انتشرت سماعات الأذن هاند فري في أوساط كثيرة من المجتمع، وكان للشباب القدر الأكبر من هذه العادة، فعندما تسير في الشوارع تجد الكثير من الأشخاص يضعون سماعات الأذن، وينفصلون عن المجتمع الخارجي، وأيضاً لدى الأشخاص الذين يقودون السيارات، للرد على الهواتف، أو لسماع بعض الموسيقى، ويستخدمها الكثيرون عند الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر، لتشغيل مقاطع الفيديو، وسماع الجديد على اليوتيوب، وكذلك لمهاتفة بعض الأشخاص عبر الاسكاي بي، أو الفيس، أو غيره من التطبيقات الجديدة، والبرامج المتنوعة في هذا الشأن، ومع التقدم التكنولوجي الهائل في مجال الهواتف المحمولة، التي تتيح الفرصة لتحميل مساحات كبيرة من الأغاني والموسيقى، والاستماع لها فترات طويلة، أصبح من الطبيعي والعادي استخدام سماعات الأذن لهذا الغرض في أي زمان وأي مكان، ولهذا السبب قررنا الخوض في الحديث عن أضرار استخدام سماعات الأذن، سواء استعمالها فترات قصيرة أم طويلة، وما يمكن أن تحدثه من مضاعفات على الأذن، أو على الصحة العامة ككل. طبقاً لتقارير منظمة الصحة العالمية التي توضح أن الاستماع لأصوات تزيد مستوياتها على درجة 85 ديسيبل (وحدة قياس درجة الصوت) لمدة ساعة أو أكثر، بواسطة وضع سماعات الصوت داخل الأذن، فإن ذلك يؤدي إلى حدوث أضرار وتلفيات غير قابلة للعلاج ولا الإصلاح في حاسة السمع، والمؤكد هنا والذي يعدّ مشكلة أن الأصوات التي تصدر عن سماعات الأذن، في الأغلب ما تكون قادرة على تخطي درجة وحدود 85 ديسيبل، وقد تصل أحياناً إلى 110 و120 ديسيبل، وتصطدم هذه الذبذبات مباشرة بالأذن لتحدث أضراراً جسيمة، وأثبتت الدراسات أن حوالي أكثر من ثلثي الأشخاص ممن تكون أعمارهم بين 17 إلى 31 سنة يضعون سماعات الصوت في الأذن، وهي على مستوى درجات صوت مرتفعة لدرجة خطيرة، ما كان سبباً في خروج بيانات ونداءات من بعض المنظمات العالمية تحث الشركات المصنعة للسماعات بوضع تحذيرات تبين خطورة الاستعمال الخاطئ للسماعات وضرر الصوت العالي والمرتفع والمبالغ فيه على صحة الأذن. وبداية نوضح طريقة وصول الصوت وعمل الأذن، حيث يدخل الصوت من الأذن الخارجية التي بدورها تقوم بتوصيله طبلة الأذن، وتقوم طبلة الأذن بتحويله إلى ذبذبات واهتزازات تنتقل عبر ثلاث عظيمات موجودة في الأذن الوسطى، إلى أن تصل هذه الاهتزازات إلى الوسط السائل بالأذن الداخلية، واهتزازات الوسط السائل يحرك الخلايا الشعيرية المبطنة للأذن الداخلية، وتقوم الموجات الصوتية الاهتزازية بتحريك الخلايا الشعيرية، وهذه الحركة للشعيرات تنتقل عبر أعصاب مخية متصلة بها، وكل هذه الحركات يتم نقلها عن طريق هذه الأعصاب إلى المخ على هيئة إشارات كهربائية يقوم المخ بترجمتها وتفسيرها وتحويلها إلى الأصوات التي نسمعها. وتوضح الدراسات الأهمية الكبيرة لدور الخلايا الشعيرية الدقيقة المبطنة للأذن الداخلية في عملية السمع، ومهمتها كوسيط في نقل الاهتزازات إلى المخ، وهذه الشعيرات في الأغلب ما تتأثر وتتضرر بفعل الموجات الاهتزازية العالية القادمة إليها من سماعات الأذن، في حالة الاستماع إلى درجات ومستويات عالية من الأصوات، وتؤدي هذه الموجات الصوتية القوية والعنيفة بتغيير هيئة الشعيرات من الوضع المنتصب الواقف والقادر على استقبال الموجات وتوصيلها للمخ، إلى وضع المائل غير الجيد في نقل الاهتزازات، وهذه الشعيرات لها القدرة على استعادة وضعها الطبيعي بعد زوال الخطر، ألّا أنه مع تكرار عملية تعرضها للمؤثر الخارجي من هذه الموجات القوية، يحدث الخلل والضرر الذي يصيب الشعيرات بشكل دائم، ويجعلها غير قادرة على استقبال موجات الصوت الاهتزازية، وفي الأغلب ما يكون الضرر على شكل انكسار لهذه الشعيرات، ولا يمكن علاجه؛ لأن هذه الخلايا الشعيرية غير قابلة للتجديد، ويؤدي