يوشك أن يخرج الماضي العربي من كتب التاريخ، مبللاً بأصوات الباعة المتجولين، والشعراء من الروابي المحيطة بعكاظ، يطير الشعر من أفواههم كالعصافير في أجواء السوق. تجوب القوافي جنوب الطائف كقوافل، محملة بالحكمة والرؤية الشعرية التي يتناقلها العرب في أرجاء بلادهم. يقول عرّاب التفاعيل الشعرية الخليل بن أحمد الفراهيدي إن «عكاظ اسم سوق كان للعرب يجتمعون فيه كل سنة شهراً ويتناشدون ويتفاخرون، ثم يفترقون»، وكان يقام سوق عكاظ قديماً لمدة 20 يوما من أول ذي القعدة إلى يوم 20 منه، يتناقلون فيه أخبارهم. اندثر السوق، وبقيت آثاره في الذاكرة العربية قروناً لم يمحها الزمن. تلاشت من ذاكرة الجيل الجديد حينما حلت العولمة، وأمسى ذكرها في أروقة الجامعة، خصوصاً كلية الآداب والعلوم الإنسانية. لكنّ أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، أعاد سوق عكاظ إلى الحاضر، ألبسه حلّته الأصيلة طبقاً لمعايير حديثة، إذ بثّ الروح مجدداً في جسد الشعر، وأناخ ناقة الرواية، وأهدى للعرب كافّة سوق عكاظ.
مشاركة :