تحاول تركيا استعادة نشاط قطاعها السياحي، الذي تضرر من سلسلة التفجيرات التي شهدتها منذ مطلع العام ثم بالانقلاب الفاشل منتصف الشهر الماضي، ووصلت خسائر القطاع إلى أكثر من خمسة بلايين دولار. وتسعى الحكومة التركية بالتعاون مع الخطوط الجوية الوطنية والفنادق، إلى حض العرب عموماً والخليجيين خصوصاً، على الذهاب إلى تركيا، بعد التحذيرات التي أصدرتها حكوماتهم بتجنب السفر إليها، تحسباً لوقوع مزيد من الأحداث. ولم ينكر رئيس مجلس إدارة «الخطوط الجوية التركية» إلكير إيجي، أن القطاع السياحي في تركيا «يعيش فترة صعبة لأول مرة منذ سنوات، بفعل التراجع الكبير في أعداد السياح». وقال لـ «الحياة» إن نسبة إشغال طائرات «الخطوط الجوية التركية» القادمة والمغادرة من وإلى المنطقة العربية عموماً والخليج خصوصاً، تراجعت إلى 70 في المئة، بعدما كانت تصل أحياناً إلى 100 في المئة في موسم الصيف والأعياد، وإلى 80 في المئة في الأيام العادية. لكنه طمأن السياح الخليجيين إلى أن «الأمور عادت إلى طبيعتها في تركيا، والدليل على ذلك أن أسواق العقار والأسهم وصرف العملات عادت إلى مستويات ما قبل الانقلاب الفاشل»، علماً بأن ذلك جاء بعدما تحرك البنك المركزي التركي بسرعة وضخ السيولة في النظام المالي. وأشار إلى أن الحكومة التركية تعمل حالياً لإعداد خطة شاملة تتضمن مزيداً من الحوافز لحض الخليجيين والعرب للسفر وقضاء العطلات في تركيا. وقال: «إننا في الخطوط التركية سنشارك في هذه الحوافز لطرح أسعار خاصة على تذاكر السفر لتشجيع الناس على العودة إلى تركيا». وتشير أرقام رسمية من وزارة السياحة إلى أن عدد الزوار الأجانب إلى تركيا بلغ نحو 36.24 مليون شخص في 2015، في مقابل حوالى 36.86 مليون خلال 2014 بمعدل تراجع 1.61 في المئة، بعدما منعت روسيا مواطنيها من السفر إلى تركيا وبدء سلسلة التفجيرات. وأظهرت البيانات أيضاً تراجع الإيرادات السياحية بنحو 8.3 في المئة في 2015 بأكمله إلى 31.46 بليون دولار، وارتفعت إلى 50 بليون دولار هذا العام. أما إيرادات السياحة في تركيا فهبطت 35.6 في المئة في الربع الثاني من هذا العام، وهو أكبر انخفاض في 17 عاماً، وسط مخاوف أمنية متزايدة في أعقاب سلسلة التفجيرات. وأدى الانقلاب الفاشل في منتصف الشهر الماضي، الذي قتل خلاله 240 شخصاً، إلى زيادة الضغوط على قطاع السياحة، الذي تبلغ مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي نحو 4.5 في المئة. وأشار إيجي إلى أن «الخطوط التركية» تدرس حالياً تسيير رحلات مباشرة من الدول العربية من ضمنها دول الخليج إلى مدن سياحية تركية من دون التوقف في إسطنبول لتشجيع السياح العرب على السفر إلى تلك الوجهات. وقال إن «تركيا آمنة وترحب بالزوار الخليجيين والعرب لقضاء عطلاتهم في المدن التركية». وقال: «ازداد اهتمام السياح العرب بمنطقة البحر الأسود وبخاصة في السنتين الأخيرتين، إذ قام العرب الآتون من منطقة الخليج على وجه الخصوص بشراء كثير من الشقق السكنية على البحر الأسود خصوصاً في طرابزون وسامسون، لذلك يجرى استخدام الكلمات العربية على اللوحات في الشوارع، فيما يجري تنظيم دورات لغة عربية للتجار في المدينة. وأوضح أن الشركة نقلت 62 مليون مسافر في العام الماضي في حين سيصل عدد المسافرين على متنها هذا العام إلى 65 مليوناً بدلاً من 70 مليوناً وفق الخطط الموضوعة لها. وأكد أنه لا تغيير في برامج رحلات الحج. كما أن موسم الصيف ما زال في تحسن مستمر نظرا لعودة الاستقرار في ربوع تركيا بالكامل وعودة السياح الروس مرة أخرى، بعد الانفراج الكبير في العلاقات التركية الروسية. وأشار إلى أن السياحة الأوروبية تراجعت بنـــسبة 30 في المئة هذا العام بسبب الانقلاب الفاشل وعمليات الإرهاب لكنها ستعود إلى طبيعتها تدريجاً. وأعرب عن أمله في رفع الحظر المفروض على سفر المواطنين الإماراتيين إلى تركيا، مشيراً إلى أن الأتراك يواصلون السفر والعمل والتجارة مع شركائهم في دولة الإمارات وكل الدول الخليجية. وكشف النقاب عن استمرار العمل في تشييد مطار في إسطنبول بطاقة استيعابية تبلغ 90 مليون مسافر سنوياً. مشيراً إلى أنه سيتم افتتاح هذا المطار في عام 2018. وتوقع ارتفاع عدد المسافرين فيه بحلول عام 2021 إلى 150 مليون مسافر سنوياً. وقال إن الطاقة الاستيعابية للمطار الجديد تصل إلى 550 طائرة مؤكداً أنه الأحدث عالمياً في استخدام التقنية العالية. وأشار إلي أن مطار أتاتورك إسطنبول يستقبل 70 مليون مسافر سنوياً وهو الثاني عالمياً بعد هيثرو في عدد المسافرين. إلا أنه أكد أنه بعد افتتاح المطار الجديد عام 2018 سنصبح أكبر مطار في أوروبا والأول عالمياً في عدد المسافرين. وأوضح أن «الخطوط الجوية التركية» تقوم حالياً بتسيير رحلاتها إلى 280 وجهة حول العالم، بما فيها 238 وجهة دولية و42 وجهة محلية. وسيشهد نمو شبكة خطوط الناقلة تعزيزاً آخر بإطلاق وجهات أميركية جديدة، مثل أتلانتا، ووجهات أفريقية جديدة، وكذلك في أنحاء أوروبا.
مشاركة :