ذلك إلى فقدان دائم لجزء من حاسة السمع، وقد يصل مع استمرار هذه العادة السيئة إلى فقدان حاسة السمع بالكامل. ونلقي الضوء على أن سماعات الأذن تم اختراعها في الثمانينات، وكان الهدف منها الاستماع إلى الموسيقى والأغاني، دون أن يسبب ذلك إزعاجاً للآخرين، وأيضاً لصنع حالة من الخصوصية للمستمع، وكانت تستخدم أثناء السفر، وخلال أداء بعض التمرينات الرياضية، كنوع من التحفيز على أداء عالٍ للتمرينات، وأيضاً تستخدم في الأماكن المليئة بالضجيج والفوضى الصوتية، للانعزال عن العالم الخارجي، وسماع نوع من الموسيقى الهادئة، للابتعاد عن ضجيج الأصوات وإراحة الأعصاب، وكثير من الشباب يستخدم سماعات الأذن بشكل مضر، حيث يقوم برفع درجات الصوت إلى مستويات عالية، وخاصة عند الاستماع لموسيقى صاخبة أو أثناء ألعاب الفيديو جيم، وعلى المدى الطويل لهذه العادة السيئة تحدث أضرار ومضاعفات للسمع كبيرة. وحذرت الكثير من الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع من الخطر المتزايد، نتيجة استخدام سماعات الأذن، أثناء الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة والأغاني، وتوصلت الدراسات إلى أن ملايين من الأشخاص مصابون بفقدان القدرة على الاستماع إلى الترددات العالية، بسبب ما أحدثه ضجيج الأصوات العالية من أضرار في الأذن من خلال السماعات، ونصحت بعض الدراسات العمال أن يستعملوا أجهزة الوقاية لحماية الأذن من خطر ارتفاع الصوت، خاصة الذين تتطلب ظروف عملهم التواجد في أماكن شديدة الضوضاء، وتفرض عليهم الاستماع إلى أصوات وضجيج يتخطى 113 ديسيبل، ولمدة ربما تتجاوز عشر دقائق متواصلة. وأشارت إحدى الدراسات أن بعض أجهزة أي بود العادية تقدم درجات عالية من الأصوات في بعض الموسيقى، قد تفوق مستوياتها 110 ديسيبل، وأحياناً تصل إلى 122 ديسيبل، ما يؤدي إلى إصابة الأذن بأضرار، كما يظن البعض خطأ أن الاستماع للموسيقى والضجيج بدرجات صوت متوسطة شيء عادي لا يضر، وبينت الدراسة، أن الاستماع إلى أصوات تتخطى 77 ديسيبل، هي أصوات مضرة، وسماع أصوات أقل من ذلك الرقم لا ضرر منها، والخطورة أن الاستماع إلى أصوات قوية وعالية جداً للحظات قليلة، ولو مرة واحدة فقط، يحدث ضرراً بالغاً على الأذن، ويضعف من قدرتها على السمع والحساسية، لدرجة أن الأذن بعد ذلك لا تستطيع أن تسمع وتميز الأصوات التي لا تتجاوز درجتها 83 ديسيبل. وتوضح الدراسات، أن التعرض لمستويات عالية من ذبذبات الصوت تقود في النهاية إلى أن يفقد الإنسان حاسة السمع، والتعرض إلى موجات صوتية صاخبة يؤدي في نهاية الأمر إلى قتل خلايا الاستشعار الموجودة في الأذن الداخلية، وبالتالي يؤدي إلى الإصابة بمرض طنين الأذن وحدوث مشاكل كبيرة في حاسة السمع، ويكفي أن نقول، إن مستوى صوت سارينة إنذار سيارة الإسعاف هو 122 ديسيبل، ولا يطيق أحد الاستماع إليه للحظات قليلة، فما بالك - طبقاً لأحدث الإحصائيات - بمن يستمعون إلى جهاز آي بود مدة ساعتين أو أكثر يومياً، وبالتالي فإن سماعات الأذن التي توجه مكبرات صوتها إلى داخل الأذن مباشرة هي الأكثر خطراً؛ لأن مصدر الصوت القوي يصبح أقرب ما يكون إلى الأجزاء الحساسة في الأذن الداخلية، ويؤدي إلى الكثير من الأضرار والمشاكل. تشير بعض الدراسات، أن هناك الكثير من الأضرار التي يمكن أن تسببها الأصوات العالية وسماعات الأذن على وجه الخصوص، ومن هذه الأضرار حدوث ضمور القناة السمعية، وتوضح أن استخدام سماعات الأذن في الاستماع إلى مستويات قوية من الأصوات، وتقدر الدراسة مستوى الصوت من 68% إلى 73% أي بما يقارب 86 ديسيبل، فهذا المستوى من درجات الصوت مع استمرار استخدام سماعات الأذن لمدة طويلة، يؤدي إلى تلف وضمور كبير في القناة السمعية داخل الأذن، مما ينعكس على حاسة السمع بصورة سلبية كبيرة. وفي دراسة