدد إلى 70 طفلاً، وأخيراً وصل العدد إلى 120 طفلاً، وتشير الزيادة المضطردة إلى نمو قائمة أطفال التوحد في المنطقة الشرقية، لدينا قائمة انتظار طويلة، والمركز غير قادر على الاستيعاب أكثر، تبكيني الأم التي تبكي حين لا يكون لابنها مكان بسبب ضعف الاستيعاب». وطالبت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بـ«رفع سقف الدعم للمركز لتقديم خدمة أفضل، فما يصلنا من دعم، لا يقارن بما نقدمه من خدمة»، وزادت «يوجد بعض المراكز التي لا تعطي الطفل التوحدي حقه من الخدمات المتكاملة». من جهة أخرى، وصف العضو المؤسس للمركز الجامعي لأبحاث وعلاج التوحد بجامعة الملك سعود سابقاً أحد الناشطين في مجال دعم التوحد والشلل الدماغي للأطفال سلوكياً وطبياً ماجد الشايقي في حديث لـ«الحياة» قضية مرضى التوحد بـ«الكبيرة جداً والشائكة»، مطالباً السلطة الرابعة بـ«وقفة مؤازرة»، ملحاً في السؤال عمّا يعتبره حقاً من حقوق هذه الفئة التي وصفها بـ«المنسية». وأشار الشايقي إلى الأهالي معتبراً أنهم «غير ملامين في مطالبهم وإلحاحهم، وذلك لعدم توافر خدمة المصابين التوحديين بعد سن الـ12 عاماً»، مضيفاً: «فضلاً عن ذلك فالتوحديين الذكور ببلوغهم الـ12 تظهر لديهم معالم الذكورة، ويتصفون بالعناد، ولا يستطيع القسم النسائي السيطرة عليهم في كلا الأحوال، لذلك لا بد من تسهيل تراخيص افتتاح المراكز، وفتح المراكز النهارية وتقسيمها إلى فئات عمرية. يضاف إلى ذلك أن عدم انضمام الطفل إلى الدمج في هذا العمر يدل على أنه أمام منزلق خطر، ولا يمكن إيقاع اللوم دائماً على المراكز، فيما يجب بذل الجهد لتأهيل الشبان التوحديين».       «الفيصلية» تحتج على فصل مرضى التوحد < أكدت المديرة التنفيذية للجمعية الفيصلية في محافظة جدة فوزية الطاسان أن مراكز التوحد مجبرة على تطبيق قرار وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، الذي ينص على فصل التوحديين الذكور عن نظيراتهم الإناث بعد الـ12 من العمر. وقالت الطاسان لـ«الحياة»: «المطالبة بتنفيذ القرار جدياً أوقع المركز في خسائر مادية ومعنوية، من ضمنها تحمل رسوم الأسر التي ينال أطفالها ممن تزيد أعمارهم على 12 عاماً التدريب والتأهيل بغير رسوم، لأن الوزارة تدفع رسوم هذه الفئة بعد إصدارها القرار، وذلك يستدعي نقلهم إلى مراكز لمن هم فوق ١٢ عاماً». وأوضحت أن الفصل أصلاً موجود لمن هم فوق ١٢ عاماً، وبمقر منفصل عمن هم دون ذلك، إلا أن المطلوب بحسب القرار هو فصل تام، بما فيه تعيين طاقم إداري وفني مساند لهم، «وهو أمر مكلف جداً، ولا يسهم في تقديم خدمة مميزة لندرة بعض التخصصات». وقالت الطاسان: «المركز لم يكن يعاني مسبقاً من فرض هذا القرار، إلا بعد دفع الوزارة الرسوم الدراسية نيابة عن الأهل، ونحن لم نحتجّ منذ صدر القرار العام الماضي، لأننا وفق رؤيتنا رأينا أننا ماضون وفق المعيار العلمي الصحيح، لذلك أرسلنا للوزارة كل المبررات العلمية الداعمة لوجهة نظرنا، ولكن لم يتم الرد علينا». وشكت مما وصفته بـ«تجاهل وزير العمل والتنمية الاجتماعية لمحاولات الجمعية الحثيثة في مخاطبته»، وزادت: «خاطبناه كتابياً مرتين، وتضمن ما بعثناه من رسائل مبررات صعوبة تنفيذ القرار على حيز الواقع، بل حاولنا الحصول على استثناء مدة عام فقط، لكننا منذ ذلك الحين لم نجد رداً، بل اعتبرونا مخالفين، وحجبوا رسوم الأطفال ممن هم فوق الـ12 عاماً، واضطررنا إلى التكفل بذلك، في ظل ضعف حال بعض الأسر ومسؤوليتنا تجاههم، لكننا بذلك تكبدنا خسائر مادية ومعنوية فادحة». ووصفت القرار بأنه «طبيعي»، إلا أن حسابات الأمور تختلف مع مريض التوحد، الذي يتصف بالروتين، ولا يمكن هدم ما بني معه من تأهيل وتدريب في يوم واحد، «فإما أن يستقل الذكور في مركز ذكوري من طفولته إلى ما فوق الـ12، وإلا فمن الصعوبة تحقيق ذلك، بسبب قلة عدد المصابات بالتوحد من الإناث أيضاً، إضافة إلى أن ما يدفع لهذه الفئة على رغم قلتها ضخم جداً، إذ لا يتجاوز عدد المرضى في الصف الواحد أربعة أشخاص، ولدى بعضهم معلم لكل فرد توحدي، وهي معايير عالمية ومكلفه للغاية، إلى جانب ندرة توافر المختصين في العلاج الحسي والتخاطبي والوظيفي وغيره، ومن المربك أن تستقل إدارة الذكور عن إدارة الإناث. وأشارت إلى أن سياسات المراكز تختلف، «ومن الصعوبة أن نكتفي بالإناث من دون الذكور، أو أن نوقف دمجهم في عمر 12 عاماً، ومن المؤسف قطع الوزارة لرسوم الأطفال فوق العمر المحدد بعد استمرارنا في تأهيلهم علاجياً، وذلك ما اضطرنا إلى إبلاغ الأهالي الذين احتجوا بدورهم وطالبوا بإيقاف تنفيذ القرار». وتابعت: «اتجه الأهالي إلى الوزارة مباشرة لمقابلة الوزير لعله يحرك شيئاً لمصلحة المرضى، أو يغير في حيثيات القرار، لكنهم قوبلوا بعدم التجاوب ولم يتم الرد عليهم، وبعد ذلك سعينا إلى أن تتم زيارة من وزير العمل إلى المركز، ليرى الواقع بعينه، في ظل عدم مقدرة خطاب واحد شرح كل القضية، لكنه لم يجب على مطالبنا».

مشاركة :