مثلث التحديات : ضعف النمو وارتفاع البطالة وخلل في التوزيع

  • 8/14/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

د. علي توفيق الصادق* ما زال الاقتصاد العالمي يعاني ضعف النمو مقارنة بمعدلات النمو قبل الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة التي انتشرت في أعقاب انهيار المؤسسة المالية ليمان برذرز في سبتمبر 2008. فقد بلغ متوسط نمو الدخل العالمي (بمقياس الناتج المحلي الإجمالي) قبل الأزمة 4.2% في الفترة 1998-2007 وما زال معدل النمو في أعقاب الأزمة أقل من ذلك حيث تراوح معدل النمو الاقتصادي العالمي بين 3.1% - 3.5% في الفترة 2012-2015. ويتزامن ضعف النمو الاقتصادي العالمي مع ضعف معدلات إنتاجية عوامل الإنتاج في الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الصاعدة والنامية. ويعزى ضعف الإنتاجية هذه إلى انخفاض الاستثمارات الرأسمالية في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي أدى إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي الممكن. ويعاني الاقتصاد العالمي أيضاً من ارتفاع عدد العاطلين عن العمل. فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 197.1 مليون عامل عام 2015 ويقدر أن يرتفع إلى 199.4 مليون عامل عام 2016 و200.4 مليون عامل عام 2017. ووضع البطالة أسوأ بين الشباب من الفئة العمرية 15-24 سنة حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل منهم نحو 73.3 مليون شاب على مستوى العالم أي ما يعادل نحو 37% من إجمالي العاطلين عن العمل البالغ عددهم 197.1 مليون عامل. ويعاني الاقتصاد العالمي أيضاً من خلل كبير في توزيع الدخل العالمي وكذلك في توزيع السكان. ففي عام 2008 بلغ الدخل العالمي (على أساس الناتج المحلي الإجمالي) 63.3 تريليون دولار أمريكي وسكان العالم 6.7 مليار نسمة، وبذلك يكون متوسط نصيب الفرد من الدخل العالمي حوالي 9448 دولار أمريكي. هذه الأرقام الإجمالية تخفي الفروق الفاضحة حول توزيع الدخل العالمي بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الصاعدة والنامية: حصة الاقتصادات المتقدمة من الدخل العالمي بلغت حوالي 69% وحصتها من سكان العالم حوالي 15%، أما حصة الاقتصادات الصاعدة والنامية فقد بلغت نحو 31% من الدخل العالمي وحوالي 85% من سكان العالم. وبلغ متوسط نصيب الفرد من الدخل في الاقتصادات المتقدمة حوالي 43 ألف دولار وفي الاقتصادات الصاعدة والنامية حوالي 3.5 ألف دولار. بعد 7 سنوات، أي في عام 2015 بلغ الدخل العالمي 73.2 تريليون دولار وبلغ سكان العالم نحو 7.2 بليون نسمة وبذلك يكون متوسط نصيب الفرد من الدخل العالمي حوالي 10 آلاف دولار. أما توزيع الدخل العالمي والسكان فقد أصبح في عام 2015 كالتالي: حصة الاقتصادات المتقدمة حوالي 61% من الدخل وحوالي 15% من السكان والباقي 39% من الدخل و85% من السكان كان نصيب الاقتصادات الصاعدة والنامية. والأمر الفاضح أن النمو الاقتصادي الذي تحقق في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية لم يكن شاملاً الجميع بل معظم النمو ذهب إلى فئة قليلة. فتقرير منظمة العمل الدولية الموسوم التوظيف العالمي: آفاق اجتماعية،اتجاهات 2016 يذكر أن الواحد بالمئة الأغنى في العالم يحصلون على 50% من ثروة العالم عام 2016 وكانت حصتهم 44% عام 2009. هذه الأرقام التقريبية المعنية بتوزيع الدخل العالمي وسكان العالم بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الصاعدة والنامية تبين أن القوة الشرائية متركزة في الاقتصادات المتقدمة حيث نسبة سكانها من سكان العالم لا تتجاوز 15% ولكنها تستحوذ على حوالي 61% من الدخل العالمي، وفي المقابل يبلغ سكان الاقتصادات الصاعدة والنامية اكثر من 85% ويحصلون على نحو 39% من الدخل العالمي. هذا التوزيع الفاضح للدخل وسكان العالم بين مجموعتي الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الصاعدة والنامية يخفي اختلال التوزيع على مستوى البلدان وداخل البلدان أيضاً. والسؤال الذهبي الذي يبحث عن جواب هو ما هي السياسات والإجراءات القابلة للتنفيذ التي تساعد على مواجهة مثلث التحديات العالمية؟ البداية يجب أن تعالج بطء النمو الاقتصادي العالمي. ولكن المعالجة تتطلب تحديد أسباب بطء النمو الاقتصادي العالمي. البعض يرى أن ضعف النمو الاقتصادي يعود إلى ضعف الطلب الذي يقدر على مستوى العالم بنفقات الاستهلاك الخاص والاستهلاك العام (الحكومة ومؤسسات التابعة لها) والاستثمار الخاص والعام، أما الطلب على مستوى الدول أو مجموعة الدول فيقدر بالنفقات الاستهلاكية والاستثمارية وصافي الصادرات، أي قيمة الصادرات من السلع والخدمات ناقصاً قيمة الواردات من السلع والخدمات.. *مستشار اقتصادي

مشاركة :