الحديث عن سياسة العمل العربي المشترك، يشبه الحديث عن معلقات الشعر الجاهلي، تصوير بلاغي راقٍ لعصر غير هذا العصر، ومعنى أصيل يصف أصالة الفعل الذي لا يتحرك إلا في الماضي وصفحات التاريخ، هذا للذي يؤمن بالمعاني التي تصف المفروض وتتجاوز الواقع فما من حقيقة لعملنا العربي المشترك إلا وكانت شيئاً يفترض وليس حدثاً كان واقعاً، الذين مازالوا يؤمنون بالافتراض الذي لم يتحقق بعد، هم أصحاب موقف وهوية، لا تنكسر لهم إرادة، فالانتماء العربي وجود قد لا يعجبنا وقد نلعنه ولكن لا نستطيع أن نرفضه أو نتخلى عنه.. قد نلعن قومية العساكر العرب الذين حولوا الانتماء العربي إلى نشيد قومي يتغنى بمجد الزعيم وروح الزعيم وبطولة الزعيم، " بالروح بالدم نفديك يا ....." عظم تاريخ الزعيم وصغر تاريخ الأمة، عظم بقهر الانتماء وخيانة المجد، واتباع طريق الهوان، فعندما هلك الزعيم، عرفنا أننا أمام زعامة مفترضة لم تتحقق، أمام جلاد، سلم مفاتيح الهوية والاقتصاد لورثته من اللصوص، وبقي الافتراض قائماً يبحث عن أرض في جغرافية العرب تؤويه. من العيب أن يكون أعداء هويتنا العربية هم أسياد لها اليوم من حزب الشيطان في لبنان وزعيمه ومثله في اليمن وبعض الدول أو العراق، والسودان، وسورية، فبعد عساكر العرب ابتليت الهوية العربية بعساكر طهران وأذنابها. نتذكر هوية انتمائنا العربي من حديث رئيس وزراء مصر الدكتور حازم الببلاوي في زيارته للرياض، عندما وصف مصر والمملكة بأنهما: ركيزة النجاح العربي، فقد نقلنا هذا التصريح إلى ميدان هويتنا العربية، فبالرغم من كثرة الجراح والضربات التي شوهت الجسد العربي مازال هناك مساحة للتفاؤل وأمل بالشفاء، والبداية تكون بتقوية هذه الركيزة التي أشار إليها رئيس مجلس وزراء مصر، وحتى لا يكون حديثنا افتراضاً أو يحسب على تاريخ المعلقات الشعرية، نقول إن هناك بصفة ثنائية بين القاهرة والرياض ما يمكن البناء عليه ففي عام 2007 وقعت مذكرة تفاهم بين الخارجية في المملكة وشقيقتها في مصر تهدف إلى وضع آلية للتشاور السياسي بين الدولتين، من هذا التقارب الأخوي على مستوى العمل السياسي قد يكون من المناسب إيجاد لجنة دائمة تقوم بمهة التشاور السياسي من أجل المحافظة على ما تبقى من هوية انتمائنا العربي، وتعلن هذه اللجنة بمشروع مشترك. التقارب السعودي المصري حقيقة لا تحتاج لإثبات، ولكن الذي يحتاج لإثبات وسط هذه الصرعات العربية المريرة، هو مشروع سياسي عربي واحد يدافع عن الوجود العربي ويبعد عنه الأيادي التي تلوثت بالعمالة للمشروع الصفوي، فلجنة عربية ثنائية مشتركة أفضل من كذبة شبه إجماع عربي لا طعم له ولا رائحة.
مشاركة :