الميدان التربوي يعج بثلة كبيرة من "معلمي الصف" الذين لهم شخصياتهم الأبوية وصفاء نفوسهم الزاهية وهيبتهم التربوية، وقوة عزيمتهم وإرادتهم، والتي قد ساهموا بها في صنع جيل وراء جيل من أبناء هذا الوطن المعطاء، ليستمر العطاء والبناء ولينضموا جنبا إلى جنب مع من سبقوهم من التلاميذ لمواصلة المسيرة والعطاء، ولكن المحزن هنا أين نحن طوال هذه السنين من هذه الخبرات التربوية؟ ولماذا لم يتم إنشاء قاعدة بيانات أو هوية أو تخصص لهم بمسمى "معلم صف". وتمكينهم من هذا التخصص الذي أصبح بمثابة الحلم لديهم. إن هؤلاء الأساتذة العظماء الكرام والذين بذلوا أوقاتهم وجل صحتهم من أجل بناء وتأسيس جيل يخدم دينه ووطنه ومليكه ليستحق الدعم والمساندة من جميع فئات المجتمع، ومن صاحب القرار بوزارتنا التعليمية.. من أجل منح تخصص أو هوية، وهل هذا هو جزاء هؤلاء المعلمين! وإلى متى ومعلم الصف يعيش في تقلبات إدارية تعيق استقراره النفسي وتؤثر على عطاءاته المتتالية سنويا... وكذلك على تطوره وتأهيله وأيضا على ثقته في نفسه وفي أدائه! ومتى لهذا المعلم بتخصص يحفظ له مكانته العملية، ومهنته التي هرب منها الكثير وتعالى عليها الكثير! وكذلك إلى متى يبقى قابعا تحت رحمة وفتات التخصصات الأخرى؟ إلى متى ومعلم الصف لا يستطيع النقل من منطقة إلى منطقة ولا أيضا من قطاع إلى قطاع؟ إلى متى ومعلم الصف بلا تخصص في إدارات وأقسام شؤون المعلمين والمعلمات؟ إلى متى ومعلم الصف يكبح تحت ضغوط الأنظمة التقليدية؟ إلى متى ومعلم الصف يكون الضحية في تشكيل هيئة التدريس بالمدرسة؟ إلى متى ومعلم الصف يعمل بدون ثقة وفي خوف مستمر لأجل استدعائه في أي لحظة للمرحلة المتوسطة أو الثانوية، بفعل نقص أو تسديد احتياج؟ نتمنى أن تحذو شؤون المعلمين حذو إدارة التعلم الأساسي التي منحت مميزات لمعلمي الصفوف الأولية بتقديم حافز الإجازة لهم عن بقية المعلمين الآخرين، وننتظر ونأمل بإعادة برنامج الدبلوم التربوي لمعلمي الصفوف الأولية، لقد عانى معلم الصف كثيراً فهل من مجيب؟ وعانى أيضاً قائد المدرسة لعزوف المعلمين عن تدريس الصف ولما يترتب عليه من إخلال تام بمنظومة وتركيبة المؤسسة التعليمية لديه، ننتظر الخطوات الجادة التي تعمل عليها الوزارة أن ترى النور قريبا قبل بداية العام الدراسي الحالي!
مشاركة :