يجدُر بنا أن نتذكر أن الحرب في أفغانستان تقف الأطول في كل تاريخ حروب الولايات المتحدة. وبحلول يوم الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل فإنها ستكون قد دخلت عامها الـ16. وسيكون لدى أميركا رئيس مقبل سيرث بالتأكيد حرب أفغانستان، تماماً كما ورث باراك أوباما من جورج دبليو بوش. وسيرث الرئيس المقبل هذه الحرب المستمرة التي يمكن القول عنها حرفياً إنها الحرب التي لا نهاية لها. ولأهمية هذه الحرب، فإن كل شخص يتوقع أن يكون لأي مرشح للرئاسة شيء يقوله بشأن كيفية الانتصار فيها أو على الأقل احتواء الصراع هناك، أو إنهاء استمرار أميركا فيها لتكلفتها. لكن، ينبغي أن نشير هنا إلى أن المرشحين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، لم يتطرقا -ولو مجرد تلميح- إلى هذه الحرب في خطاباتهما الطويلة بمؤتمرات حزبيهما أخيرا. ومن تلميحات صمتهما إزاء هذه الحرب في حملتهما الانتخابية، قد لا نتوقع تقديم أي من ترامب أو كلينتون تحليلا نقديا يوضح الفشل الأخير وخيبات الأمل الناتجة عن تدخلات الولايات المتحدة العسكرية الأخيرة في أفغانستان. والواضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم ينجحوا في أي مجال بأفغانستان رغم التضحيات الكبيرة والإنفاق الذي زاد على تريليون دولار. فالحكومة الأفغانية التي تعتمد الآن في الإنفاق على أنشطتها بنسبة 70% على المعونات الخارجية، لم تظهر أي قدرة على الاعتماد على نفسها، ومحاربة الفساد المتفشي لم تأت بنتيجة، وزراعة الأفيون في ازدهار، حيث بلغت نسبة مساهمة أفغانستان في الإنتاج العالمي من الهيروين 90%، وحركة طالبان أصبحت أقوى من قبل، كما ظهرت قوة جديدة باسم "داعش". وعلى العموم، فإن الوضع في أفغانستان يمثل في الوقت الحاضر فشلا سياسيا له أبعاد مذهلة، لا يضاهيها إلا فشل أميركا في العراق، وهي الدولة التي تعيش حربا وفوضى لا أحد يستطيع التنبؤ بنهاية لها. إن حرب أفغانستان تستحق الوقوف عندها طويلا، لأنها أول حرب تختبر فيها البلاد الفرضية التي شكلت حجر الزاوية في سياسة الأمن القومي الأميركي عقب 11 سبتمبر 2001، وجوهرها أن التطبيق الماهر للقوة العسكرية الأميركية لا يمكنه فقط القضاء على من يهددون أمن أميركا، بل إقامة نظام سياسي مستقر ملائم لنمو القيم الليبرالية أيضا.
مشاركة :