مقتل طفلة يعيد الجدل في شأن عقوبة الإعدام

  • 8/9/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

عاد السجال بين إسلاميين وحقوقيين بشدة في الجزائر في شأن تطبيق عقوبة الإعدام المجمدة، إثر تظاهرات عارمة في وهران (400 كلم غرب العاصمة) على هامش جنازة طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات وجدت مقتولة بعد خطفها، وهي ظاهرة تتكرر في الجزائر وترافقها في العادة مطالب بتطبيق عقوبة الإعدام في حق الخاطفين. وشيّع عشرات الآلاف جنازة الطفلة (نهال) التي اختطفت في إحدى قرى محافظة تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، وعثر على جثتها بعد 15 يوماً من البحث المتواصل قبل أن يعلن وكيل الجمهورية تطابق الجثة مع بيانات الطفلة، الأمر الذي حوّل الجنازة إلى محطة لتجدد السجال في شأن عقوبة الإعدام بين إسلاميين محافظين وحقوقيين. ورفض رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، دعوات القصاص لقاتلي الأطفال قائلاً إن «ذلك من اختصاص القضاء وليس المواطنين»، فيما سارعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى إصدار بيان عنونته «لماذا نعارض تطبيق عقوبة الإعدام؟». وقالت الرابطة: «في البداية نود التوضيح للرأي العام أن الحكومة الجزائرية لم تلغ حكم الإعدام، والدليل على ذلك هناك أكثر من 50 قضية نطق بها القضاة في المحاكم سنوياً، على عكس 160 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي ألغت الحكم بالإعدام كلياً». وأضافت: «الرابطة تعلن أنها غير مستعدة إلى مسايرة هذه المجموعة المتعطشة للدماء وقطع الرؤوس (مطالبي القصاص) لأن الإعدام منذ قرون لم يحل المشكلة، بل يعقدها أكثر في الجزائر». وعلق رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، على هذا النقاش قائلاً: «الذين قتلوا نهال هم الذين لا يتوقفون عن تدمير القيم في المدرسة وتجميد دور المسجد وتفكيك الأسرة ونشر الرذيلة وإفساد الإعلام. إنهم أولئك الذين لهم حساسية كبيرة من الدين الإسلامي، هذا الدين العظيم الذي جاء أصلاً لإتمام مكارم الأخلاق وبناء الإنسان الذي يكون له ضمير فردي لا يفارقه في سره وعلنه فيتشكل في المجموع ضمير جمعي يصلح به المجتمع برمته». وتلاقي دعوة تطبيق «القصاص» رفضاً قاطعاً من تيارات إسلامية، إذ قال رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران إن الأمر متروك للمحاكم التي تعود لها سلطة تقدير ما إذا كان الجرم يستحق عقوبة الإعدام. كما رفضه الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، أبوجرة سلطاني، الذي قال أن «عقوبة الإعدام انطلاقاً من حيث المبدأ محفوظة شرعاً، وغير قابلة للنقاش. أما من حيث التطبيق فهي قابلة للنقاش السياسي»، مشيراً إلى أنه لم يتم تنفيذ أي حكم إعدام من طرف أي رئيس للجمهورية باعتبار أنه المسؤول الأول الذي يوقع قرار التنفيذ. وقال حقوقيون إن قرار الجزائر بالتوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام منذ أواخر 1993 لم يمنع إلى اليوم القضاة من إصدار هذه الأحكام نظراً إلى أن «عقوبة الإعدام لا تزال منصوصاً عليها في القانون الجزائري»، ويذكرون بأن 58 دولة ما زالت تحكم بالإعدام وتنفذه، وأن هناك 20 ألف شخص محكوم عليهم بالإعدام ينتظرون التنفيذ. لكن الجبهة الرافضة لمساعي إسقاط عقوبة الإعدام، وهم في الأغلب يمثلون التيار الإسلامي، ترى أن ذلك يتنافى مع تعاليم الإسلام والدستور الجزائري. ولم ينفع قرار تجميد الجزائر عقوبة الإعدام منذ 1993 لحجب انتقادات منظمات حقوقية في الداخل والخارج.

مشاركة :