على نفسها جنت براقش!

  • 8/8/2016
  • 00:00
  • 53
  • 0
  • 0
news-picture

قضية عائلية شغلت الرأي العام هذه الأيام داخل المملكة وفي بريطانيا على السواء، فبطلة القضية فتاة تحمل الجنسيتين البريطانية والسعودية معا. هذه الفتاة السعودية ولدت ونشأت في ويلز وتعلمت في مدارسها، وتشربت القيم والتقاليد البريطانية، فهي عبر سنوات نشأتها لم تعرف شيئا غير ذلك ولم تجد أحدا يعلمها القيم والتقاليد الإسلامية. بعد أن بلغت مرحلة المراهقة كان من الطبيعي أن تتصرف وفق ما اكتسبته من القيم الغربية التي نشأت عليها، وهنا انتبه أبوها من غفلته مدركا الهاوية التي ساق ابنته إليها. اصطحب الأب الابنة عائدا بها إلى جدة في محاولة متأخرة منه لإنقاذها، وهناك عاشت في كنفه سنوات أربعا مملوءة بالاختلاف والصراع الدائم بينهما، فالأب غير راض عن تصرفات الابنة وأفكارها الغربية، خاصة بعد أن رآها تقبل شابا غريبا عنها، والابنة (وفق ما نشأت عليه) من القيم، لا ترى سوءا فيما تفعل وتظن أنها تمارس حقا طبيعيا لها وليس لأبيها حق في أن يغضب بسببه. هنا شعر الأب أن من واجبه تعديل سلوك ابنته، لكنه لا يعرف من وسائل تعديل السلوك سوى استخدام العنف، فعمد إلى ضربها وحبسها في البيت وحظر الخروج عليها وحرمانها من التواصل مع العالم الخارجي، آملا أن يعدل ذلك سلوكها وأن يغير ما تشكل لها من فكر. فوقع في خطأ آخر، وكما يقول المثل (أراد أن يعربه فأعجمه) فتعديل السلوك باستخدام العنف، أسلوب فاشل، العنف لا يقوم السلوك بل قد يزيد الأمر سوءا، ويزيد الابنة نفورا من أبيها ويباعد المسافة النفسية والعاطفية بينها وبينه. وإذا كانت هذه الابنة استغلت جنسيتها البريطانية واستغاثت بالسفارة لتدافع عنها، فإن غيرها من البنات متى تعرضن للعنف لا يجدن أمامهن سوى خيارين: الهرب، حتى وإن كان إلى المجهول، أو الانتقام بارتكاب جريمة تدمر حياتهن وحياة المعنف لهن. من الواضح أن هناك هوة كبيرة بين فكر الأب وفكر ابنته، وهو مسؤول عن ظهور هذه الهوة بإهماله الإشراف الجيد على تنشئتها أثناء طفولتها. ولعل هذه القضية المؤسفة تكون نذيرا للآباء الذين لا يدركون أهمية التنشئة في مرحلة الطفولة المبكرة وأثرها البالغ في تشكيل أفكار وشخصيات الأولاد. ما هو مفقود في هذه القضية، غياب دور الأم؟ أين أم هذه الفتاة؟ إنها هي أيضا مسؤولة عما وقع لابنتها من سوء التنشئة. فكلاهما، الأم والأب، مسؤولان أمام الله عن هذا التفريط الذي وقعا فيه، فما تعانيه البنت من تذبذب في الأخلاق والقيم هو ذنبهما قبل أن يكون ذنبها.

مشاركة :