عقب سلسلة تأجيلات منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، الذي شهد حادثة اقتحام مبنى البرلمان الأولى، والعبث بمحتوياته من قبل متظاهرين غاضبين تنتمي الغالبية العظمى منهم للتيار الصدري، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، منح البرلمان العراقي بجلسة كاملة النصاب أمس الثقة لخمسة وزراء من أصل ستة، تقدم بهم رئيس الوزراء حيدر العبادي. ومنح البرلمان الثقة لكل من عبد الرزاق العيسى وزيرًا للتعليم العالي والبحث والعلمي، وحسن الجنابي وزيرًا للموارد المائية، وكاظم فنجان وزيرًا للنقل، وجبار لعيبي وزيرًا للنفط، وآن نافع أوسي وزيرة للإعمار والإسكان، فيما رفض تسمية يوسف الأسدي وزيرًا للتجارة. وفيما كشفت ميسون الدملوجي، عضو البرلمان عن ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه إياد علاوي لـ«الشرق الأوسط» عن تلقي الأخير مكالمة هاتفية مساء أول من أمس من رئيس الوزراء حيدر العبادي، يدعوه فيه إلى ترشيح شخصية من ائتلافه لوزارة التجارة كون هذه الحقيبة من حصته، فإن علاوي «أبلغ العبادي رفضه المشاركة في الحكومة وربما أي حكومة مستقبلاً، لأننا نرى أن هذا الأسلوب الترقيعي في بناء الدولة لن تكون له نتائج إيجابية». إلى ذلك، قاطع رئيس البرلمان سليم الجبوري، رئيس الوزراء حيدر العبادي، الذي ألقى كلمة قبل عرضه أسماء الوزراء الجدد للتصويت، دعا خلالها إلى ألا يكون الاستجواب لأغراض سياسية، داعيًا رئيس الوزراء إلى التركيز في كلمته على أصل المسألة وهي الكابينة الوزارية. وبينما بدا الإحراج على العبادي الذي فوجئ بهذا الرفض من الجبوري، فإن الأخير بدا عليه التوتر وهو يقاطع العبادي، مما يعكس برودًا في العلاقة على خلفية استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي، بالإضافة إلى ما عده العبادي جهودًا من قبل الجبوري لاستجوابه شخصيًا. وكان العبادي ألقى كلمة في البرلمان قال فيها إن «الاستجواب حق دستوري للبرلمان، لكن يعلم الجميع أنه يجب ألا يكون للاستهداف السياسي». وأضاف: «إننا مع أن يمارس مجلس النواب دوره التشريعي والرقابي، ولسنا ضد استجواب الوزراء والمسؤولين، ولكننا ضد الاستجواب السياسي». من جهته، أعلن رئيس الجبهة التركمانية ورئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، أن «ما جرى في البرلمان لم يكن سوى صفقة سياسية بعكس ما يدعون بأن المرشحين تكنوقراط، وما إلى ذلك من كلام يراد به ممارسة مزيد من الخداع السياسي للناس». وأضاف الصالحي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزراء الخمسة الذين تم التصويت عليهم خلال جلسة البرلمان لو لم يرض عنهم رؤساء الكتل السياسية لما تم تمريرهم، بدليل أن الوزير السادس وهو وزير التجارة لم تحصل الموافقة عليه، كون هذه الوزارة حصة ائتلاف الوطنية الذي لم يشترك، وبالتالي لم يصوت على هذا المرشح». وحول الأسباب التي حالت دون إشراك وزير من المكون التركماني في الحكومة، قال الصالحي: «بصراحة العبادي خذلنا كمكون تركماني، بعد أن كان قد وعدنا بمنح التركمان مقعدًا في الحكومة، إذ إن وضعنا نحن كمكون يختلف عن باقي المكونات، لأننا نحتاج إلى صوت سياسي يمثل التركمان وليس مجرد تكنوقراط حال الشيعة أو السنة أو الكرد، الذين لكل منهم عدة وزراء، وبالتالي لا يهمهم أن يكونوا تكنوقراط، بينما نحن حصتنا وزير واحد، وفي حال تم من التكنوقراط فقط دون أخذ رأينا، فإن هذا يعني أنه سيكون ضعيفًا، وبالتالي أداة بيد رئيس الوزراء»، مشيرًا إلى أن «كل ما نريده نحن هو أن نتولى نحن كمكون تركماني ترشيح شخصية من التكنوقراط، ولكن بخلفية سياسية لتولي أحد الحقائب الوزارية، وهو ما سوف يتم في المستقبل، إذ إننا لن نتخلى عن هذا الحق». على صعيد متصل، وبعد أن صوت النواب بعدم القناعة بأجوبة وزير الدفاع خالد العبيدي، خلال جلسة استجوابه العاصفة قبل نحو 10 أيام، ما عدا 5 نواب صوتوا لصالحه؛ 4 منهم من التحالف الوطني الشيعي وواحد من تحالف القوى الذي ينتمي إليه العبيدي، أعلن رئيس البرلمان، أنه تسلم طلبًا من النائبة عالية نصيف، موقعًا من 63 نائبًا لسحب الثقة من الوزير، معلنًا إدراج الطلب على جدول الأعمال للجلسات المقبلة. وكان القضاء العراقي أصدر خلال اليومين الماضيين أوامر بإلقاء القبض على نجل وزير الدفاع وضباط في الوزارة، في إطار التحقيق بقضية استجواب وزير الدفاع واتهاماته بالفساد لرئيس البرلمان ونواب ومسؤولين. وكان وزير الدفاع كشف عن مقطع فيديو - يظهر فيه كما يقول الوزير - «لمواطن يعمل موظفًا بوزارة المالية حضر إلى مقر وزارة الدفاع ليومين متتاليين وأصر على مقابلة وزير الدفاع، لإبلاغه شخصيًا بما سماها (وقائع تهدد أمن العراق وأموال الشعب العامة)». وأشار العبيدي إلى أن «تصوير المقابلة التي سلمت إلى القضاء الأسبوع الماضي، اضطر لعرضها لإسكات أصوات الفاسدين وأبواقهم العالية»، على حد قوله. لكن الشاهد المذكور ولدى مثوله أمام القضاء انهار وأكد أنه تم تلقينه من قبل شخصيات مقربة من الوزير، من بينهم نجله، فضلاً عن ضابطين كبيرين في الوزارة.
مشاركة :