كما كان متوقعاً، أصدر بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) حزمة كبيرة من الحوافز النقدية في اجتماعه الأخير المنعقد في 4 أغسطس/ آب 2016. وقد شملت حزمة التحفيزات تخفيضاً لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 0.25%، وهو أدنى مستوى للفائدة في تاريخ البنك البالغ 322 سنة، إضافة إلى استئناف برنامج التيسير الكمي لخفض معدلات الفائدة على السندات الحكومية وسندات الشركات طويلة الأجل. كما تضمنت حزمة التحفيزات أيضاً خطة تمويل طويلة الأجل تهدف لضمان تمرير الخفض في أسعار الفائدة إلى الأسر والشركات. كما ألمح البنك إلى أنه من المحتمل أن يقوم باتخاذ المزيد من التدابير في وقت لاحق من هذا العام. وقد جاءت هذه الحزمة الضخمة من التحفيزات رداً على الآفاق الاقتصادية المتدهورة في المملكة المتحدة في أعقاب التصويت غير المتوقع لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. و في حين أن التحفيز النقدي قد يفيد في التخفيف من بعض الآثار السلبية للخروج من الاتحاد، إلا أنه لا يستطيع القضاء تماماً على تلك الصدمة. ففي كل الأحوال، فإن السياسة النقدية لا يمكنها أن تولد اتفاقات تجارية جديدة، أو التعويض عن الفاقد في القدرة الإنتاجية أو التباطؤ في نمو القوى العاملة المرجح حدوثهما في بريطانيا في مرحلة ما بعد الخروج من الاتحاد الأوربي. تشير دلائل مبكرة على أن الاقتصاد البريطاني قد شهد تباطؤاً واسع النطاق منذ التصويت على الخروج من الاتحاد. وقد جاءت معظم هذه الأدلة من الاستطلاعات، لأن البيانات الفعلية تصدر بعد فترة من الوقت. وقد رسمت الأدلة والشواهد المتوافرة حتى الآن صورة قاتمة، حيث تراجعت ثقة المستهلكين في شهر يوليو/ تموز إلى أدنى مستوى لها منذ نهاية عام 2013، وأشارت استطلاعات مؤشر مديري المشتريات إلى تقلص قطاعات التصنيع والخدمات والبناء في يوليو، وكان التقلص في القطاعين الأخيرين هو الأكبر منذ الأزمة المالية العالمية، على الأقل. ومن المتوقع أن تزيد حدة التباطؤ الاقتصادي، كما لا يُرجح أن تزول الآثار السلبية الناتجة عن حالة عدم اليقين، نظراً لأن المملكة المتحدة لم تشرع بعد في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن ترتيبات ما بعد الخروج من الاتحاد.
مشاركة :