حرارة صيف هذا العام وصلت معدلات مخيفة، إذ تجاوزت الخمسينات بل ربما أكثر بحسب تكهنات المهتمين بالطقس وتقلباته. البعض منا قد يتساءل عن أصحاب الدخل المحدود أو البسيط جدا، والذين يتدنى مدخولهم الشهري ليحصر في تحصيل الضروريات، فكيف لهم بالهروب من هذا الحر بحثا عن الأجواء العليلة، أو حتى اقتناء الحديث من أجهزة التكييف التي باستطاعتها مكافحة هذا اللهيب والتقليل منه. ما يعد مفارقة عجيبة، أن بعضا من هذه المناطق صنف كمناطق سياحية، تنظم فيها فعاليات إنشادية ومسابقات تسلية تكرر كل عام، وإن سلمنا بأن تلك الجهود هي بهدف تقديم الترفيه للمواطن الذي ليست لديه القدرة على قصد الأجواء الباردة داخليا أو خارجيا، إلا أن تلك الميزانيات التي تصرف على هذه البرامج المترهلة لو صرفت على تطوير المشاريع السياحية في المناطق المعروف عنها الاعتدال، وتمت المراقبة وضبط جشع المستثمر الذي يبالغ في رفع أسعار الشقق السكنية والمواد الاستهلاكية، وكل ما يمكن للمواطن احتياجه، لاستطاع متوسطو الدخل السفر داخليا، غير أن فحش الأسعار وغياب الرقيب يجعل السياحة في بعض الدول أيسر وأرخص بكثير من بعض مناطقنا التي لا تملك أي مقومات سياحية سوى أنه لا بديل سواها، فشوارعها تعاني التشوية، ومراكز الترفيه تغص بالبشر وتنعم بالإهمال وفقدان النظافة، بل الوجود فيها لدقائق معدودة يمكن أن يرفع معدل الضيق عندك إلى أن تهذي ساخطا على نفسك والمكان، وهنا نتعاطف مع الشباب وهم عاجزون عن إيجاد مراكز أنشطة وترفيه تلم شتاتهم في الأسواق والاستراحات، منكبّين على الأجهزة الذكية المفتوحة على عيوب العالم دون رقيب. أمر السياحة في الصيف يحتاج التفاتة جادة لاستثماره، في إيجاد متعة وترفيه للمواطن مع رقي ونظافة في الخدمات المقدمة، وأسعار مناسبة في قدرة الأغلبية دفعها، وهذا الطرح ليس بجديد ومع كل صيف يعاد تكراره، الغرابة أنه لا تغيير ولا التفاتة لما يطرح، ويبقى فصل الصيف جاثما بحرارته التي ترفع معدل الضيق، وتزيد هدر وقت الشباب، وإغراقهم في بحر الأجهزة الذكية، ومواقع التواصل التي تفيض بالغث أكثر من السمين.
مشاركة :