نصف قرن من العطاء.. شكراً معهد الإدارة

  • 2/9/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا أعتقد أن من المهم كثيراً الحديث عن الجامعات السعودية وعدم حيازة تصنيف متقدم على المستوى العالمي، فالطموح يبدو أقل من ذلك بكثير ولو في هذه المرحلة، هو فقط بالنسبة لكثيرين بمقدار أن تلبي تلك الجامعات حاجات سوق العمل، في هذا السياق تبدو جامعة الملك فهد للبترول والمعادن متصدرة قائمة الجامعات في التخصصات الهندسية والإدارية، حتى لا تكاد ترى عاطلاً واحداً منها من إجمالي نسبة البطالة في المملكة التي انخفضت خلال الربع الثالث من عام 2013م إلى 11.7% بعد أن كانت 12% في عام 2012م حسب مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، هنا يبدو الثناء على الصروح العلمية التي استطاعت منح خريجيها علماً وشهادة تجعلهم بحق يفتخرون بها ويعيشون حياة متميزة عن أقرانهم واجباً وحقاً علينا، وإن كان الوضع الطبيعي هو أن تكون كذلك، في هذا المقام يظهر لنا بوضوح معهد الإدارة العامة في المملكة كصرح ونموذج علمي راقٍ ومتميز كان ولم يزل يمد سوق العمل بأفضل الكفاءات، ما حدا بالشركات عموماً إلى التسابق على خريجيه والظفر بهم. في هذا العام يُتم معهد الإدارة 55 سنة من العمل، كانت بدايتها عام 1380هـ، وكان أول مدير له هو معالي الأستاذ محمد أبا الخيل. يقدم المعهد شهادة الدبلوم في مجموعة من التخصصات الإدارية، وترتكز نشاطاته على مجموعة محاور أساسية هي التدريب، البحوث، الاستشارات والتوثيق الإداري، وتنص رسالته على «أن المعهد يعمل على تحقيق التنمية الإدارية في المملكة من خلال تقديم خدمات متميزة وذات جودة عالية بأقل تكلفة للقطاعين الحكومي والأهلي، ترقى إلى مستوى توقعات المستفيدين منها، وتحقق رضاهم»، وأعتقد أنه بالفعل نجح في تحقيق رسالته وما أراده أن يكون. حينما استطاع هذا المعهد أن يتميز فإنما كان ذلك عن طريق مشاركته الشركات عموماً المواصفات والمقاييس التي يريدونها في الموظف، هذا النوع من العلاقة الوثيقة جعلهم في عملية تطوير مستمر، إذ إنَّهم (منتجون) والمنتِج يبحث كوضع طبيعي عن الجهة التي تقبل منتجه، هذا النوع من الإدراك هو الذي منحهم هذه الشعلة والحماس في التطوير، ويبدو في هذا السياق كثير من الجامعات والجهات التعليمية الأخرى غير قادرة حتى الساعة على الاحتذاء بهذا النموذج الناجح، الأمر الذي جعلهم بالنتيجة متأخرين كثيراً ولا يستطيعون أن يقدموا لخريجيهم في بعض الأحيان إلا شهادة انضمام إلى أعداد البطالة. لمعهد الإدارة ثلاثة فروع فقط في المملكة، في الرياض وهو الأول، ثم أنشئ فرع الدمام عام 1393هـ وفرع جدة عام 1394هـ، كما أن لديه مركزاً نسوياً واحداً في الرياض، وهذا العدد القليل جداً لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع تميز المعهد وقدرته على الوفاء بمتطلبات سوق العمل، ما نتمناه جداً هو أن تمتلئ مدن المملكة به، لأنه بالفعل الدجاجة التي تبيض ذهباً، والذي كان ولم يزل يخرِّج الكفاءات والقيادات الإدارية التي استطاعت بما لديها من علم أن تفرض نفسها على المنظمات التي تعمل بها، فكان أن تميزت على الجميع ووصلت إلى أعلى المناصب. اليوم لقيادات معهد الإدارة أن يفتخروا بالعمل في هذا الصرح العلمي الراقي، ولجميع طلابه والمتخرجين فيه أن يكونوا فخورين كذلك به، فهو بحق مثال رائع للنموذج الأكاديمي المحترف الذي يُدرك قبل كل شيء أساساً بديهياً وهو ضرورة أن يملك أذناً مُصغية لسوق العمل الخارجي وما يطلبه، كل الدعاء والأمنيات لإدارته ومنسوبيه بدوام هذا التفوق، والأمل أن تتَّبع الجامعات والصروح التعليمية الأخرى نموذج معهد الإدارة العامة لتطوير منظماتهم.

مشاركة :