حديثة تبين أن الأطفال والمراهقين الأشد تضرراً من استخدام سماعات الأذن، إذ سجلت الأرقام نسباً مرتفعة من الأطفال والمراهقين الذين يفقدون حاسة السمع، ويتضررون بصورة كبيرة من جراء استعمال هذه السماعات؛ لأنهم يستخدمون سماعات الأذن فترات طويلة، للاستماع إلى الموسيقى وبصوت عالٍ، مما يعرض الأذن لذبذبات عالية وترددات قوية، تضر الأذن وتفقدها السمع، وتزيد هذه النسبة إلى 25% في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 إلى 20 سنة، ويكون الذكور الأكثر في أعداد المتضررين من البنات، وفقدان حاسة السمع في سن الطفولة كارثة؛ لأنه من الصعب تعويضها، وتزداد الحالة سوءاً في المستقبل. وتحذر الدراسات من خطورة استعمال سماعات الأذن خلال بذل مجهود كبير أثناء ممارسة التمارين الرياضة، ويزيد الطين بلة عندما يقوم الشخص بالتمارين الرياضية في بيئة صاخبة أصلاً بالصوت المرتفع مع استخدام سماعات الأذن، مثل صالات الرياضة التي تشغل موسيقى عالية، حيث تؤدي التمارين الرياضية إلى تدفق الدم بكميات كبيرة إلى القلب والرئتين والعضلات، وتنخفض كميات الدم المتجهة إلى الأذن، مما قد يكون سبباً في زيادة حساسية الأذن وإجهادها، ويقودها إلى التعرض للإصابة بفقدان حاسة السمع تماماً، كما تؤكد الدراسات، أن سماعات الأذن تزيد من فرص فقدان السمع؛ لأن الإكثار والإفراط في استخدامها في سماع الموجات العالية جداً من الأصوات يؤدي إلى قتل وتدمير الخلايا المسئولة عن السمع والموجودة في الأذن الداخلية، كما تسبب الإصابة بمرض طنين الأذن وأضرار السمع، والخطورة مستمرة عندما تكون مكبرات الصوت الموجودة بسماعات الأذن موجهة بصورة مباشرة إلى داخل الأذنين. وتؤكد الدراسات، أن هناك ارتباطاً وعلاقة مباشرة بين الاستمرار في استعمال سماعات الأذن وفقدان حاسة السمع، ويفسرون ذلك بأن قوقعة الأذن تقوم بدورها في توصيل مستويات الصوت العالية إلى مخ الإنسان مباشرة، ومع الاستمرار في الاستماع إلى المستويات الصارخة من الأصوات من خلال السماعات، فإن ذلك يؤثر في قوقعة الأذن ويؤدي إلى سرعة إتلافها وعدم صلاحيتها، وتفقد قدرتها ومهمتها في نقل وإرسال الإشارات الصوتية من الأذن إلى المخ، وبالتالي عدم ترجمة هذه الإشارات وتحويلها إلى أصوات، ومعنى ذلك أن الإنسان فقد حاسة السمع؛ لأن المخ لم تصل إليه الذبذبات في صورة إشارات، مثلما يحدث عندما ينفصل أو ينقطع السلك الكهربائي عن أي جهاز يخرج صوتاً، فينقطع الصوت فوراً، وأيضاً تؤثر سماعات الأذن سلبياً في القدرة على التركيز وتضعف من درجة الانتباه، كما أنها تؤثر تأثيراً ضاراً في الأعصاب عند استخدمها فترات طويلة عن المعتاد، ووضعها على الأذن باستمرار يضعف من مهمة وطبيعة عمل الأذن، ويجب استخدامها عند الضرورة فقط، فالوقاية خير من العلاج كما تؤدي سماعات الأذن إلى الإحساس بالاضطراب والإلهاء والانعزال عن العالم الخارجي، ما قد يتسبب في وقوع كارثة، لأن الشخص عند استعمال السماعات ووضعها في الأذن، لا يستطيع أن يسمع الأصوات والضوضاء المحيطة به مثل السيارات أو سارقين مهاجمين، وتحدث حالة من الانعزال الصوتي عن المحيط الخارجي للأذن، وبالتالي تعيق سماع الأصوات والضجيج وما يدور حول الإنسان، ولنتخيل أن شخصاً يقود سيارته ويضع في أذنيه السماعات، وحدث مكروه للسيارة وصدر صوت لم يسمعه، فسيستمر في القيادة إلى أن تحدث كارثة، أو شخص يسير في الطريق العام ويحاول أن يعبر الطريق، وهو غير مستمع لما حوله، فإن تركيزه سيكون ضعيفاً، وقد يعرضه للخطر الحقيقي، وهذه العادة أكثر خطراً على راكبي الدراجات البخارية، الذين يستمعون إلى الموسيقى أثناء القيادة، ولأنهم على طريق يتطلب اليقظة مع حركة المرور، والموسيقى تخلق حالة تجعل الأفراد لا يكترثون ولا يهتمون إلى ما يحدث حولهم.
مشاركة :