إما تركي وإما هندي!

  • 8/13/2016
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

كل المؤشرات تقول إن القنوات الفضائية العربية تتجه نحو المسلسلات الهندية وتريد تدريجاً هجر التركية، لأسباب على الأرجح ربحية. فالهندية وفق معلوماتنا أرخص، وتتوافر فيها المواصفات المطلوبة في سوق المسلسلات لناحية سرعة التزويد وعدد الحلقات والمحتوى. ظاهرياً يبدو الانتقال شكلياً، لا يتعدى استبدال كابور الهندي بمهند التركي وفيديا بنور. أما في العمق فهناك اختلافات وتفاضلات، على المستوى النفسي والثقافي في الأقل، كون التركي يظل جاراً نتقاسم معه مشتركات الجغرافية والدين والتاريخ فيما تشترك الهندية معنا في الإنساني العام. المقارنة بين الإنتاجين الدراميين لا للتفضيل والانحياز، لأنه في النهاية ما تقدمه الاثنتان لا يرتقي الى مستوى الطموح في حده الأدنى. البضاعتان الهندية والتركية؛ تجاريتان رديئتان، لكنّ هذا لا يمنع من معاينتها، كما تقتضي الوظيفة النقدية. من المراجع القليلة غير النظرية المُعينة في معرفة أثر المسلسل التركي في الجمهور العربي؛ وثائقي تلفزيوني يوناني عنوانه «قسمت». أجرى صُنّاعه بحثاً شيقاً عن التفاعلات العربية العميقة مع المسلسلات التركية وبخاصة الرومنطيقية منها. شجعت التركية، وفق الوثائقي، العربيات على طرح أسئلة من نوع؛ لماذا لا يعاملنا رجالنا كما يعامل مهند حبيبته بذاك القدر من الحنان والرقة؟ كما لاقى مسلسل «فاطمة» ترحيباً لصدقه في عرض الانتهاكات الجسدية والتمييز الذي تتعرض له المرأة التركية في حين لا يظهر ذلك بوضوح في الكثير من المسلسلات العربية؟ وعلى مستوى ثانٍ أثار ردود فعل «ذكورية» محافظة كونه، وفق رأيهم، يقدم نموذجاً «شرقيا» متخيلاً لا يتطابق مع الواقع. إذاً المسلسل التركي مع كل عيوبه أثار أسئلة ومقارنات من المستبعد أن يقوم بها المسلسل الهندي، لا لكونه غير قادر على ذلك بل لأن مستوى المستورد منه مسطح، لا يريد الغوص في العمق، يتعمد البقاء في حدود «التراجيديات الشخصية» الهندية وكليشهاتها الاجتماعية المعروفة مثل الصراع بين الخير والشر والتمايز الطبقي بين الغني والفقير. حتى لو قبل المشاهد بقسمته فستواجهه مشكلة جديدة تتمثل في صعوبة تماهي لغته العربية مع اللغات واللهجات الهندية عند دبلجتها. هل سمع أحدكم ممثلاً هندياً ينطق اللهجة اللبنانية أو السورية؟ يقيناً المشاهد العربي يستحق أكثر من هذا، فالعالم ينتج يومياً مسلسلات تلفزيونية ترتقي الى مستوى أفضل الأعمال السينمائية. تؤدي وظيفتها الترفيهية وتسد جزءاً من حاجة متابعها الثقافية والتوعوية. من المحزن أن تضيق خيارات المُشاهد العربي بمسلسلين؛ تركي أو هندي!.

مشاركة :