هل فطيرة مكسيكية هي التي هزمت جيرالد فورد؟ وهل حالت الجبنة السويسرية دون وصول جون كيري إلى البيت الأبيض؟ وهل يخسر دونالد ترامب السباق الرئاسي بعد تناوله وجبة كنتاكي في طائرة خاصة؟ يمكن للطعام الذي يتناوله المرشح أن يؤدي دوراً أساسياً في تحديد الصورة التي يريد أن يرسمها عن نفسه ويتوجه بها إلى شرائح محددة من الناخبين، سعياً للوصول إلى المنصب الأكثر نفوذاً في العالم. لكن حين يلتقي الطعام بالسياسة على طريق الرئاسة الأميركية، يفتح ذلك المجال لارتكاب هفوات قد تقود إلى كارثة انتخابية حقيقية. وقال دان باشمان، مقدم البرنامج الصوتي سبوركفول الخاص بالطعام عبر استوديوهات دبليو إن واي سي، إن الطعام يمكن أن يشكّل بالنسبة إلى السياسيين طريقة للتعبير عن نوع من الألفة، لكن حين يخفق السياسيون من السهل ارتكاب أخطاء. ومن البادرات الأكثر نجاحاً في هذا المجال قمة الهوت دوغ التي نظمها الرئيس فرانكلين روزفلت عام 1939 للملك جورج السادس، سعياً لتوطيد العلاقات بين البلدين مع تصاعد الخطر النازي. لم يسبق ربما لملك بريطانيا قبل تلك القمة أن رأى شطيرة هوت دوغ، أو تناول أي طعام بيده غير المقبلات، غير أنه حرص في ضيافة الرئيس على تناول الشطيرة على الطريقة الأميركية. والواقع أن الملكة إليزابيث انحنت صوب السيدة الأولى أليانور روزفلت وهمست لها: كيف تأكلون ذلك؟، وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في اليوم التالي: الملك يتذوق الهوت دوغ ويطلب المزيد، وباتت الوجبة تعرف بـالبيكنيك الذي ربح الحرب. وهذه السنة، تتميز حملة الانتخابات الرئاسية على كل الحملات السابقة بحدة الهجمات التي بلغت حداً مذهلاً، ومدى الاستقطاب، ومستوى المخاوف من أعمال العنف، غير أن وجبات المرشحين تحتفظ بدلالات. وتقول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي ستصنع التاريخ في حال وصولها إلى سدة الرئاسة الأميركية، إنها تتناول قرناً من الفلفل الحار يومياً للحفاظ على طاقتها، غير أنها لا تفعل ذلك علناً. واعترفت لستيفن كولبرت الذي استضافها في البرنامج التلفزيوني الهزلي في أبريل: من الغريب أن تتناول الطعام أمام الصحافة. وقالت: قد يلتقطون لك صورة مضحكة، قد يسيل شيء من فمك، أو تلطخ وجهك، أو قد يحدث لك أي شيء يجعلك تبدو أحمق. حين تذوقت كلينتون ملعقة من المثلجات وهرع المصورون إلى التقاط اللحظة، صاح لها أحدهم سائلاً إن كانت تعرف عدد السعرات الحرارية التي تتناولها، فردت عليه بصيحة استنكار. أما خصمها الجمهوري دونالد ترامب، فنشر على موقع تويتر صورة له أمام وجبة دجاج من مطعم كنتاكي، سعياً منه لإظهار أنه يحب الوجبات السريعة الشعبية، غير أنه أفسد هذا الانطباع، إذ التقطت الصورة في طائرته الخاصة، وكان يضع أمامه شوكة وسكيناً. وقال لشبكة سي إن إن إن همبرغر واحداً يمكن أن يأتي على شبكة ماكدونالدز، مضيفاً: أحب النظافة، وأعتقد أنه من الأفضل الذهاب إلى هناك، بقصد مكان لا نعرف فيه من أين يأتون بطعامهم. وقد لا يحظى هذا الرأي بتأييد العديد من الأميركيين، إلا أنه قد يسهم في تعزيز موقعه الشعبوي. غير أنه أثار انتقادات واسعة حين نشر على تويتر صوراً له جالساً إلى مكتبه أمام طبق تاكو، إذ كان الطبق موضوعاً فوق صورة لزوجته السابقة ترتدي بيكيني. وكتب على تويتر: إن أفضل أطباق تاكو تصنع في مطعم برج ترامب. أحب المتحدرين من أميركا اللاتينية، مهنئاً المكسيكيين في عيد وطني لهم، مع أنه سبق أن وصفهم بـالمجرمين والمغتصبين والمهاجرين غير الشرعيين. على ضوء كل ذلك، ما الذي يمكن أن تكشفه وجبات المرشحين هذه السنة عن نتيجة انتخابات نوفمبر؟ قال الرئيس الأميركي باراك أوباما مرة لمجلة فانيتي فير إن لديه قرارات أهم من الطعام يترتب عليه اتخاذها يومياً، وأضاف: لا يمكنك قضاء النهار متلهياً بمسائل مبتذلة. هذه نصيحة سديدة، لكن هل يأخذ بها أي من كلينتون أو ترامب؟
مشاركة :