تنامي مشاعر العداء للولايات المتحدة في تركيا يرتكز بالأساس على أن الولايات المتحدة لم تكن متضامنة مع حليفها التركي بعد الانقلاب، كما أنها لم تبد أي مبادرة لتسليم الدماغ المدبر للانقلاب الداعية فتح الله غولن المقيم في المنفى في الولايات المتحدة. واعتبر جيهان وهو شاب اسطنبولي قرب البوسفور أن «أميركا لا تفكر هنا إلا بمصالحها. وتركيا هي التي تعاني من ذلك». ولفت بيرم بالجي من مركز الأبحاث الدولية للعلوم السياسية إلى أن الرئيس أردوغان الذي دعا الأحد الماضي إلى تظاهرة شعبية مليونية في اسطنبول للتنديد بعدوه اللدود، لديه «استراتيجية لإقامة وحدة مقدسة ضد غولن. فضلا عن ذلك لا أحد في تركيا يدافع عنه». وأوضح الباحث الذي وجه إليه السؤال من واشنطن «إن الأميركيين يقدمون دعمهم لحركة إرهابية، حزب العمال الكردستاني (المتمردون الأكراد) وأيضا لمنظمة غولن». وأضاف بالجي: «سيتنامى شعور معين مناهض لأميركا في تركيا»، وأردوغان: «بحاجة له لإرساء سياسة تركيا في المنطقة ولتعزيز موقعه لدى الرأي العام». ورأى سنان أولغن أن ذلك يبدو أكثر سهولة لاسيما أن تركيا تجتاز «فترة بلبلة» بعد الصدمة على إثر انقلاب 15 يوليو، لكن سيتعين على الحكومة في وقت ما «إن تبدأ في تهدئة اللعبة» وإلا «سيكون هذا الشعور المناهض للأميركيين مضرا لتركيا نفسها». وحذر بأن الأخطر «سيتمثل في رؤية هذا الشعور المناهض لأميركا يتجذر في المجتمع التركي». وقال في خصوص حلف شمال الأطلسي الذي تعد أنقرة عضوا أساسيا فيه أن ذلك قد «يعرض انتماء تركيا إلى المجموعة الأطلسية في خطر». لكن حتى لو تفاقم الشعور المناهض لأميركا حاليا فإنه ليس أمرا جديدا في تركيا. واعتبر أولغن أنه «حتى قبل الانقلاب الفاشل كان هناك ريبة وشكوك تجاه الولايات المتحدة» التي لا تريد برأيه «تركيا قوية» وتلعب بالأحرى «الورقة الكردية». لكن القضية التركية غير قابلة للتفاوض بالنسبة لأنقرة التي تضع في المستوى نفسه تهديد «الإرهابيين» في حزب العمال الكردستاني وخطر تنظيم الدولة. وقال بيرم بلجي «إن الأتراك يشعرون بالغضب من أميركا» مضيفا: «يشعرون بأنهم وقعوا في شرك» نصبته الولايات المتحدة. وقال بلجي: «إن استراتيجية (أردوغان) تقضي أيضا بأن يكون لديه رافعة في علاقاته الصعبة مع الولايات المتحدة»، مضيفا: «إن مناهضة أميركا تنجح سياسيا في كل البلدان». وذلك سينجح طالما أن الإدارة الأميركية لم تهتم بملف تسليم غولن. إلى ذلك رأى أولغن: «سنصل إلى مرحلة ثانية، مرحلة السلطة القضائية، التي ستكون طويلة إلى حد ما» وهذا الشعور الساخن (المناهض لأميركا) سيهدأ».;
مشاركة :