المرشح الجمهوري المثير للجدل، دونالد ترامب، مهما كان رأيك فيه، ميزته هي كسر القوالب النمطية السياسية، لدرجة الجنون ربما عند البعض. صرح قبل أيام أن منافسته الديمقراطية، والرئيس الآفل باراك أوباما، هما من أسس تنظيم داعش! التصريح أحدث صدمة، فهو في تعليقه هذا تجاوز حتى الانتقادات الحادة التي كان يسددها رموز جمهورية، مثل السيناتور ماكين والسيناتور غراهام، بأن «سياسات» أوباما الضعيفة هي التي «هيأت» المناخ لولادة «داعش». تدارك ترامب الأمر، وعلق بـ«تويتر»: «تم أخذ وصفي للرئيس أوباما وكلينتون كمؤسسين لـ(داعش) بجدية. ألا يفهمان السخرية؟». لكن بعيدًا عن السخرية النارية، لم يبعد ترامب كثيرًا عن الحقيقة! نعم - ليس بالمعنى القصدي الواعي - لكن سياسات أوباما ساهمت بولادة «داعش»، فلولا السياسات المتخاذلة، المشوشة، المترددة، الكيدية، بخصوص سوريا والعراق، من قبل إدارة أوباما، لما وصل الحال لذلك البؤس. لا نقول سبب ظهور «داعش» في العراق ثم سوريا، هو قرار أوباما سحب القوات الأميركية من العراق 2011، فنعم، حجة محازبي أوباما، قوية، وهي أن القرار متخذ آخر عهد بوش الثاني. سياسات من نوع منع المقاومة السورية من التسلح الحقيقي، وملاحقة أي دولة تريد تقديم الدعم النوعي الحقيقي للمقاومة، وردود الفعل الرخوة على جرائم النظام الأسدي، وميليشيات إيران، أدى لمناخ غضب ويأس، كانت «النصرة» هي المستثمرة فيه، ثم «داعش». لو كان أوباما «حازمًا» بخطه الأحمر الشهير الذي رسمه، حول استخدام الأسد لغاز السارين. لو كان أوباما حازمًا في دعم المقاومة الوطنية «م الأول خالص» حسب اللهجة المصرية، لما ضعف موقف الوطنيين السوريين، لصالح القوى التكفيرية. هل يعني ذلك تبرئة الذات المسلمة من المشكلات الثقافية الخاصة؟! لا طبعًا، وهذا تحدثنا به مئات المرات، وتحدث كثير من المسلمين حوله، وسنظل نتحدث، لكن الكلام هنا عن حالة محددة ودور محدد. نعم.. نسيت! هناك من أخذ اتهام ترامب بجدية. أعني أمين الحزب الأصفر بلبنان، حسن نصر الله، فقد تفتق خياله عن تفسير مختلف لهذا الاتهام، حيث اعتبر أن ترامب صادق في اتهامه لأميركا، نصر الله قال أميركا كلها، ولم يحصر التهمة بعهد أوباما، والسبب في رأي السيد الحصيف، هو أن ذلك كان لضرب محور الممانعة، وفي مقدمه «حزب الله»! يعني بالنسبة لنصر الله، أوباما، أكثر رئيس أميركي «لطيف» مع إيران وكل الممانعين معها، هو الذي صنع «داعش» و«القاعدة» لضرب المحور المقدس الذي تقوده إيران، التي استبسل أوباما لإعادتها للعالم. إي والله، قال ذلك. m.althaidy@asharqalawsat.com
مشاركة :